من منا لا يحب النبي صلى الله عليه وسلم؟ وكثيرا ما نسمع بعض المسلمين يقولون: "لو كنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لنصرناه الخ..". والسؤال: لماذا لا تنصر سنة نبيك بعد موته؟ قال عليه الصلاة والسلام: (من رغب عن سنتي فليس مني) رواه البخاري. وقال: (من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى -أي: أبى دخول الجنة-) رواه البخاري. قال الشاعر: لو كان حبك صادقا لأطعته - إن المحب لمن يحب مطيع. وفي الحقيقة، قد اختلف أهل العلم اختلافا كبيرا في تحديد يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا معروف عند المؤرخين. قال الحافظ ابن رجب في كتابه "لطائف المعارف": وأما شهر ولادته فقد اختلف فيه: فقيل: في شهر رمضان، روي عن عبد الله بن عمرو بإسناد لا يصح. وقيل: في رجب، ولا يصح. وقيل: في ربيع الأول، وهو المشهور بين الناس، حتى نقل ابن الجوزي وغيره عليه الإتفاق، ولكنه قول جمهور العلماء. ثم اختلفوا في أي يوم كان من الشهر: فمنهم من قال: هو غير معين وإنما ولد في يوم الإثنين من ربيع من غير تعين لعدد ذلك اليوم من الشهر، والجمهور على أنه يوم معين منه ثم اختلفوا فقيل: لليلتين خلتا منه، وقيل: لثمان خلت منه وقيل: لعشر وقيل: لاثنتي عشرة وقيل: لسبع عشرة وقيل: لثماني عشرة وقيل لثمان بقين منه وقيل: إن هذين القولين غير صحيحين عمن حكيا عنه بالكلية والمشهور الذي عليه الجمهور: أنه ولد يوم الإثنين ثاني عشر ربيع الأول وهو قول ابن إسحاق وغيره. اه. ثم لو ثبت ميلاده في يوم معين، هل يجوز الاحتفال بمولده؟ قال العلامة الصنعاني في سبل السلام(55/2): (ما وُجد سببه في عصره -أي: عصر النبي صلى الله عليه وسلم- ولم يفعله، ففعله بعد عصره بدعة، فلا يصح إثباته بقياس ولا غيره). ولنطبق كلام الصنعاني في الاحتفال بالمولد النبوي. هل وُجد سبب الاحتفال بالمولد في عصر النبي صلى الله عليه وسلم؟ نعم، والسبب كما يزعم مُجوِّزو الاحتفال بالمولد من أجل نيل الأجر والثواب. فهو عليه الصلاة والسلام مبلغ عن الله، والله لا يرضى لعباده المؤمنين إلا الأفضل والأكمل. والسؤال الذي يليه: هل احتفل النبي صلى الله عليه وسلم بمولده؟ الجواب: لا. اذن فالاحتفال بدعة! فمن يجرأ أن يقول بلسان الحال أو بلسان المقال أنه سبق النبي صلى الله عليه وسلم في الخير وذلك بالاحتفال بمولده؟ ألم يقل الله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم)؟ وألم يقل عليه الصلاة والسلام: (ما تركت شيئًا يُقربكم الى الله الا وامرتكم به، وما تركت شيئًا يُبعدكم عن الله ويُقربكم الى النار الا ونهيتكم عنه) صححه الالباني؟ وألم يقل عليه الصلاة والسلام: (انه لم يكن نبي قبلي الا كان حقًا عليه ان يدل امته على خير ما يعلمه لهم) رواه مسلم؟ ومن ذا الذي يجرأ أن يقول أن الدين ناقص أو أن النبي صلى الله عليه وسلم قصَّر في تبليغ الدين! وقد يقول قائل: استخدام الانترنت في بث العلم الشرعي بدعة! فالجواب: ليست بدعة، لأن السبب -وجود الانترنت- ليس موجودًا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فاستخدامه بعد عصره ليست بدعة، والوسائل لها أحكام المقاصد. ثم لنسأل أنفسنا: متى حصل أول احتفال بالمولد؟ الجواب: في عصر الدولة العبيدية وما تسمى ب"الفاطمية"، وزعموا أنهم من آل البيت. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى(128/35) عن بني عبيد القداح: وقد علم أن جمهور الأمة تطعن في نسبهم، ويذكرون أنهم من أولاد المجوس أو اليهود. اه. ثم هب أنهم من آل البيت، فمن سبقهم بهذا الفعل؟ هل سبقهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب؟ أم فاطمة رضي الله عنها؟ أم الحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد الباقر وسائر أئمة آل البيت رضي الله عنهم؟! لم يثبت عن أئمة آل البيت الاحتفال بالمولد، فلا تظن أنك أحرص منهم على الخير! وأترككم مع روائع ما سطَّره رئيس أنصار السنة في مصر العلامة عبدالرحمن الوكيل -رحمه الله- عن المولد النبوي: - المولد بدعة أم غير بدعة؟ بمعنى آخر: من الدين أم لا؟ أيستطيع فاعلها يقول نحن نكرم النبي صلى الله عليه وسلم أكثر مما كرمه أصحابه؟ أنقول أن أبا بكر قصر في حق صاحبه فلم يصنع له مولدا، ولا احتفل بذكرى مولده؟ - الله كرم نبيه عليه الصلاة والسلام بإيجاب طاعته وبالصلاة عليه حيا وميتا، فلنقف عند ما أمر الله، فهو يحب رسوله أكثر مما نحب، أستغفر الله من كلمة أكثر فما ينسب حب الله إلى حبنا نحن، ولا يقاس أبدا حبنا إلى حبه. - وهكذا يولدون آلاف المحمدات في كل عام ثم يميتونهم، حتى يجئ ربيع مرة أخرى!! كنت أحسب الحكومة تحتفل بميلاد محمد عليه الصلاة والسلام -ولنفرض أنه جائز- فتحارب ما كان يحارب رسول الله. من كتاب "مقالات الشيخ عبدالرحمن الوكيل" المجلد الثاني ص721-741 بعنوان "بدعة المولد ومظاهرها الوثنية". عبدالله بن خالد شمس الدين [email protected] @Ashamsalden