نعيش هذه الايام فترة من (الهرج) الذي حذر منه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وأخبر انه سيصيب الامة وانه من علامات الساعة، فقال: «ان بين يدي الساعة الهرج» قالوا: وما الهرج؟ قال: «القتل) قالوا: أكثر مما نقتل!! فقال: «انه ليس قتلكم المشركين، ولكن قتل بعضكم بعضا)، قالوا: ومعنا عقولنا يومئذ؟! قال: «انه لينزع عقول اكثر اهل ذلك الزمان ويخلف له هباء من الناس يحسب اكثرهم انه على شيء وليسوا على شيء)رواه أحمد. بالله عليكم ألا يصف هذا الحديث ما يحدث في بلاد المسلمين هذه الايام، نعم والله، وهذه معادلة محسومة ولوحات مرسومة ملخصها ان الهرج هو نتاج ذهاب عقول الكثيرين مع قتل العزّل والمستضعفين. والعاقل الحكيم هو الذي يتجنب مواطن الهرج ويقول يا ليت بيني وبينها بعد المشرقين، والأكمل والأفضل من ذلك كله من يعمل بوصية حبيبه صلى الله عليه وسلم القائل «العبادة في زمن الهرج كهجرة إليّ»، والقائل «بادروا بالأعمال فتنناً كقطع الليل المظلم»، فيشتغل عن هرج الناس بعبادة رب الناس ليكفيه الله شر تلك الفتن. ومن باب التناصح في الله - في زمن قل فيه الناصح - اذكر اخواني بعبادة عظيمة تهاون فيها كثير من الناس الا من رحم الله تعالى وهي الصلاة والدعاء في الثلث الاخير من الليل، ففي الحديث «ينزل الله تعالى الى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الاخير فيقول: من يدعوني فأستجب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له»، وهذه دعوة من القلب لرفع أكف الضراعة لله في وقت السحر لينصر كل مستضعف مظلوم ويغيث كل مستغيث محروم وينتقم من كل ظالم غشوم ويؤلف – في جميع بلاد المسلمين – بين الحاكم والمحكوم. والعجب ان ينطق احد الكتاب قبل ايام – وكلامه يعتبر مثالاً واضحا للهرج الذي تعاني منه الامة- فيبدأ مقاله الغثيث بالاستهزاء بالدعاء في جوف الليل وقد ثبت فضله – كما تقدم – عن المعصوم صلى الله عليه وسلم !! انها والله عقول مفتونة اشربت الحقد الاسود على كل ما له صلة بشرع الله ثم يرفع اصحابها عقيرتهم وينادون على الملأ انهم اهل الدراية والخبرة. ان الذي حذر من فتنة الهرج هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي حث على الدعاء في ثلث الليل الاخير هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليحترم كل كاتب نفسه، وليكف لسانه عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا كسر انصارها قلمه فقرع من ندم سنّه!! حقا انه هرج تولى كبره رويبضات فاللهم لا شماتة!!