الليبرتارية كلمة انجليزية تعني الحريون أو مذهب مؤيدي مبادئ الحرية ، وهو مذهب سياسي وحركة وعي اجتماعي وفلسفي يؤمن بضرورة الحفاظ على الحرية الفردية وإزالة كل القيود أو تقليص حجم القيود المفروضة على حرية الإنسان من قبل الحكومة ، لأن الإنسان يمتلك نفسه ويمتلك ممتلكاته ، ولذلك يجب أن يمتلك حرية التصرف في نفسه وفي ممتلكاته كما يشاء وليس كما يشاء له ، ولكن بشرط ان لا يكون في هذه التصرفات أية تعديات على حرية الآخرين أو ممتلكات الآخرين أو ممارسة الإكراه ضد الآخرين ، ولذلك يعارض الليبرتاريون أبه تدخلات حكومية في سلوك الإنسان حتى ولو كانت مؤيدة بأغلبية ديمقراطية ما دام الإنسان لم يمارس الإكراه ضد الآخرين ، كما يعارضون تدخل الحكومات في الشؤون الاقتصادية ما دام الاقتصاد لا يمارس الإكراه أو الاحتيال ، وقد انقسم الليبرتاريون الى فريقين في موضوع الضرائب ، فريق يعارض فرض كافة أنواع الضرائب ، وفريق يري ضرورة فرض بعض أنواع الضرائب التي يعتقدون انها ضرورة لحماية الإنسان ، والى فريقين في موضوع الحكومة ، فريق يرى ضرورة وجود حكومة ولكن شرط تخفيض صلاحيات هذه الحكومة بحيث تكون قاصرة على حماية حرية المواطنين والملكية الخاصة والسوق الحرة ، وفريق اناركي ( اناركيزم ) لا سلطوي ( لا حكمي ) أي ضد مبدأ وجود السلطة من الأساس ، والاناركية مصطلح يوناني دخل في اللغة الانجليزية في عام 1642 خلال الحرب الأهلية ، وقد استخدمه الملكيون ضد المعارضة كمصطلح للتحقير ، ولكن هذه النظرة تغيرت عندما بدأ استخدام هذا المصطلح بشكل ايجابي في الثورة الفرنسية ، ولكن ورغم ان المفهوم السلبي انتهى في القرن السابع عشر إلا ان هذا المفهوم ما زال يستخدم في اللغة العربية ، وظلت الاناركية تحمل الدلالة السلبية التي تعني الفوضى المشحونة بالعنف أو الفوضى الخلاقة كما كانت تنظر لها كوندا ليزا رايس وزيرة خارجية الولاياتالمتحدةالأمريكية السابقة ، والاناركية فلسفة سياسية اجتماعية ترجع الى جذور قديمة وهي اللاسلطوية الفردية التي تقوم هلى الحرية المطلقة للفرد في مواجهة السلطة والجماعة ويمثل هذا التيار الفيلسوف الانجليزي وليم غودوين والمفكر الألماني شترينر، واللاسلطوية الجماعية ( الشيوعية ) التي تدعو الى مجتمع تتعاظم فيه الحرية الفردية وتنتفي فيه السلطة القمعية في إطار جماعي منظم تعاونيا باعتبار الإنسان حيوان اجتماعي ويمثل هذا التيار المفكر الشيوعي الروسي باكونين والمفكر الشيوعي الروسي كروبوتكين والمفكر الفرنسي برودون ، واللاسلطوية المسيحية ويمثل هذا التيار الكاتب الروسي تولوستوي الذي كان يقول انه كان يستلهم من الديانة المسيحية رؤى تحررية لا سلطوية ، وعلى أي حال وفي كل حال لا شك ان اللبرالية مذهب سياسي وحركة وعي اجتماعي تقوم على الحرية والمساواة ولكنها تختلف في تفسير مفهوم الحرية وتفسير مفهوم المساواة ، وينعكس هذا الاختلاف على توجهات الليبرتاريون ولذلك نرى أن مفهوم الليبرالية يختلف من مجتمع الى مجتمع ، لأن الليبرالية تتحرك وفق أخلاق وقيم ومبادئ وعادات وتقاليد وثقافة وحضارة المجتمع الذي يتبناها وتتكيف وفق ظروفه أيضا ، ولذلك ليس صحيحا أن كل ليبرالية يجب أن تشبه أي ليبرالية في كل شيء ، وليس صحيحا ان يشبه كل شقيق شقيقه في كل شيء ، ولذلك يجب على الليبرتاريون ان يبحثوا عن ليبراليتهم في حضارة شعوبهم وفي تاريخ شعوبهم وفي تراث شعوبهم وفي قيم شعوبهم وعادات وتقاليد شعوبهم ، وليس صحيحا ان نرفض كل ما يأتي من الغرب لأن ذلك يعني أن نرفض الاختراعات والتكنولوجيا والصناعات والطائرات والسيارات والتلفزيونات والأدوية ووسائل الاتصال والمواصلات والكشوف الجغرافية والأسلحة والاكتشافات العلمية والفلكية والفلسفة والثقافة وغيرها من الصناعات ، وهذا يعني ان نرفض الحضارة ونعود الى الصحراء ، وليس صحيحا أن نرفض هذه الاختراعات إذا كان لهذه الاختراعات جانب سلبي لأن المسألة لا تتعلق بهذه الاختراعات ، ولكنها تتعلق باليد التي تمسك هذه الاختراعات ، والمكان التي تستخدم فيه هذه الاختراعات ، والهدف الذي توجه إليه هذه الاختراعات ، ولذلك يجب ان نبحث عن ليبراليتنا في تراث شعبنا وليس في تراث الآخرين . [email protected]