المحامين": النقاش لا يزال مفتوحًا مع الدولة بشأن رسوم التقاضي    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات الطفولة المبكرة    وزير التموين: توريد 1.5 مليون طن قمح منذ بداية الموسم.. ووفرنا التمويلات المطلوبة    تفاصيل احتفال دمياط بعيدها القومى فى ذكرى انتصارات الأجداد عام 1250م    دخان أسود يصعد من كنيسة بالفاتيكان معلنا عدم انتخاب بابا في أول تصويت    نائب روسي: الاتحاد الأوروبي أصبح خليفة للرايخ الثالث    «حسبة برما».. سيناريوهات تأهل منتخب مصر للشباب بعد نتائج مجموعات أفريقيا    بطل الجودو عبد الله فهمي: تحديت الإصابة وحققت الذهب والانتصار طعمه مختلف    نشرة أخبار حوادث القليوبية.. السيطرة على 3 حرائق وحبس شاب شرع في قتل شقيقته بسبب «السحر»    سهير رمزي عن حصرها في أدوار الإغراء: كنت بدور على الانتشار    الجمعة.. تترات درامية ومشاهد استعراضية لمواهب القدرات الخاصة بدار الأوبرا    بوسي شلبي ترد على بيان ورثة محمود عبد العزيز: علاقتنا كانت زواجًا شرعيًا وقانونيًا    عمرو الورداني يقدّم روشتة نبوية لتوسعة الخُلق والتخلص من العصبية    الجمعة.. قافلة طبية مجانية بقرية صلاح الدين في البحيرة    انطلاق مباراة بي إس جي ضد أرسنال في دوري أبطال أوروبا    بإطلالة طبيعية.. مي كساب تخطف الأنظار في أحدث ظهور لها    الآلاف يشيعون جثمان الطفل ضحية الطلق الناري من زملائه في كفر الشيخ    محافظ المنيا يوجه بتسريع وتيرة العمل في ملف التصالح وتقنين أراضي الدولة    البغدادي تستعرض مع وفد جمهورية تشيلي استراتيجية تمكين المرأة    بمشاركة حمدي فتحي.. الوكرة يسقط أمام أم صلال بكأس أمير قطر    غموض موقف مدافع مانشستر يونايتد من لقاء بلباو    بطل قصة حياتي.. روجينا تتغزل في زوجها أشرف زكي بحفل زفاف رنا رئيس    الفوضى تسبب لهم التوتر| 4 أبراج فلكية لديها شغف بالنظافة والترتيب    وزير الخارجية الألماني الجديد: على كل من في موسكو أن يعمل حسابا لنا    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    حريق هائل في كسارة بلاستيك بالغربية - صور    أول يوليو.. بدء التشغيل الفعلي لمنظومة التأمين الصحى الشامل بأسوان    أفضل من القهوة والشاي- 4 مشروبات صباحية تنقص الوزن    البابا تواضروس: نحن مواطنون مصريون نعيش مع إخوتنا المسلمين فى وطن واحد    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات كلية التربية للطفولة المبكرة    إزالة 8 تعديات على أملاك الدولة في حملات بالأقصر    أوس أوس يطلب من جمهوره الدعاء لوالدته: «ادعوا لها تقوم بالسلامة»    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    مبيعات أجنبية تهبط بمؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم.. فما الأسباب؟    أبطال «نجوم الساحل» يكشفون كواليس العمل مع منى الشاذلي..غدا    «احنا رموز النادي بنتشتم».. نجم الزمالك السابق يكشف سر دعم شوبير ل أيمن الرمادي    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    جامعة كفر الشيخ تشارك في منتدى «اسمع واتكلم» بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف    محافظ المنيا يوافق على تحسين خدمات النقل وفتح التقديم لترخيص 50 تاكسي    خلافات مالية تشعل مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بالوراق    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    محافظ قنا يشارك في احتفالية مستقبل وطن بعيد العمال ويشيد بدورهم في مسيرة التنمية    رئيس "أزهرية الإسماعيلية" يشهد امتحانات النقل الإعدادى والابتدائى    هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    الداخلية: ضبط 507 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحل بأيدى الحكومات العربيه
نشر في شباب مصر يوم 07 - 01 - 2011

حان الوقت للتحدث عن الخيارات المتاحة أمام إخفاق الحكومات والمعارضة في وضع الدولة والوطن قبل كرسي السلطة وان تبدأ ورشة تفكير جدية في البحث عن «ماذا نفعل؟». ماذا نفعل إزاء انحسار المعركة السياسية إلى معركة سلطوية بين قوى الأمن التابعة للحكومات وقوى الميلشيات الرافضة للحكومات التي تزعم أنها البديل الأفضل. الأكثرية العربية، على رغم شحن مشاعرها وعواطفها العابرة، لن تختار حكم التطرف الديني بدلاً من الحكم العسكري السائد كأمر واقع في معظم الدول العربية، مهما بلغ استياؤها وغضبها من الحكومات التي تُحبط الشعوب يومياً.
