؟ فتحية أحمد ليست ذات أصول ريفية كما يوحي صوتها بل هي من قلب القاهرة فهي بنت حي الخرنفش الذي ولدت فيه عام 1889 -- وقد جاءت فتحية لتكون الاكثر شهرة والأعظم تألقا والاوفر حظا من أفراد أسرتها الفنية المؤلفة من أبيها وشقيقتين أما والدها فهو الشيخ أحمد الحمزاوي الذي كان مقرئا ومبتهلا ومطربا ومن أصحاب الشهرة المدوية في عالم الكوميديا وخفة الدم وكون مع اثنين من زملائه مشروع فرقة تخصصت في الطقاطيق والمونولوجات الساخرة التي كان اشهرها »كعبولة الخفة« وكان كعبولة هو الاسم الذي اطلقوه علي فرقتهم ومن الطريق أن نعلم أن هذه الطقطوقة كان لحنها هو الأصل الذي »إقتبس« منه الموسيقار محمد عبدالوهاب لحنه الشهير مضناك جفاه مرقده وقد توقف الرجل عن العمل الفني عندما شبت بناته الثلاث واصبحن قادرات علي كسب العيش من عالم الفن والطرب فقد كان لفتحية اثنتين من الشقيقات المطربات نادرات الصوت مثلها وهن رتيبة أحمد ومفيدة أحمد وقد أشتهرت الأخيرة في الاسكندرية بشكل خاص حيث كانت تعيش واثرت اذاعتها لعشرات الاشرطة والتسجيلات النادرة أما رتيبة فقد استمرت بالقاهرة حيث عملت في العديد من الصالات ومع الكثير من الفرق ولكن لم يكتب لهن جميعا سوي الحد الأدني من الانتشار حتي فتحية نفسها التي كانت صاحبة واحد من أقوي ثلاث أصوات نسائية عرفتها مصر - تداني بل تساوي الست منيرة الهدية والسيدة أم كلثوم - وكان صوتها النحاسي قادرا علي الغوص في أعماق بعيدة لاينفذ إليها غيرها وكان الشيخ أحمد الحمزاوي مطربا رخيم الصوت، ولمع فترة كمطرب ومنشد ومبتهل، وقد لحن كثيرا من الأغاني الإنتقادية والفكاهية كان يؤدي بعضها مع اثنين من المنشدين كثلاثي فكاهي وكانا يقدمون اعمالهم بين فصول المسرحيات لم يستمر الشيخ أحمد الحمزاوي في الغناء بعد أن اشتد عود بناته المطربات: فتحية ورتيبة التي اشتهرت بديالوج التليفونات التي سجلته مع الشيخ احمد حسنين لحن السيد شطا، وكذلك ديالوج "شوى العصارى يادره" بالإشتراك مع ملحن الديالوج الفنان الراحل إبراهيم فوزي، أما الابنة الثالثة فهي المطربة مفيدة صاحبة الصوت الجميل والتي كانت مطربة إذاعة الإسكندرية ، وكانت مفيدة أحمد تسير على نهج أختها فتحية في المحافظة على التراث الغنائي التقليدي. درست فتحية أحمد الغناء على أئمة الملحنين، وخاصة أستاذ أم كلثوم الأول الشيخ أبو العلا محمد الذي لحن لها خصيصا لحنا جديدا لقصيدة "كم بعثنا مع النسيم سلاما"، بعد أن غنتها أم كلثوم من لحن الطبيب أحمد صبري النجريدى وايضا لحن لها قصيدة امانه ايها القمر المطل والتى غنته ايضا ام كلثوم والصيده من نظم ابن النبيه المصرى وايضا وحقك انت المنى والطلب من نظم الامام عبد الله الشبراوى ولكن تلك الاعمال والقصائد لم تلقى الشهره الكافيه لفتحيه احمد مما جعلها تتجه الى الملحنين الاخرين لوفاة ابو العلا محمد فى