أسعار الذهب اليوم في السعوديه وعيار 21 الآن في بداية تعاملات الأربعاء 21 مايو 2025    اليوم.. فتح باب حجز شقق سكن لكل المصريين 7 (تفاصيل)    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    المستشار محمود فوزي: الحكومة لن تترك المتضررين من مشروع قانون الإيجار القديم في العراء    اللجنة العربية الإسلامية: نرحب ببيان بريطانيا وفرنسا وكندا لوقف حرب غزة ورفع الحصار    غزة: 326 وفاة بسبب سوء التغذية ونقص الدواء وأكثر من 300 حالة إجهاض خلال 80 يومًا من الحصار    الاتفاق تم.. آخر تطورات مفاوضات تجديد عقد عبد الله السعيد مع الزمالك    مرموش يسجل ويقود مانشستر سيتي للفوز على بورنموث في الدوري الإنجليزي    توقيع عقد تعاون جديد لشركة الأهلي لكرة القدم تحت سفح الأهرامات    ميكالي يكشف موقفه من تدريب الزمالك    غرق طفل أثناء الاستحمام بترعة نجع حمادي في المراغة    امتحانات الثانوية العامة السابقة pdf.. امتحان الكيمياء 2023 للصف الثالث الثانوي علمي علوم (أسئلة وأجوبة)    «الطقس × أسبوع».. اضطراب الملاحة البحرية وريال نشطة والأرصاد تعلن موعد ارتفاع الحرارة    تجديد حبس المتهم بقتل طفل بكرداسة    مشاجرة وإطلاق نار في جرجا بسبب حادث تصادم بين سيارة ودراجة نارية    عائلة عبدالحليم حافظ تكشف عن تسجيلات نادرة وتحضّر لبرنامج درامي عن حياته    توقعاتك عن الآخرين غير واقعية.. حظ برج الحمل اليوم 21 مايو    موسى يتصدر تريند أنغامي بأغنيته الجديدة «عكينا»    الجمعة 6 يونيو أول أيام العيد فلكيًا.. والإجازة تمتد حتى الاثنين    إرهاق مزمن وجوع مستمر.. علامات مقاومة الأنسولين عند النساء    بمكونات سهلة وسريعة.. طريقة عمل الباستا فلورا للشيف نادية السيد    "حظر".. إجراءات مشددة من القومي للاتصالات تجاه المكالمات المزعجة    نائبة تطالب بتوصيل الغاز الطبيعي لمنطقة «بحري البلد» بأسيوط    نص محضر أبناء شريف الدجوي ضد بنات عمتهم منى بتهمة الاستيلاء على أموال الأسرة    إصابة 6 أشخاص فى حريق بشقة شرق الإسكندرية    عضو مجلس يتقدم بطلب لتفعيل مكتب الاتصال الخدمي بنقابة الصحفيين (تفاصيل)    شاهندة المغربي حكمًا لمباراة الأهلي ودجلة في كأس مصر للسيدات    ستوري نجوم كرة القدم.. أمير مرتضى منصور يشيد بمصطفى محمد.. وإمام عاشور يقبل شعار الأهلي    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    حدث بالفن | حفل زفاف مسلم وحقيقة ارتداء صوفينار الحجاب وانفصال فنان عن زوجته    25 صورة من حفل زفاف مسلم ويارا    أحمد موسى يكشف دور روبرت فورد في تولي أحمد الشرع حكم سوريا    رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق: ما تفعله إسرائيل في غزة يقترب من جريمة حرب    «منصة موحدة وكوتا شبابية».. ندوة حزبية تبحث تمكين الشباب وسط تحديات إقليمية ملتهبة    الأمين العام للناتو يبحث مع وزير دفاع لاتفيا التحضيرات لقمة الحلف في لاهاي    عودة عامر حسين لإدارة لجنة المسابقات؟ رابطة الأندية ترد    «حصريات المصري».. شكوى جوميز ضد الزمالك ورد بيراميدز على ثروت سويلم    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. وزير خارجية فرنسا يؤكد على إصرار باريس الاعتراف بدولة فلسطين.. هاليفى: حماس فاجأتنا فى 7 أكتوبر ولم نكن مستعدين.. برلمان إسبانيا يبحث حظر تجارة الأسلحة مع إسرائيل    من هي السعودية ريم الحبيب صاحبة فيديو مواصفات الرجل المناسب للزواج؟    طارق فهمى: الزخم الأوروبي والأمريكي خطوة أولى لنزع شرعية إسرائيل فى المحافل الدولية    أخبار × 24 ساعة.. المالية تحدد موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 للعاملين بالدولة    السوداني: تشكيل ائتلاف الإعمار والتنمية لخوض الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة    المجلس الوطنى الفلسطينى يرحب بإعلان بريطانيا فرض عقوبات على مستوطنين    يبدأ غدًا.. «متحدث الإسكان» يكشف تفاصيل الطرح الجديد    المدرسة الرسمية الدولية بكفر الشيخ تحتفل بتخريج الدفعة الرابعة    فيديو- أمين الفتوى: قوامة الرجل مرتبطة بالمسؤولية المالية حتى لو كانت الزوجة أغنى منه    هل يجوز الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل؟.. أمين الفتوى يُجيب    تعرف علي موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    وفد صيني يزور مستشفى قصر العيني للتعاون في مشروعات طبية.. صور    الخطيب يقود حملة لإزالة التعديات على أملاك الدولة بالقليوبية    وزير الدفاع يشهد مشروع مراكز القيادة للمنطقة الغربية    وزير الصحة: ملتزمون بتعزيز التصنيع المحلي للمنتجات الصحية من أجل مستقبل أفضل    بروتوكول تعاون بين جامعة جنوب الوادي وهيئة تنمية الصعيد    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    خالد عبدالغفار يبحث تعزيز التعاون مع وزيري صحة لاتفيا وأوكرانيا    «الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية» يوضح مواصفات الحجر الأسود؟    «زهور نسجية».. معرض فني بكلية التربية النوعية بجامعة أسيوط    جامعة حلوان تنظم ندوة التداخل البيني لمواجهة تحديات الحياة الأسرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أضواء على الديانة اليهودية [ 1 ]
نشر في شباب مصر يوم 09 - 04 - 2020

الشق الذي قد يخدع البعض حين حديثه في الأديان أن يناقش أي معتقد بمنظوره الديني أو الثقافي عامة، هنا يكون ذلك المنظور ليس مجرد نظارة يرى بها الأشياء بل طريق تم تعبيده سلفا بكل دعايا ومؤثرات تجعل من هذا المنظور رؤية أحادية غير علمية وكثيرة الأخطاء، وتلك هي المشكلة الكبرى التي تواجه الباحثين في الأديان والمعتقدات.
