جامعة القاهرة تستقبل الرئيس الكوري لي جاي ميونغ لتعزيز التعاون العلمي والأكاديمي    رئيس الوزراء: مصر ستوفر 3 مليارات دولار سنويا بعد تشغيل محطة الضبعة    عاجل أبرز قرارات الاجتماع السابع والستين لمجلس الوزراء برئاسة مدبولي تعزز مسار التنمية وتدعم خطط الدولة للمستقبل    صفقة موانئ أبوظبي تقفز بالقيمة السوقية لشركة الإسكندرية لتداول الحاويات إلى 70 مليار جنيه    السيسي يؤكد على أهمية تعزيز العلاقات االاقتصادية والاستثمارية والثقافية مع كوريا    عراقجي: اتفاق القاهرة بين إيران والوكالة الدولية لم يعد ساريا    الإثنين المقبل.. انطلاق القمة السابعة للاتحاد الأوروبي و الإفريقي في أنجولا    الأهلي يشكو نائب رئيس البنك الأهلي لثلاثة وزارات    بعثة زيسكو تصل القاهرة استعدادا لمواجهة الزمالك    بعثة زيسكو تصل القاهرة لمواجهة الزمالك في الكونفيدرالية    المستشار سامح عبد الحكم ينعي وفاة والدة وزير التموين الدكتور شريف فاروق    وزير الشباب والرياضة يستعرض مستهدفات المشروع القومي للموهبة والبطل الأولمبي    مدبولي: بعثة صندوق النقد تزور مصر أول ديسمبر المقبل    محمد أنور يبدأ تصوير مسلسل "بيت بابي"    تطورات جديدة في الحالة الصحية للموسيقار عمر خيرت    رصاصة طائشة تنهي حياة شاب في حفل زفاف بنصر النوبة    النائب محمد إبراهيم موسى: تصنيف الإخوان إرهابية وCAIR خطوة حاسمة لمواجهة التطرف    لتعزيز التعاون بين البلدين.. الهيئة العامة لميناء الأسكندرية تستقبل وفدًا برلمانيًا من جمهورية جنوب إفريقيا    غدًا.. انطلاق عروض الليلة الكبيرة بالمنيا    رئيس مياه القناة: تكثيف أعمال تطهير شنايش الأمطار ببورسعيد    مجلس الوزراء يُوافق على إصدار لائحة تنظيم التصوير الأجنبي داخل مصر    الرئيس الكوري الجنوبي يزور مصر لأول مرة لتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي    صحة الإسكندرية: 14 وحدة و5 مستشفيات حاصلة على الاعتماد من هيئة الرقابة الصحية    المنيا: توفير 1353 فرصة عمل بالقطاع الخاص واعتماد 499 عقد عمل بالخارج خلال أكتوبر الماضي    يديعوت أحرونوت: محمد بن سلمان يضغط لإقامة دولة فلسطينية في 5 سنوات    هل يخفض البنك المركزي الفائدة لتهدئة تكاليف التمويل؟.. خبير يكشف    لتصحيح الأوضاع.. السد يبدأ حقبة مانشيني بمواجهة في المتناول    محافظ الأقصر يوجه بتحسين الخدمة بوحدة الغسيل الكلوى بمركزى طب أسرة الدير واصفون    إيمان كريم: المجلس يضع حقوق الطفل ذوي الإعاقة في قلب برامجه وخطط عمله    بيتكوين تستقر قرب 92 ألف دولار وسط ضبابية البنك الفيدرالى    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    الغرفة التجارية بالقاهرة تنعى والدة وزير التموين    كونسيساو في مهمة جديدة مع الاتحاد.. والنصر يطارد الانتصار التاسع أمام الخليج    حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن فى أوقات الكراهة.. دار الإفتاء توضح    رئيس أزهر سوهاج يتفقد فعاليات التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    أمين الفتوى يوضح حكم غرامات التأخير على الأقساط بين الجواز والتحريم    إيقاف إبراهيم صلاح 8 مباريات    