عام 1927 – وغنت فتحيه احمد من الحان الشيخ زكريا احمد قبل ان يلحن لام كلثوم ومن تلك الالحان شكوت اليك الجوى من نظم صفى الدين الحلى وغنت ايضا قصيدة حمامه صدحت وايضا الحان بشراك يا قلبى من نظم احمد الالفى عطيه – واضحى الثنا من نظم ابن زيدون – وقصيدة كل انسان لاحمد المرشدى – واشهر ماغنت للشيخ زكريا احمد يا حلاوة الدنيا من مقام الزنجران وغنت ايضا من الحان محمد القصبجى ونظم (زوجها اسماعيل سعيد) حرموها منى وحرمونى –اشكى منك واشتكيلك لامين عزت الهجين – الحب فى قلبى امانه – قصاد عنيه ولكن من نظم ابراهيم كامل رفعت - .ماكانش يخطر على بالى للشاعر احمد فتحى - ومن الحان رياض السنباطى غنت ايضا من الحانه قصيدة الصفصافه من نظم على محمود طه – وقصيدة البلبل - القاك مفتون من نظم احمد فتحى –راى اللوم فى كل الجهات من نظم بن النحاس المصرى - وغنت من الحان عزت الجاهلى امانه ياروضه للشاعر عصمت عبد الكريم – حليت فى عنيك دلوقتى نظم مصطفى السيد – قالوا كل عاشق لبيرم التونسى - ايضا غنت من الحان داوود حسنى و صفر على و ابراهيم فوزى وفريد الاطرش و محمد هاشم واحمد عبد القادر وايضا روؤف ذهنى وغنت من الحان محمد قاسم اصل الهنا كلمه من نظم محمد الحسينى - ومن الحان محمد صادق غنت هلت بشاير الربيع من نظم زين العابدين عبد الله والبدر والليل والهوى من نظم امام الصفطاوى – وياك يا حبيبى من نظم مصطفى الشريف ومن الحان محمد فوزى غنت عش الهنا من نظم على الفقى ومن الحان محمود الشريف غنت حمام السلام من نظم الشاعر السكندرى مصطفى عبده – تانسنا يا عيد كل سنه – دعاها الهوى محمد الموجى قدم لها الحان يا جبهتى اغنى على ثراها من نظم محمد الفيتورى و سترنى ياليل من نظم حسن عبد الوهاب وانشودة اقدموا للحرب ولا تخشوا للشاعر عبد الحميد البطريق – طلع الفجر يا حبيبى لامين عزت الهجين اشتركت فتحية أحمد في شبابها بالمسرح الغنائي كمطربة ممثلة، وذلك بعد انسحاب محمد عبد الوهاب من مسرحية كليو باتراامام منيرة المهدية والتى استعانت بفتحية لتقوم بدور كليو باترا ومنيرة بدور انطونيو وتنقلت مع الفرق المسرحية الغنائية بين مصر وبلاد الشام، ومن أجل هذا أطلق عليها لقب مطربة القطرين، كما كان يطلق على الأديب الكبير خليل مطران شاعر القطرين، تنقل صوت فتحية أحمد بين العديد من قمم الملحنين سواء الجيل موغل القدم من امثال كامل الخلعي وداود حسني ومحمد عثمان وسيد درويش أو الجيل الأكثر صداقة مثل رياض السنباطي واحمد صدقى ومحمود الشريف وكانت هناك صداقة خاصة تربط بينها وبين الشيخ سيد أحب الملحنين إليها وقد اشتهرت لها بعض الأغاني والتصقت باسماع الجمهور حتي عهد قريب مثل »ياحلاوة الدنيا« وهو الدور الذي أبدعت فيه وتألقت وظهر جليا من خلاله مدي قوة صوتها واتساع صدرها كما اشتهرت من اغانيها القديمة أغنية »ياريت زمانك وزماني« وقد