يعد الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي - في جميع بلدان العالم امراً هاماً في تقدم وازدهار المجتمع - لاسيما على الصعيد التنموي والقيمي والكيفي, لأنه يحقق الطموحات والآمال للمجتمعات - فلو تأملنا واقع الحضارات القديمة التي خاضت صعاب وعقبات الطبيعة. تضرب لنا الحضارات القديمة مثلاً رائعاَ في التطور والرقى والنظام والسياسة كالحضارة اليونانية والفرعونية والهندية والصينية والاسلامية - حيث استطاعت - ان تجسد مظهرا خياليا دقيقا - في ادارة وتنظيم مجتمعاتها .ففيها ظهر المفكرين والفلاسفة والعلماء والقادة والامراء ,وفيها تقدمت العلوم وازدهرت مثل الطب والفلك والجغرافية والادب والفن اضافة الى العلوم العسكرية وفنونها , فوضعت تلك الحضارات واكتشافاتها اسس ومبادئ كل ما نحياه في عصرنا الحالي , وفى واقع الامر عندما نتعمق في مضمون تلك الحضارات – وكيف رسمت معالم وتقسيمات العالم الحديث - حينها سندرك للوهلة الاولى انها كانت تعمل من اجل اهداف واقعية واهداف تاريخية ,فالواقعية تغلبها على عقبات زمانها وتحديها لعراقيل عصرها, وتاريخية -فمنذ الاف السنين لا يخلو بحثا ولا كتابا ولا مؤلفا الا ويذكر تاريخ تلك الحضارات ومجدها . وبعين ثاقبة يحاصرها الاستغراب في واقع مجتمعاتنا العربية المهلهلة والمفككة والمعطوبة - المدمرة- تجد أن التغير والتحول والحرب لا تصيب الا أرض الحضارات - نركز بوصلتنا على العراق وبناءها التاريخي والثقافي والعلمي والمعماري نجدها قد مُزقت, وركزنا على سوريالبنانفلسطين "الشام" وقلاعها ومدنها وازقتها وتراثها وارثها الثقافي والديني نجدها قد بيعت وفُتت , اما الان فموعدنا مع ام الحضارات مصر الكنانة منهل العلم والدين والفن والادب والتاريخ . المتمعن في الاحوال يجد مجهولا - ما - يقود حرباً خفية تضرب حضارتنا العريقة - يحاول أن يمحوها من ذاكرة التاريخ - يحاول أن يقسمها الى مجتمعات تنعدم فيها روح القيم والاخلاق والانسانية ,يحاول ان يأخرها الاف السنين - مقسماً بأن لا تصل قمة التطور والرقى – والذي يصارع خلايا عقلي الان هو : لماذا ننشد التقدم والتطور منذ سنين ولم نصل اليه بعد ؟ ولماذا نحلم بالرقى والتنمية ولم نحققها بعد ؟ لماذا نجتهد في العلم والبحث ولا زلنا في التخلف ؟ لماذا ندعى الترابط والاستقرار ونعيش التفكك والفوضى ؟