قلما تجد صفة في القرآن وصفها المولى عز وجل بكونها "كَبُرَ مقتا" من صفة أصحاب الأقوال الذين لا يترجمون أقوالهم إلى أعمال وأفعال تتوافق مع أقوالهم لذلك قال تعالى"كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"، ويصدق هذا القول على معظم الليبراليين الجدد تراهم على شاشات التلفاز يتحدثون عن الديمقراطية وكيف هي أمل الشعوب في الخلاص من العبودية والظلم والاستبداد، ثم تشاهدهم وهم يرفضون الديمقرطية في الوقت ذاته فيطلبون عدم التسليم بنتائج استفتاء شعبي على التعديلات الدستورية، وقد خرج لأول مرة ما يقارب 14 مليون ونصف من المواطنين، ويتحدون الشعب بلغة تتسم بالعار السياسي ويطالبون بدستور جديد ضاربين بعرض الحائط آراء 14 مليون ونصف من المواطنين لسبب بسيط أن المواطنين لم يقتنعوا بحجتهم ولم ينصتوا إلى دعوتهم للتصويت بلا على التعديلات الدستورية. وقد أوجع الليبراليون الجدد أسماعنا بأن ليبراليتهم تدعو إلى التعايش مع الآخر، ومن ثم الاعتراف به وبحريته في التعبير وبعدم الحجر عليه وباحترام رغبته ورأيه، ثم عندما لم تتفق معهم بعض قوى ائتلاف الثورة وحزب الوفد والإخوان والسلفيون في الخروج للتظاهر يوم الجمعة اتهموهم بالخيانة وكان نصيب التخوين الأكبر كان من نصيب الإخوان المسلمين دون احترام رأي الآخر وحريته في إبداء الرأي مثل بوش في حربه على الإرهاب من ليس معي فهو ضدي، ونعم مثل تلك الليبرالية. أن الليبرالين الجدد يتسمون بسلبية غير مفهومة وغير مبررة، الشارع مفتوح أمامهم ليس هناك أمن دولة يمنعهم من التواصل مع الناس، لم يعد هناك مانع يمنعهم من الانفتاح على الناس والتعرف على قضاياهم ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم، ولكن اكتفوا بالنواح والصريخ أن الإخوان أكثر تنظيما منهم، كيف يصدق إنسان عاقل أن الليبراليين يشتكون من وجود فصيل سياسي أكثر تنظيما منهم إلا إذا كانت ليبراليتهم تشترط وجود أحزاب مفككة وتشترط عدم وجود فصيل سياسي قوي، لذلك اندهش العالم كله من هذه الشكوى وملّ من كلامهم، لذلك خرج السفير الأوروبي عن شعوره وهو يتحدث في لقاء مائدة مستديرة عن الأوضاع في مصر بعد الثورة، وعما يتردد عن صعود الإسلاميين واقترابهم من الفوز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية. وقال «إن هذا ما يتمناه الإخوان. ولكن إذا قال كل واحد إن الإخوان سيفوزون وأنهم سيسيطرون على البرلمان، فسوف يحققون هدفهم بالفعل. ونصيحتي أنه بدلا من أن تقضوا وقتكم في الشكوى، اخرجوا إلى الشارع وشكلوا حزبا أو أحزابا واتركوا ميدان التحرير إلى الصعيد والأقاليم.. فأنتم على أهبة الدخول في عملية ديمقراطية كبيرة. والحراك السياسي يقتضى أن تغيروا مواقفكم من الاحتجاج والتظاهر حول مطالب معينة، إلى الذهاب إلى الجماهير وإقناع الناس بالقضايا التي تناضلون من أجلها وتدافعون عنها!