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    تأثير الطقس البارد على الصحة النفسية وكيفية التكيف مع الشتاء    استشاري صحة نفسية توضح سبب ارتفاع معدلات الطلاق    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    جنايات سوهاج تقضى بإعدام قاتل شقيقه بمركز البلينا بسبب خلافات بينهما    محافظ القاهرة وعضو نقابة الصحفيين يبحثان سبل التعاون المشترك    الأرصاد تحذر من طقس الساعات المقبلة: أمطار على هذه المناطق    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا..... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    وزير الصحة يوجه بتشكيل لجنة للإعداد المبكر للنسخة الرابعة من المؤتمر العالمي للسكان    نصائح هامة لرفع مناعة الأطفال ومجابهة نزلات البرد    مواجهات قوية في دوري المحترفين المصري اليوم الخميس    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزة رهينة عملية السلام
نشر في شباب مصر يوم 28 - 11 - 2010

عندما أطلقت إدارة باراك أوباما الأميركية "المفاوضات المباشرة" بين رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية وبين دولة الاحتلال الاسرائيلي أوائل أيلول / سبتمبر الماضي، كتب خالد أبو طعمة (17/9) يقول إن الولايات المتحدة "تبدو وقد نسيت تماما قطاع غزة. وربما تدفن واشنطن عمدا رأسها في الرمال"، "ربما أملا في أن تدفع صفقة سلام (يتم التوصل إليها) حماس وسكان قطاع غزة إلى السعي لصفقة مماثلة"، وتساءل عما إذا كان باراك أوباما وهيلاري كلينتون قد فكرا في ما إذا كان الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، سيكون قادرا في أي وقت على تنفيذ أي اتفاق للسلام في قطاع غزة، ليخلص إلى الاستنتاج بأن "المفاوضين الفلسطينيين والاسرائيليين وراعيهم الأميركي ما زالوا يتجاهلون الحقائق على الأرض" وبأنه سيكون "من المفيد أكثر لعملية السلام لو أن واشنطن طالبت بأن يجد عباس حلا للانقسام بين الضفة الغربية وبين قطاع غزة قبل جره إلى طاولة التفاوض".
وبغض النظر عن كون أبو طعمة يعمل مراسلا لإحدى صحف دولة الاحتلال (الجروزالم بوست)، فإنه قد أوضح تماما بأن انهاء الانقسام الفلسطيني الجغرافي والسياسي هو الأولوية التي يجب أن تحتل رأس جدول الأعمال الوطني الفلسطيني وجدول أعمال أي عملية جادة للسلام على حد سواء. لكن استمرار "شركاء السلام" في تجاهل قطاع غزة والحصار الخانق المفروض عليه وتجاهل حقيقة أن نجاح أو فشل أي عملية للسلام يتقرر في القطاع في نهاية المطاف، واستمرارهم في منح الأولوية لاستئناف المفاوضات، مباشرة كانت أم غير مباشرة، علنية أم سرية، إنما يؤكد فقط أنهم يسعون إلى عملية عنوانها السلام مطلوبة في حد ذاتها ولا تستهدف السلام حقا، ويؤكد أن هذه العملية غير جادة على الاطلاق ولا تعدو كونها ملهاة تستهدف بيع الوهم للشعب الفلسطيني وتضليل أنصار السلام الحقيقيين في أوساط الرأي العام العالمي وشراء المزيد من الوقت لدولة الاحتلال كي تخلق المزيد من الحقائق على الأرض في الضفة الغربية لنهر الأردن المحتلة منذ عام 1967 التي تنسف أي امكانية واقعية متبقية ل"حل الدولتين" كقاسم مشترك بين هؤلاء الشركاء.
