يقول تعالى [إنه لقرءان كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون] فنجد العلماء وقد تصوروا أن الكتاب الذي بين أيدينا هو الكتاب المكنون وتصوروا بأنه على الناس أن تتوضأ لمس المصحف، وما ذلك إلا لفقدان التصور والتدقيق الفقهي واللغوي. فمن الجدير بالبيان أن هناك فرق بين الكتاب والقرءان، كما يوجد فرق بين الكتاب الذي بين أيدينا والكتاب الذي هو عند الله والمدون به كل أعمال الخلائق ومدون به الرسالات بما فيها القرءان وهو ما يسمى بالكتاب المكنون. أما الكتاب الذي بين أيدينا فهو الكتاب المنشور، أليس بين يديك وأنت تقلب صفحاته فكيف يكون مكنونا. وهناك فرق بين كلمة [المطهرون] وكلمة[ المتطهرين] فكلمة [المطهرون] تعني أن الطهارة ذاتية فيهم وهم الملائكة، أما كلمة [المتطهرين] فتعني البشرية حين تقوم بالغسل من الجنابة، وذلك من قوله تعالى [إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين]. والذين أمرونا بالوضوء حين مس المصحف لم يدركوا معنى الطهارة والتطهر، فالتطهر يكون بالغسل بما يعني الاستحمام، لقوله تعالى [وإن كنتم جنبا فاطهروا] . أما الوضوء الذي أمرنا به الفقهاء فهو من شعائر الصلاة وهو ليس بتطهر ولا طهارة….هذا فضلا عن أن المؤمن لا ينجس لكن الكافر هو النجس لقوله تعالى [إنما المشركون نجس] فلا يجب الخلط بين الطهارة والوضوء. ولا يجب الخلط بين المشرك النجس والمؤمن غير النجس على الدوام. بما يعني أن إلزام الناس بالغسل أو الوضوء لمس المصحف أمر لا محل له من تعاليم الله. ويجدر القول بأن جيلنا يلتزم الدقة عن سائر الأجيال السابقة فمثلا هناك فرقا بين الكتاب… والآيات.. والذكر، كما يوجد فرق بين الآيات المحكمات …والآيات المتشابهات، كما يوجد فرق بين السبع المثاني… والقرءان لذا وجب الانتباه والتفرقة وهذا له رسائل أخرى إن شاء الله.