اعتادت فتحية أحمد القيام بجولات فنية خارج مصر وبخاصة في بلاد الشام التي كانت تعشقها وتدوم علي السفر إليها بانتظام ومن هنا جاء لقبها »مطربة القطرين« كما عملت في بداياتها مع العديد من الفرق المسرحية. وفي مجال المسرح الغنائي في سنواته الخصبة (1917-1927) غنت فتحية أحمد لشوامخ الملحنين "داود حسني، كامل الخلعي،وغنت من الحانة فى مسرحيات كارمن-كارملينا-روزينا السيد درويش ورواية كليوباترا ومارك انطونيو، إبراهيم فوزي"وصفر على ،ورياض السنباطى-ومحمد صادق-وعزت الجاهلى-واحمد صدقى ومحمد القصبجى -واحمد صبرى النجريدى- احمد عبد القادر-ومحمد الموجى-ورووف ذهنى- ومحمد فوزى وكان اخر عمل مسرحى غنائى رواية صندوق الدنيا امام يوسف وهبى 1934 وفى المجال السينمائى ظهرت فى السينما الغنائية بفيلم واحد كبطلة هو فيلم حنان اخراج كمال سليم 1943 واشتركت بالغناء فى افلام احلام الشباب 1942 ولما أنتجت شركة أفلام الشرق "عبد الله أباظة، عبد الحليم محمود علي، أم كلثوم" فيلم "عايدة" الذي تضمن ملخصا باللغة العربية الفصخى لأوبرا "عايدة" ونظمها أحمد رامي، فقد اشتركت غنائيا فتحية أحمد بدور ابنة الملك المصري الأميرة أمينيرس أمام أم كلثوم التي قامت بدور عايدة جارية الأميرة، وهي في نفس الوقت ابنة ملك الحبشة، وقام الراحل إبراهيم حمودة بدور القائد المصري المنتصر "راداميس" على أن صورة فتحية أحمد لم تظهر على الشاشة، بل كانت دوبلاجا للممثلة فردوس حسن وقد اعتزلت فتحية أحمد المسرح في نهاية الأربعينيات حيث قامت ببطولة المسرحية الغنائية "يوم القيامة" من لحن زكريا أحمد،وكلمات بيرم التونسى وقد أضيف لهذه المسرحية اللحن المعروف "يا حلاوة الدنيا" خصيصا لها .أما في مجال الغناء على التخت فقد غنت فتحية أحمد ألحانا كثيرة من التراث ومن الغناء العصري، فقد غنت من ألحان محمد عثمان وعبده الحامولي وأبو العلا محمد وفريد الاطرش ومحمود الشريف ومرسي الحريري ومحمد قاسم والموسيقار السكندرى محمد عفيفى والمهندس الزراعي عبد الفتاح بدير.ومن الطريف أن فتحية أحمد قد غنت لحنا لأستاذ الجيل الموسيقى صفر علي من قالب الطقطوقة أو الأهزوجة بعنوان :" ياريت زمانة وزماني يسمح ويرجع تاني"من نظم خالد الجرنوسى و يامصر يا ضى عينية، كانت أغنية الموسم في الثلاثينيات وكانت تباع أسطواناتها في مسرح برنتانيا حيث كانت تغني هذه الطقطوقة هناك. وبهذا فقد سبق هذا التقليد ما كان يحدث بعد ذلك في سينما قصر النيل بعشرين عاما عندما كانت تغني أم كلثوم في الخمسينيات وتباع تسجيلاتها للغنائيات الجديدة على أسطوانات في حفلات أم كلثوم. ولقد عرفت فتحية أحمد بقلبها الطيب وضحكتها الصافية العالية، وفى 5 ديسمبر 1975 كان الموت وفارقتها الحياة رحمها الله المؤرخ والباحث فى التراث الفنى وجية ندى وللتواصل 01204653157 01006802177 [email protected]