التاريخ هو علم ما وقع وتفسير ما وقع ، والروابط الظاهرة والخفية التي تجمع بين هذه الوقائع بحيث تجعل منها وحدة متماسكة الحلقات ومتفاعلة الجزئيات ، والمسرح هو مدرسة الشعب الذي يذهب الناس إليها ليتأملوا واقعهم على ضوء رؤية الكتاب المسرحيون ، وتاريخ ليبيا تاريخ يمتد في الزمان والمكان ولا يحده زمان أو مكان ، وقد كانت ليبيا أول من حارب في فلسطين ضد اليهود الإسرائيليين في زمن فرعون مصر شيشق الليبي ( وشيشق كلمة مصرية تعني البيت الكبير ) وهو من قبيلة الماشوش الامازيغية الليبية ، وقد سجل هذا الفرعون انتصاره على مملكة السامرة اليهودية في عام 722 ق م على الحائط الجنوبي لمعبد الكرنك في مدينة طيبة ، والمسرح الليبي مسرح يمتد في الزمان والمكان ولا يحده زمان أو مكان ، وقد كان الكاتب المسرحي الامازيغي الليبي ترينيس افر ( 184 ق م – 159 ق م ) رائد المسرح الامازيغي واليوناني يقول ( أنا إنسان لا يخفي عني شيئا مما هو إنساني ) ، وليبيا التاريخ والثقافة والمسرح والجغرافية والاستراتيجية والثورة الإنسانية الذي لا يخفى عنها شيئا مما هو إنساني سوف تنتصر ، وسوف تعلن للمترددين في الوطن العربي ان الشعب هو الذي يقهر نفسه بنفسه ، لأنه يختار العبودية بنفسه ، ولأنه يختار أن يفقد المناعة ضد الدكتاتورية ، ولأنه يرى أن الدكتاتورية قدر قال كلمته ومضى وعليهم ان ينفذوا كلمته ، ولأنه يرى أن الدكتاتورية قدر محتوم جاء به الله ويذهب به الله في الوقت الذي تفرش فيه هذه الدكتاتورية خيمتها في كل مفاصل الحياة ، ولكن هذا الشعب العظيم الذي أنجب شيشق وترينيس افر وتاكفاريناس وكاباون وهانيبال وعزيز المصري ورمضان السويحلي مؤسس جمهورية طرابلس في مصراته في عام 1919 وعمر المختار شيخ المقاومة العربية والإنسانية في كل مكان وزمان ، الرجل الإنسان الذي قال نحن لا نستسلم نموت أو ننتصر ، كلمة سمعها العالم ، البعض سمعها فابتسم ومضى ، والبعض سمعها وانحدر نحو هاوية العبودية ومضى يؤسس للعبودية مدرسة وفلسفة ، لأنه كان يرى ان العبيد لا ينجبون الا العبيد ، وأن قتل العبيد لا يكون الا بالحرية ، والبعض سمعها وقال ماذا يقول المختار وماذا يريد المختار من شعب همه اكبر من همته ، ولكن شباب تونس وشباب مصر وشباب ليبيا قالوا القول الفصل ، وقالوا ما يجب أن يقال ، قالوا لا لدكتاتورية ، قالوا لا للتبعية والوصاية والاحتواء ، قالوا من هنا سوف يبدأ التاريخ من تونس ومن القاهرة ومن طرابلس ، التاريخ الذي سوف يغير وجه العالم ، قالوا لليانكي وللقارة العجوز لن تستطيعوا بعد ثورة 14 كانون الأول في تونس ، و ثورة 25 كانون الثاني في مصر، و ثورة 17 شباط في ليبيا ، وما سوف يخرج من ثورات في اليمن والأردن والعراق والبحرين وفي البلاد العربية الأخرى أن تحافظوا على مصالحكم المتناقضة في نفس المكان وفي نفس الوقت ، ويجب أن تعرفوا أن حقوقنا لن تكون بعد اليوم على طاولة المفوضات ، وبصراحة أكثر وتركيز اكبر فلسطين من البحر والنهر لن تكون على طاولة المفاوضات ، ولكن مصالحكم هي التي سوف تكون على طاولة المفاوضات ، لأننا نمسك قلوبكم بأيدينا ونمسك شرايينكم بأيدينا ، نمسك قلوبكم ببترولنا لأن بترولنا هو الدورة الدموية لحياتكم وحضارتكم سلما وحربا ، ونمسك شرايينكم ببحارنا وقناتنا ومضايقنا ومطاراتنا التي تنقل لكم بترولنا ، ولذلك ولأن قلوبكم في أيدينا وشرايينكم في أيدينا ، ولأن العلاقات الدولية علاقات قوة ، يجب عليكم ان تعيدوا تصحيح سياستكم وأن تعتذروا عن كل جرائمكم في حق شعوبنا العربية ، وهذا يعني تفكيك المستوطنة الصهيونية والانسحاب من العراق وتصفية القواعد العسكرية ، هذه هي حركة التاريخ ، والتاريخ ليس حماقة مستمرة كما تعتقدون ، ولكنه حركة تعني التوسع في مفهوم الحرية ، ولو قرأتم التاريخ لعرفتم كيف يمكن ان تدفع أحداث التاريخ أكثر الناس اعتدالا الى الثورة ، ولعرفتم ان هذه الثروات العربية لن تستمر نقمة على العرب ، وأن هذا الموقع الاستراتيجي العربي لن يستمر نقمة على العرب ، سوف يأتي اليوم الذي تكون فيه هذه الثروة نعمة ، ويكون فيه هذا الموقع نعمة ، وقد جاء هذا اليوم بسواعد شباب تونس ومصر وليبيا ، ولذلك سوف يكون عنوان الثورات القادمة الشعب يريد تحرير فلسطين ، ونحن في فلسطين ننتظر قائد من ليبيا يقود جيشا عربيا لتحرير فلسطين ويسجل انتصاره على حائط البراق على سور المسجد الأقصى ، نحن ننتظر في فلسطين هذا القائد وهذا الجيش ، ننتظر من أخوتنا الذين قاسمونا الم الانكسار أن يقاسمونا في زمن هذه الثورات العربية نشوة الانتصار على سفوح الكرمل وكنعان وجرزيم وعيبال والمكبر والمشارف وشواطئ طبريا عكا ويافا وغزة .