احترم رأي الكاتب "حافظ البرغوثي" حين يقول في خاتمة مقاله اليومي في صحيفة الحياة الجديدة: "استمرار الاحتلال ليس قدراً، وإزالته حتمية بأية وسيلة كانت, وثمة شعوب متحفزة، وباتت تكفر بالنظام العربي ككل وبالسياسة الأميركية، وقد نكون نحن عود الثقاب الذي يشعل الآخرين، ولن نكون أكثر الخاسرين". ولكن هذا الكلام الثوري المعبر عن الواقع العربي الذي يختتم فيه السيد "البرغوثي" مقاله يتناقض بالمطلق مع صدر المقال نفسه الذي يقول فيه: "ليس لإسرائيل مصلحة في إثارة الوضع في غزة كما هو حال حركة حماس. لكن للطرفين مصلحة في إثارة العنف في الضفة وصولاً إلى وأد التحرك السياسي الفلسطيني الناجح، وإعادة خلط الأوراق". لن أسأل عن التحرك السياسي الفلسطيني الناجح، وثماره على الأرض، التي يراها الفلسطينيون توسعاً في الاستيطان، ومزيداً من دمهم، ولن أناقشك مفهوم المقاومة للمحتلين الذي صار البعض يسميها عنفاً، وإنما سأسأل: كيف يكون للاحتلال مصلحه في إثارة العنف في الضفة الغربية، وأنت من قال في نهاية المقال: الاحتلال ليس قدراً، وإزالته حتمية بأية وسيلة كانت؟ أليست المقاومة المسلحة التي تسميها "عنفاً" إحدى تلك الوسائل؟ الاختلاف السياسي أمر حتمي في الساحة الفلسطينية، ولكن هذا الاختلاف لا يجب أن يغم على عيون الكتاب بحيث يظهرون سوءة الطرف الذين يؤيدونه على أنها محاسن، ولا يجب أن يسدل الستار عن الحقائق التي تقول: إن إسرائيل تحشد للحرب على غزة، وإن المقاومة تعد العدة للمواجهة والقتال مهما كلف أمر المعركة من تضحيات، فكيف نصدقك يا سيد "حافظ" حين تقول في المقال نفسه: وهنا تلتقي مصلحة الاحتلال وأحزابه اليمينية مع توجهات بعض قادة حماس الداعين إلى التهدئة في غزة، والعمل المسلح في الضفة؟. مقال الكاتب "حافظ البرغوثي" جاء تحت عنوان "القتل بدم بارد" وفيه يعيب على الإسرائيليين خفة يدهم في قتل الفلسطينيين في الضفة الغربية، وعدم خجلهم من قتل الأبرياء، وهذا سبب من أسباب الانفجار، والثورة كما يقول. ولكن ما دواعي إقحام حركة حماس بين سلاح الجيش الإسرائيلي وصدور الفلسطينيين التي تتلقف الرصاص؟ أخي "حافظ"؛ ما أقبح الخصومة، وما أجمل الإنصاف!