النخبة العربية مشتتة، منقسمة، بعضها موظف وبعضها ضائق وبعضها ينفّذ برامج الحكومة أو المعارضة لأنه بدوره يرغب في السلطة. أكبر الإساءة وأفظعها هو ما تزعمه هذه النخبة من تضامن مع الناس – لا سيما تلك النخبة التي تريد التغيير الحكومي عبر معارضة دموية، دينية، طائفية، متطرفة أو معارضة تجمع كل تلك الصفات. حان الوقت لفضح تلك «النخبة» ولإطلاق الأصوات التي تؤمن بالتعمير وليس بالتدمير.
وهذا يتطلب الشجاعة – شجاعة النخبة التي تريد أن تلعب دوراً بنّاءً لكنها إما خائفة، أو حريصة على مصالحها الشخصية، أو قصيرة النظر تكتفي بمراقبة المعركة بين الحكومات والمعارضة التي تسبب انهيار الدولة أو تقسيم البلاد أو الانفصال أو حتى شرذمة الأوطان. وهذا بالتأكيد ليس مجرد خطة خارجية حصراً أو مؤامرة على العرب مهما ساهم الخارج فيها. إن من ينفّذ هو عربي أو مسلم أو شرق أوسطي، ومسؤوليته ليست أقل من مسؤولية القوى الخارجية. المنطقة العربية اعتادت انتظار القائد الذي يُحدِث التغيير.
وربما حان الوقت لورشة تفكير في تعددية القيادة بمعنى الكف عن انتظار الفرد الواحد والعمل على بناء الدولة. بالطبع، إن بناء المؤسسات يشكل أبرز أسس بناء الدولة، إنما اليوم توجد حاجة ماسة إلى تشخيص طارئ لما يحدث في البلاد العربية من تقسيم وانفصال وشرذمة من أجل الإسراع إلى وضع سيناريوات «ما العمل؟». توجد ضرورة مُلحة لتشخيص ما يحدث للمسيحيين في البلاد العربية على ضوء المجازر في الإسكندرية والعراق وعلى ضوء نجاح «حزب الله» في استيعاب قيادة مسيحية في لبنان اسمها ميشال عون. حكومة الرئيس السابق أنور السادات وحكومة الرئيس الحالي حسني مبارك تبنّت أسلوب استيعاب «الإخوان المسلمين» عبر «المزايدة» عليهم تديّناً وتطرفاً اجتماعياً، فأتت النتيجة عكسية ولقّنت درساً صعباً.
السودان على وشك التقسيم عندما ينفصل جنوبه المسيحي عن شماله الذي يريده الرئيس عمر البشير إسلامياً صرفاً يحكم على أساس الشريعة. وباسم الكرسي بات اليمن مهدداً بالعودة إلى الانفصال بل ربما التشرذم ما لم تبدأ الحكومة والمعارضة المتعددة الهويات بوضع الدولة قبل السلطة. أما فلسطين فإنها ضحية المعارك على الكرسي حتى قبل أن تخلق الدولة. فما العمل؟
كبار رجال القطاع الخاص في المنطقة العربية في ملل من السياسة لكنهم يقرون في أن أشغالهم لن تتيسّر من دون علاقات جيدة مع الحكومة في البلد الذي يعملون فيه. الأمر نفسه ينطبق على علاقات بعض رجال الأعمال بالمعارضة في البلد المعني، بما في ذلك مع المعارضة المتطرفة دينياً أو طائفياً أو التي لجأت إلى بناء الميلشيات المسلحة.
لو أُجريت استفتاءات في الدول العربية اليوم لأثبتت أن الشعوب تريد حكومات أفضل لكنها لا تريد معارضة سلطوية دموية متطرفة ولا تريد أن يحكم الإسلاميون المتشددون.
الجمهورية الإسلامية في إيران هي عند العرب مجرد «فشّة خلق» عندما يتعلق الأمر بإسرائيل فقط. أما عندما تتعلق المسألة بنوعية الحياة في البلد المعني، فالأكثرية العربية لا تريد نموذج طهران بل تفضل نموذج أبو ظبي ودبي واسطنبول وبيروت.
ما حدث للإسكندرية وللقاهرة مؤلم لأنه أتى على المدينتين بظلام طهران الاجتماعي بعدما أحدثت الثورة الخمينية أكبر انتكاسة للحداثة في منطقة الشرق الأوسط وأطلقت منافسة التزمّت الديني فيها. باتت الإسكندرية تنافس طهران في الحجاب والنقاب وتحوّلت المدينة العريقة في انفتاحها والرائدة في الحضارة والحداثة، إلى مشروع اهتراء لولا إحياء تلك المكتبة الرائعة – مكتبة الإسكندرية – بقيادة رجل متنور ورؤيوي هو الدكتور إسماعيل سراج الدين. جاءت تلك المكتبة صرخة ضوء في ذلك الظلام، لكنها لم تتمكن بمفردها من الحؤول دون الانزلاق الاجتماعي نحو طائفية مفجعة تمثلت في مجزرة الكنيسة قبل أيام وتنذر بأفظع إذا لم تُتخّذ إجراءات صارمة.