وقد لاحظ كارل فيك في تقرير نشرته مجلة "تايم" الأميركية في السابع عشر من الشهر الجاري بان المدة التي توقفت خلالها محادثات السلام هي تقريبا ضعف المدة التي كانت جارية خلالها، لتتحول الآن ربما إلى "عرض ألعاب"، ليقتبس من استاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية يارون إيزراحي قوله إن ما يجري الآن هو "تظاهر بعملية سلام".
في الرابع عشر من تشرين الأول / أكتوبر الماضي قال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية "حماس"، خالد مشعل، لمجلة نيوزويك الأميركية إنه "ينبغي على الادارة الأميركية أن تسمع منا مباشرة"، موضحا أن الحركة ستقبل بأي اتفاق توافق عليه اغلبية الشعب الفلسطيني، ومذكرا بوجود "برنامج يشارك فيه كل الفلسطينيين: القبول بدولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها القدس، مع حق العودة، .. وسيادة على الأرض والحدود، وبلا أي مستوطنات"، وفي أكثر من مناسبة عرضت الحركة هدنة لمدة عشر سنوات مقابل دولة كهذه. ومن الواضح أن الراعي الأميركي "لعملية السلام" لا يريد أن "يستمع مباشرة" إلى حركة حماس إما لأنه لا يستطيع معارضة المفاوضات التي تسعى دولة الاحتلال إليها لتقاسم الضفة الغربية بين الفلسطينيين وبين المستوطنين اليهود فيها، مما قاد إلى الطريق المسدود في عملية التفاوض الجارية منذ تسعة عشر عاما، وإما أن واشنطن تسعى فقط إلى مجرد "عملية إدارة صراع" بانتظار حسم حربيها على العراق وأفغانستان حيث يتسنى لها آنذاك إملاء شروط للسلام لا تختلف عن شروط الاستسلام تريد هي وحليفها الاسرائيلي فرضها على المفاوض الفلسطيني، ولا يوجد أي تفسير آخر لرفض واشنطن "الاستماع مباشرة" إلى حماس، وهي ترفض ذلك على الأرجح لأن الحركة تعرض إطارا ومرجعيات للتفاوض على دولة فلسطينية حقيقية ذات سيادة فعلية تتناقض تماما مع إطار ومرجعيات عملية التفاوض على تقاسم الضفة الغربية الجارية منذ عام 1993 والتي لم يعد يوجد في الأفق ما يشير إلى أنها سوف تتمخض عن أي نتيجة أخرى غير الفشل.
لهذه الأسباب على وجه التحديد ما زال "شركاء السلام" غير العرب يصرون على تصنيف حماس كمنظمة "إرهابية"، فهذا التصنيف فقط هو الوحيد الذي يمنع "الاستماع مباشرة" إلى رؤيتها ومرجعياتها للتفاوض، وهي رؤية تحظى بتأييد أغلبية شعبها كما أثبتت نتائج الانتخابات التشريعيى للحكم الذاتي الفلسطيني أوائل عام 2006. بل وتحظى بموافقة أغلبية فصائل المقاومة الفلسطينية سواء المؤتلفة في إطار منظمة التحرير أو تلك التي تعمل خارج إطارها كما أثبتت معارضة فصائل منظمة التحرير لاستئناف المفاوضات المباشرة مؤخرا. وقد أثبتت الحركة حرصها على الانجاز الوطني المتمثل في الاعتراف الدولي بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد لشعبها في سلسلة طويلة من الاتفاقيات للمصالحة الوطنية التي نصت على تفعيلها تم التوصل إليها في القاهرة وبين الأسرى في سجون الاحتلال ومكة المكرمة وصنعاء، وأثبتت خلال تاليف حكومة الوحدة الوطنية حرصها على ثنائية المقاومة والتفاوض وعلى صلاحية منظمة التحرير في التفاوض، وبالتالي اسقطت كل الذرائع التي تساق لرفض منحها ما تستحقه من شراكة في صنع القرار الفلسطيني، وللاستمرار في حصارها داخل القطاع وملاحقتها خارجه، ولرفض "الاستماع المباشر" إليها. إن التذرع بميثاقها للاستمرار في إقصلئها وعزلها ومحاصرتها ومطاردتها هو ذريعة لا تقل تهافتا عند مقارنة ميثاقها بميثاق فتح الذي يتفق مع ميثاقها في الجوهر وإن اختلف عنه في اللغة، أو مع مواثيق الأحزاب السياسية الحاكمة أو الممثلة في "كنيست" دولة الاحتلال الاسرائيلي التي تجهر بمعارض "حل الدولتين" واتفاقيات أوسلو و"عملية السلام" الجارية، والأحزاب الأربعة الداعية إلى مؤتمر "الأردن هو فلسطين" المقرر عقده بتل أبيب في الخامس من الشهر المقبل الممثلة بسبعة مقاعد في الكنيست ليست إلا مجرد المثال الأحدث.
