قررت أن تغير من واقعها الكئيب معه ، قرر هو الآخر أن يغير من واقعه الغير محتمل معها ، ذهبت تعد لحفل من نوع خاص ، عطر فرنسى ، لحن يسرق العقل ، شمعة كبيرة متألقة بضوء الخجل ، زهور متناثرة هنا وهناك ، ملابس لم يبصرها من عقدين ، شفتان تحاولان اتقان الهمس ، يدان بريئتان من روائح المطبخ ، قرر هو أيضا أن يثور على كل ركوده ويحمل معاول الهدم بكل قوتها ليحطم أصنام خموله وروتينيته ، هندم نفسه كأبهى ما يكون ، طرز وجهه بابتسامة من نوع رومانسى نادر ، صحب تلك الوسيمة إلى أحد الأماكن الراقية ، كانت تشعر بسعادة تكاد تعصف بها وهى تتأبط ذراعه ، طاولة مستديرة ، عليها صنوف من الطعام كانت على موعد مع العاشقين ، نسى من ورائه تلك التى ظلت تريق أنهار العطور والبخور حتى أغرقت ثنايا البيت ، ثم استكانت إلى شمعتها الخجولة ، نتظرة عودته ، لكنه لم يعد ....لقد كان هناك يراقصها على وقع لحن ناعس ، عيناه تخترق عينيها وتبحر فيهما متحدية كل الظروف ... هى لازالت هناك تتحدى النوم الذى بدأ يسطو على تلابيب عينيها ، أم كلثوم والأغنية التى كان دوما يعشقها "فات المعاد" .. طقوس المحبة باتت طلاسما مستحيلة ، أنهى رقصته ، اتجه الى مأذون شرعى ، صارا أمام الله والناس زوجين ،. الشمعة أوشكت على الموت ، ولازالت كوكب الشرق تشدو ... وبقينا بعاد بعاد بعاد ودع حبيبته فى عش زوجيتها بعناق طويل عاد متمالكا لبعض أعصابه ، كان الظلام يغلف كل شىء ، أنار كل شىء حوله ، كانت نائمة تماما وترقد بجوارها شمعة خجولة مطفأة ، وعود بخور جريح وبقايا عطور تجوب أروقة المكان قبل أن تداعب أنفه المكفوفة عن العمل من لحظات ، تعجب من هذا المشهد المأساوى الغريب ، تعثر فى شمعدان نائم أصدر صوتا استيقظت على أثره ، ناسية أمر التغيير ، غلب عليها النعاس فنهضت متجهة نحو السرير فى شبه غيبوبة دون أن تتذكر حتى أن تسأله عن سبب تأخره ،بينما كان يتذكر مشاهد الليلة العذبة الخيالية ، تكومت فى مرقدها تصدر شخيرا مزعجا ، ظل هو ساهرا يتذكر همساتها ، رقصتها ، رشاقتها ، عطرها ، أنوثة بكل ما يمكن للكلمة أن تتحمل من معانِ ، أطفأ الأنوار فى طريقه للنوم ... نهض مسرعا نحو الخارج ...آه.. لقد نسى أن يريح جسد المذياع الذى تعبت سيدته وهى تستغيث " تفيد بأيه يا ندم يا ندم وتعمل ايه يا عتاب"