دخلت قطاع غزة الحبيب والدمع يفر من عيني لأنني سأترك مصر التي ولدت وكبرت وترعرت فيها وشربت من نيلها العذب ،عدة أشهر لزيارة اهلي في قطاع غزة العزيز، دخلت قطاع غزة من معبرها بعد أن رايت بأم عيني صنوف العذاب والاذلال علي ذلك المعبر وكيف يعامل الفلسطيني الحامل للوثيقة وكذلك نظيره من الجوازات الفلسطينية الاخري ، بشكل لا يرتقي أن يصنف ضمن معاملة الادميين وصلت قطاع غزة قبل أسبوع من تلك الثورة الشعبية المصرية العفوية المشرفة التي لا تبعد سوي كيلو مترات من بيتي الذي تركته ورائي يعج من امامه أصوات الثائرين المظلومين الذين عانوا من القهر والذل سنوات طويلة كانوا فيها لا يرون سوي الصبر لأجل ان يبقي الوطن عزيزا كريماً بالرغم من كل ما يحدث من نظام ديكتاتوري لا يراعي حرمة المواطن ولا الوطن الذي سلب ونهب ووزعت ثرواته بالاتاوه وفرد القوة والهيمنة وأقتطاع قوت الشعب المصري العظيم وكلما تذكرت أصدقائي وجيراني في مصر قبل أسبوع من سفري ووصلي إلي قطاع غزة لم يكن في البال ولا في الحسبان ما رأيته علي شاشات التلفاز كنا نتحدث عن مباريات كرة القدم وعن النيه للذهاب إلي كورنيش النيل لصيد (البلطي) ، كانت الحياة تسير بشكلها اليومي الاعتيادي من الفتور والقهر المخزن في القلوب ، والاستنفار ليوم غد لاخد مكاننا في طابور العيش الذي اكل قشرة أقدامنا قبل أن ناكله مغموسا بقمع السجائر لم أكن أعرف وانا اعد امتعتي انا وزوجتي و اطفالي للسفر إلي غزة أن تلك الانتفاضة المباركة ستكون ولم يكن في بالي فقد كنا بالامس نتسامر انا واصدقائي المصريين عن دفع اقساط البضائع التي أشتريناها ، وعن احلام وهمية بتحسين الظروف في البلد كنا ننوي أن نذهب لتقديم شهاداتنا التي نسينا شكلها للحصول علي وظيفة بعد ان حفيت أقدامنا علي مكاتب التوظيف لم نكن نفكر سوي في يوم غد ماذا سنأكل من اي فرن قريب سيكون فيه الزوار أو الطابور أقل كي ناخذ بجنيه خبز ، لكن كيف يفعلها أصدقائي من دوني لقد خدعت من اقرب المقربين إلي ودعتهم وهم يحملونني الامانات والسلامات إلي شعب غزة وارضها الطاهرة التي لم ينسوها ولن ينسوها ابدا وفي كل محنه كنا نتوجه إلي المساجد لندعوا لغزة واهلها بالنصر وصلت وانا اليوم اتفطر لتلك اللحظات المشرفة التي ثار فيها الحق علي الباطل الذي أصبح فيها كلمة الشعب الذي لم اكن اشك في يوم من اخلاصه وقوته الكامنة التي لم تقبل في يوم الظلم بالرغم من السكوت الذي لم يكن ضعفا او خوفاً انما سكوتا لأجل مصر العظيمة لكن عندما تزور الانتخابات وتلفق الاوراق ويصبح الوطن تكية للحاكم وزبانيته فقد حان الوقت لم يكن عندي شك في يوم من الايام ان الشعب المصري تبلد احساسه من كثرة الضرب في جثته التي ارادوا ان يميتوها ، كما فعلوا مع الجيش المصري في رمضان المجيد عندما ايقنوا ان الجيش استسلم لحاله الاسلم والا حرب مع الكيان الصهيوني لكن فاجئهم بنصر أكتوبر المجيد ودحر الاحتلال وانكسرت شوكة الغاصب التي كانت في حلق الشرفاء في مصر وضربوا اعظم الوان النصرة والشرف لكل الامة العربية والاسلامية وها هي مصر تستكمل طريقها عزتها في رفض القهر والظلم وكل الوان البطش ليخرج الشعب المصري عن بكره ابيه الذي عاف الخراب السياسي وبيع خير البلاد إلي الاعداء ، ليقول بملئ فيه كفانا ثلاثون سنة من الجهل و القسوة و البلادة و موالاة الأعداء و الغدر بالأهل و طعن الأشقاء و الأصدقاء نعم انا اليوم أقولها بعد ما رأيت الحشود المليونية أن مصر قد استيقظت ولكن النظام الظالم لم يستيقظ بعد فما زال نائما في العسل ماذا لو خرج مبارك في خطاب بدلاً من خطابه الهزلي الاخير من تخدير الثورة المصرية ، وربح بياض وجهه ونظامه بان يتنحي ويقدم للشعب الثائر مطلبه بكل صراحة لكان حينها بطلاً شعبيا وبدلا من ان تطالب الجماهير برحيله بالعنوة لخلدوا اسمه مع جمال عبد الناصر ومع عظماء مصر الحرية أتيه لا محالة وارادة الشعب هي الاقوي والاغلب وما من قوة علي وجة الأرض يمكن ان تقف امام ارادة الشعوب ولو جيشت كل تراسانات العالم لقمع المتظاهرين فما بالكم ايها الطغاه المتجبرين في عنفوان الشعب المصري وجيش مصر العظيم الذي قهر اعتي تراسانات الارض تسلحا علي أرض سيناء وطابا ،فلطالما الحرية قادمة بقوة وماضية في طريقها ولن ترحم من يخالفها أذا فلما لا تتنحوا جانبا لمرورها المدوي بدلا من أن تهرسكم تحت نعالها وحينها لا مكان لكم إلا تحت النعال