إن المسؤولين "غير الأميركيين" الذين زاروا غزة، بدءا من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي- مون بعد العدوان الشامل على القطاع قبل عامين وانتهاء بوزير الخارجية الألماني غويدو فيسترفيله مؤخرا ومرورا بنظيره الفنلندي الكساندر ستوب الشهر الماضي ومفوضة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي البارونة البريطانية كاثرين اشتون في تموز / يوليو، كانوا أميركيين في "دفن رؤوسهم في الرمال" عندما رفضوا اغتنام الفرصة ل"الاستماع مباشرة" إلى قادة حماس في غزة، مكتفين بالبحث عن "دراسة طرق محددة لتحسين الوضع الانساني" في القطاع كما قال أندرياس بيشكى الناطق ياسم فيسترفيله عن "الهدف" من زيارة وزيره، وهو وضع لا يمكن أن يتحسن جوهريا طالما ظل كل هؤلاء وغيرهم ممن يدعون السعي إلى السلام يتجاهلون الحقائق السياسية الفلسطينية القائمة على الأرض.
ولم يعد أي مراقب محايد يجادل في أن "شركاء السلام" جميعهم إنما يحاصرون قطاع غزة كرهينة لعملية السلام، وبما أن هذه العملية لا تنبئ بأي نهاية لها في الأجل المنظور، فإن هذا الحصار سوف يستمر طالما ظلت هذه العملية على قيد الحياة، وأي اختراق فيها قد يشير إلى نجاحها سوف ينذر فقط بأن القطاع معرض لعملية عسكرية دموية لاجتثاث المقاومة منه كشرط مسبق لانجاحها، أو كشرط مسبق لتحقيق اختراق فيها، مما يفسر التحذير من "مخطط اقليمي ودولي" لضرب حماس "خلال المرحلة المقبلة"، كما حذر النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي د. أحمد بحر في التاسع من الشهر الجاري ويفسر كذلك "المخاوف" التي أعرب عنها مؤخرا وكيل وزارة الخارجية بغزة د. أحمد يوسف من عدوان جديد تشنه دولة الاحتلال الاسرائيلي "تخرجها من حالة الاختناق التي تعيشها والادانة الدولية من قبل المجتمع الدولي عن طريق "شيطنة" حركة حماس وربطها ب"القاعدة" بالرغم من أن الحركة تمثل اتجاها "وسطيا" بعيدا "كل البعد عن قناعات القاعدة" ويتمتع بقدر عال من "الاعتدال" ورغبة "في التواصل مع المجتمعات الغربية". أما إذا انهارت "عملية السلام" نهائيا فإن انهيارها سوف يسقط مرجعياتها وإطارها ومفاوضيها وربما عندئذ تصبح رؤية حماس ومرجعياتها وإطارها ومفاوضوها جديرة ب"الاستماع المباشر" وبديلا لاستراتيجية جديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية أساسها وحدة وطنية مبنية على شراكة وطنية حقيقية تكون مقاومة الاحتلال بكل أشكالها هاديها وحاديها.
* كاتب عربي من فلسطين
[email protected]*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.