الحكومة المصرية لم توزّع النقاب والحجاب على نساء مصر لكنها لم تفكّر في العمق المطلوب لمعاني هذه الظاهرة وكيفية معالجتها كي لا تتحوّل إلى تطرف ديني والى طائفية. انصبت على الإجراءات الأمنية ضد التطرّف والإرهاب ونسيت أن أهم حليف لها في هذه المعركة هو الاعتدال في الصفوف الشعبية والنخبوية، وهذا أسفر عن ابتعاد هذه الصفوف عن الاعتدال.
لم تعمل الحكومة على رعاية وتهذيب تلقائية عدم استعداد الناس لتقبّل التطرف كي يصب ذلك في مصلحتها ومصلحة الدولة. لم تتنبه إلى مخاوف الناس من الإسلاميين في الحكم، فخسرت قاعدة مهمة لها كان يمكن – وما زال ممكناً – أن تكون حليفة إذا أحسنت الحكومة إصلاح ما أفسدته. وأول ما عليها الإقرار به هو أن الشعب لم يعد تلقائياً معها وان بعض النخبة بات بعيداً من الاعتدال، إنما مع «ولكن». لكن هذا القطاع من الشعب لا يريد البديل الذي يقدمه الإسلاميون وهو يتمنى مفاجأة غير اعتيادية تعيد التركيز على الوطن والدولة أولاً.
انفصال جنوب السودان المتوقع ما بعد الاستفتاء يتزامن مع أحداث مصر صدفة، ما لم تكن مجزرة الإسكندرية رداً مدروساً على الانفصال الذي بدوره يشكل صفعة لمصر. فالسودان، من وجهة نظر مصر، كان دائماً دائرة نفوذ لها وقد يؤخذ تقسيمه على أنه خطوة أخرى في مسيرة تقزيم أدوار مصر الإقليمية. هذا التقزيم بدأ بعدما حذفت مصر نفسها من المعادلة العسكرية الاستراتيجية مع إسرائيل عبر اتفاقية «كامب ديفيد». سورية دمّرت ما تبقى من تلك المعادلة عندما دخلت طرفاً وحليفاً مباشراً في حرب الخليج الأولى التي نسفت العراق من المعادلة الاستراتيجية مع إسرائيل، فوضعت حسابات النظام فوق ما اعتمدته أساساً من مقوّمات وسياسة الدولة.
معارك الأدوار الإقليمية تقع اليوم في العراق وفلسطين ولبنان في الدرجة الأولى. لبنان يتصدر حالماً واجهة هذه المعارك، بما فيها معركة استبعاد مصر عن دورها الإقليمي. في الوقت ذاته إن سيادة الدولة مبتورة في لبنان أساساً بقرار إقليمي تقوده سورية وإيران و «حزب الله»، وبلغة السلاح وتحت عنوان «المعارضة» للحكومة. إنما الحكومة أيضاً مسؤولة عن بتر صلاحيات الدولة لأنها لا تتصرف بمقام وصلاحيات الدولة وإنما بتموضع للحكومة لاحتفاظها بالسلطة.
في فلسطين يحدث الانقسام والاقتتال والانفصال ليس من أجل «الدولة» التي لم تبصر النور بعد، وإنما من أجل كرسي الحكم. «حماس» تريد ذلك الكرسي إنما الشعب الفلسطيني لا يريد إمارة إسلامية ولا يريد أن يكون ضحية «مقاومة» الأقوال التي تستخدمه وتقدمه قرباناً بقرار من فصائل فلسطينية تتخذ سورية ولبنان مقراً لها وتنفّذ غايات إيرانية على حساب الفلسطينيين.
الانقسامات الإسرائيلية تبقى دوماً، عكس الانقسامات العربية، في خانة الاحتواء باسم الدولة أولاً، مهما كان. فما بين المنافسة وتوزيع الأدوار، تأخذ الكرسي المعقد الخلفي بعد أولوية الدولة.
الرئيس العراقي السابق صدام حسين كان قادراً على إنقاذ العراق من الحرب لو لم يضع النظام فوق وقبل العراق. عراق اليوم ما زال يتأرجح على رياح الطائفية والدموية بسبب ذلك المرض الخبيث الذي يجعل رجال المنطقة العربية مدمنين على كرسي السلطة حتى لو كلّف ذلك الوطن والدولة.
مأساة السودان المتكررة قد تأتي عليه باقتتال من نوع آخر بعد الانفصال – اقتتال القبائل في الجنوب بين بعضها واقتتال داخل عمق الشمال أيضاً تمسكاً بالسلطة والمال.
فما العمل؟
الحكومات هي التي يمكنها إنقاذ الوطن والدولة إذا استيقظت حقاً من كابوس تمسكها السلطوي بالحكم وأخذت حليفاً لها الشعوب والنخبة التي تتوق إلى الإصلاح وليس إلى الانقلاب.
نقلا عن جريدة الحياه اللندنيه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.