حاول اوباما في زيارته الاخيرة راب الصدع في العلاقات الامريكية السعودية واحتواء السخط السعودي من البيت الابيض والتأكيد على العلاقات الاستراتيجية بين البلدين ، رغم ان هناك اصوات داخل الولاياتالمتحدةالامريكية بدأت تنتقد فكرة التحالف مع السعودية لعدد من الاسباب اهمها : - موضوع حقوق الانسان في السعودية ، وهو الموضوع الذي تجنبت الولاياتالمتحدةالامريكية اثارته بامتياز ، رغم مطالبة حقوقيين بفتح ملف انتهاكات حقوق الانسان في السعودية خاصة ما يتعلق بقمع المعارضة وحقوق المرأة . - طبيعة النظام السعودي حيث وصفه عدد من المحللين السياسيين الامريكيين بأنها نظام "رجعي " تسوى فيها الخلافات عبر الدسائس و المؤامرات ، وقراراته السياسية اقرب للارتجال ، وقادتها من اشد الرافضين للتصالح مع الديمقراطية ، وهو الامر الذي قد يسيء الى صورة الولاياتالمتحدة في الفترة التي تشهد فيها المنطقة العربية تغييرا سياسيا عميقا نحو الديمقراطية . هذه الانتقادات لم تؤثر في نية البيت الابيض بالاحتفاظ بالحليف السعودي القديم حتى وان كانت علاقتهما عرفت تدهورا في الفترة الاخيرة بسبب الخلافات حول طريقة معالجة الامور في عدد من الملفات السياسية العربية والإقليمية ،إلا ان هناك عوامل اخرى توثق علاقتهما من بينها المصالح الاقتصادية وحاجة الولاياتالمتحدةالامريكية الى النفوذ السعودي لتسوية بعض الملفات ومن ضمنها النزاع الفلسطيني _الاسرائيلي . اما نقاط الخلاف الجوهرية بين البلدين حسب ملفاتها فهي كالتالي : الملف الايراني : بالنسبة الى اوباما فان عقد اتفاق نووي بين الغرب وإيران يعد أولوية في أجندة الأمن القومي ، في حين السعودية مضت بعيدا في عدائها لإيران وبناء تحالفات اقليمية وعربية مضادة واستثمرت جهودا بحيث اصبح من الصعب التراجع عن هذا الخط الذي رسمته في السنوات الماضية ،اضافة الى ان ايران تهدد النفوذ السعودي فعلا في عدد من الملفات ، وهذا ما يبرر شعور قادة السعودية بالخيانة والغضب الى حد التفكير بالبحث عن حلفاء دوليين يحلون بدل الولاياتالمتحدة ،واتخاذ اجراءات منفردة للحفاظ على الامن السعودي ، وهنا كان على اوباما ان يطمئن القادة السعوديين ان الاتفاق مع ايران لن يكون على حساب الامن الخليجي . الملف السوري : تتخوف ادارة اوباما من تقديم السلاح للمعارضة السورية وما يمكن ان يحدثه من فوضى في حال وقع في ايد المتطرفين ، فهي تريد الاكتفاء بتقديم اسلحة غير فتاكة للمعارضة السورية مع تدريب محدود لبعض عناصرها ، بينما السعودية تريد الذهاب ابعد من ذلك بالتنسيق مع الولاياتالمتحدةالامريكية ، فهم يعتقدون انه من المستحيل ان يتم التوصل إلى حل سياسي ما لم تتغير موازين القوى على الأرض من خلال تزويد المعارضة بأسلحة متطورة . كما ان السعودية لم تسامح اوباما على تراجعه عن شن ضربة عسكرية ضد قوات الرئيس السوري ، بشار الأسد ، عقب الهجوم الكيماوي الذي وقع في إحدى ضواحي دمشق وأسفر عن مئات القتلى. الملف المصري :ادارة اوباما لا تريد ان تظهر بصورة المعادية للديمقراطية ولا الداعمة للدكتاتوريات العسكرية وهذا سبب التردد في دعم حسني مبارك ايام ثورة 25 يناير والذي انتهى الى تغير وجهة البيت الابيض نحو الاحتفال بنتائج الثورة ، كما ان ادارة اوباما وان لم تصف عزل الرئيس المصري محمد مرسي بالانقلاب العسكري خوفا على مصالحها وأهمها : اولوية عبور سفن القوات الامريكية في قناة السويس ، والتزام مصر بمعاهدة كامب ديفيد ، إلا انها اتبعت اساليب اخرى مثل التعبير عن قلقها ازاء الاعتقالات وانتهاكات حقوق الانسان والإعدام السياسي كما لجأت الى تعليق جزء من المساعدات العسكرية لمصر حتى تتأكد بمضيها في العملية الديمقراطية ، وتجاهلت القاهرة بعدم تقديم البيت الابيض دعوة رسمية لتحضر قمة "زعماء أفريقيا" بسبب قرار الاتحاد الأفريقى بتعليق عضويتها عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسى. ويبدو ان السعودية لم تغفر ايضا للبيت الابيض تخليه عن حسني مبارك ، كما ان التعارض في الملف المصري يتضح اكثر مع موقف السعودية من الاخوان المسلمين حيث انتهى بها الامر الى تصنيفهم "كتنظيم ارهابي " كما انها من اكثر الدول الداعمة لنظام 3 يوليو ماديا وسياسيا . تصر الولاياتالمتحدةالامريكية على وصف الخلافات السابقة بين الرياضوواشنطن ب"الخلافات التكتيكية "، لكن الاجراءات التي اتخذتها السعودية على ارض الواقع معبرة عن غضبها مثل عدم قبولها عضوية مجلس الأمن ، وتصريحات عدد من قادتها ان سياستها مع واشنطن ستختلف جذريا بعد الاتفاق مع ايران ، فضلا عن سعيها الى اقامة شبكة تحالفات اقليمية مرنة واتجاهها نحو روسيا يوضح ان السعودية لا تعتبر خلافاتها مع البيت الابيض تكتيكية مطلقا .