دكتور/ محمد زين العابدين عبد الفتاح شاهدت وسمعت البارحة في برنامج مانشيت على قناة أون تي في لقاء مع مجموعة من طاعمي مصر وتاج رؤوس كل مصري، مع بناة الوطن والمتفضلين عليه، مع من قبّل رسولنا الكريم أيديهم الخشنة وقال : هذه أيد يحبها الله ورسوله ( الفلاحين ) الذين نعيش من غرس يدهم، فاحترام كل فرد من أفراد المجتمع واجب على كل مواطن مهما كانت درجة مسئوليته فهو خادم لمصر وواجب عليه احترام كل مصري مهما دنت أو علت وظيفته ، لا أقول منزلته، المنزلة لا تقاس بشهادات أو مناصب، وأخص بالاحترام والتقدير ذلك الفلاح الذي يكد ويشقى من أجل أن يعيش غيره، فلا أقل من أن نكن له كل التقدير والاحترام أو نضعه تاجا فوق الرأس، وكفاهم ما عانوه في مصر على وجه الخصوص من ظلم وقمع واجحاف وهضم للحقوق لمدة أربعة عقود مضت ، لا ردها الله، فبعد أن كانت مصر مصدرة للقمح والأرز والقطن، باتت تستجدي رعاة البقر وقتلة البشر، وذلك بتجنيد أحذية من حكام العرب داسوا بها على رقاب المصريين وغيرهم، الشاهد في الموضوع ، وما دفعني أن أكتب هذا المقال، ما سمعته أثناء مشاهدتي للحلقة من خلال مداخلة لدكتورة مدحت فيها الدكتور عصام شرف وأثنت عليه وأنا لا أخالفها في ذلك المدح والثناء ، وجعله الله أهلا لذلك، لكنها فجرت بداخلي موضوعا خاما حين قالت اليوم يوم تاريخ وسوف يسطره التاريخ بين طياته ، لماذا ؟ لأن الدكتور عصام استقبل وفد الفلاحين بنفسه، وكأن الفلاحين متدني القدر لدرجة أن يستكثروا عليهم استقبال رئيس الوزراء لهم، مع احترامي الشديد للدكتور عصام ، وبعدا عن الكتابة التي تتسم بطابع الذاتية، أقول إن ما يفعله المسئول تجاه أي مواطن لا يخرج عن الواجب الذي تحتمه عليه وظيفته التي يخدم من خلالها أولئك المواطنين ، وكما نعلم جميعا لا شكر على واجب، وما أخشاه ليس من الدكتور عصام بل ما قد يحدث من غيره، أن يحسب ذلك صدقة وإحسانا منه أن يتفضل على المواطنين بمقابلتهم ، ومن هنا تبدأ النهاية ويشرع الحاكم في تنصيب نفسه فرعونا على الشعب. ومع احترامي لكل مسئول سواء كان رئيسا للدولة ، أو رئيسا للوزراء أو أي منصب في الدولة ، لا أقبل أن يقدم له الشكر على قيامه بواجبه، فهو فعل ما فرضته وظيفته عليه، ولا يشكر أحد على تأديته لما هو فرض أو واجب، هل نشكر إنسانا لأنه يصلي أو يصوم؟ فرئيس الدولة أو رئيس الوزراء قام بمهام واجبة عليه، ولماذا لا نشكر عامل النظافة عندما يقوم بمهام عمله ؟ هل هناك فرق في أداء الواجب؟ أما أن هذا رئيس للدولة أو للوزراء، وذاك عامل نظافة؟ كلهما موظف للشعب ، يقوم بخدمتهم وفق ما خول لهم الشعب من صلاحيات، كل حسب قدراته. إن شكر الحاكم على فعل الواجب قد يقود إلى التفرعن ، ظنا من ضعاف النفوس أن ما يقوم به من قبيل الصدقة والإحسان، لأنه رئيس وهم رعية، فليس كل حاكم مثل عمر رضي الله عنه؟ فقد كان يقول : " لو عثرت بغلة في العراق – وهو في مكة – لحاسبني الله عليها، لما لم تصلح لها الطريق يا عمر؟" وكان يقول: الضعيف فيكم عندي قوي حتى آخذ الحق له، والقوي فيكم عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه" لذلك ولغيره قيل عنه " حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر" ومع كل ذلك لم نسمع أن قدم أحد من رعيته الشكر له على واجب مفروض عليه، بل إن أحد المسلمين قال له في خطبة ما " لا سمع لك ولا طاعة ياعمر" فسأله لماذا ؟ قال أخذ كل منا ثوب والثوب الذي عليك يعادل ثوبين ، فمن أين لك بالثاني يا عمر؟ فقال أجبهم يا عبد الله بن عمر، فقال تبرعت لأبي بثوبي لأنه طويل القامة ولا يناسبه ثوب واحد. – ذاك الفاروق وما أخلاق تشابهه، يوم اشتهت زوجته الحلوى – قال من أين ثمن الحلوى فأشريها، ما زاد عن قوتنا فالمسلون به أولى، فقومي لبيت المال رديها. " تماما مثل ما كان بيعمل حسني مع سوزان (رضي الله عنها)". فما فعله الدكتور عصام شرف هو من قبيل الواجب ، لا من قبيل الصدقة والإحسان، إن شكر الحاكم ومدحه على قيامه بواجبه بداية لخق طاغوت جديد، ولا يجوز لحاكم أن يقبل هدية فقد نهى الرسول عن ذلك ، فعندما جاءه جابي الصدقات فقال له هذا لبيت المال وهذا أهدي إلي، فغضب رسول الله – صلى الله عليه وسلم- حتى أحمرت وجنتاه ، ثم صعد المنبر فقال: فيما رواه عبد الله بن محمد حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له ابن الأتبية على الصدقة فلما قدم قال هذا لكم وهذا أهدي لي، قال: فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر يهدى له أم لا ، والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منه شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيرا له رغاء أوبقرة لها خوار أو شاة تيعر ثم رفع بيده حتى رأينا عفرة إبطيه اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت ثلاثا . فما بالكم بمن نهب أموال مصر وثرواتها ؟ فلا ينبغي أن نقبل حاكما لا تتساوى رأسه مع رأس أي مواطن مصري مهما كانت طبيعة عمله أو ثقافته.