من ذلك مثلا تجد المسلم يناقش اليهودية على أنها معتقد يؤمن بجنة ونار في عالم ما ورائي علوي بعد الحساب، وهذا إغفال لظاهر النص التوراتي الذي يقر العذاب الدنيوي فقط وأن مآل الخطيئة يكون بالقتل واللعن في الذرية والأمراض كالجذام وغيرها، وقد أغفل سلف المسلمين عن هذه الحقيقة ولم يناقشوها في سياق تناول أهل الكتاب عامة ، واكتفوا برؤية الكتابيين بمنظور فقهي وسياسي ضمن أحكام الجهاد فقط دون أي نشاط منهم في ما نعرفه الآن بعلم مقارنة الأديان.
ولعل هذا الجهل الإسلامي باليهودية منبعه تطور النص اليهودي وإدخال تعديلات عليه حسب الأحداث، فالشعب الإسرائيلي منذ ظهوره على مسرح التاريخ وهو محور أحداث تاريخية مفصلية سنناقشها في تلك السطور، وبرأيي أن تلك الأحداث أبرزها اثنين، الأول: السبي البابلي عام 586 ق.م على يد الملك البابلي نبوخذ نصر، والثاني: غزو الملك الروماني تيتوس لأورشليم سنة 70 م، وكلا الحدثين يجمعهما تدمير هيكل سليمان المقدس، ويشهد على ذلك النص الديني اليهودي بمتغيرات ومعتقدات مبنية على هذين الحدثين منها ظهور مصطلح "الهيكل الثالث" الذي بناءً عليه دعت بعض طوائف اليهودية المعاصرة لإنشاء دولة تقيم ذلك الهيكل فكانت إسرائيل.
وبعيدا عن قصة هذه الدولة المعاصرة التي عاصمتها "تل أبيب" واعترفت بها الأمم المتحدة فشأنها سياسي بحت ، أقول بأن الإشارة إليها هنا في معرض نشأة اليهودية فقط لأهمية دولة المسيح المخلص في المعتقد اليهودي والذي بشرت به بعض كتب التناخ/ العهد القديم كحاكم يهودي آخر الزمان يخلص شعب إسرائيل من الظلم، وبالتالي فدراسة اليهودية لا يجب أن تغفل الجانب العاطفي المميز لصدمات السياسة، لاسيما أن تصور أي معتقد في سياقه الاجتماعي والسياسي يعطينا لمحة عن طبيعة تشكل الفكر المبني على تلك السياقات لتأثيرها في الذهن والنفس البشرية، ولأن أقدس تلك المعتقدات تصور اليهودي عن العدالة والثواب والعقاب أصبحنا في حاجة إلى فهم ذلك التصور لارتباطه ذهنيا بأحداث السياسة ودمار الهيكل والسبي والظلم الذي جرى لشعوب إسرائيل الأولى حسب العهد القديم.
مما يفتح الباب للعلم بهوية وحقيقة موقف اليهودية من الآخرة كمكان يستوعب مفاهيم العدالة والثواب والعقاب المقابلين جميعا للظلم، وهل لو وجد الحساب الأخروي تاريخيا سيكون متعلق فقط بفترة ما بعد السبي البابلي في القرن 6 ق.م وشعور العبيد اليهود وقتها بالحاجة إلى حساب ما ورائي يعاقب نبوخذ نصر وتيتوس وجنودهما وكل من دمّر الهيكل؟ أم كانوا ينتظرون إصابة أعدائهم بالجذام والجدري والقمل كما جرت عليه العادة بتصوير نبوخذ نصر بصورة مسخ مريض في الرسومات اليهودية القديمة؟ أم جمعوا بين كل ذلك في معتقد تطور عن اليهودية الأولى مما يدفعنا لمناقشة حقيقة تصور العبرانيين لدينهم مع الزمن ورصد كيفية تطوره.
وفي هذا السياق نطرح السؤال الحاسم : هل توجد آخرة في الديانة اليهودية تحقق مبدأ الثواب والعقاب الملازمين للعدل؟ قلت: يوجد نص يهودي فلسفي شهير إسمه "ديريش هاشم" Derech Hashem كتبه الحاخام الإيطالي "موشيه لازاتو" في القرن 18م ومختصر هذا النص أنه تعاليم سلوكية وعقلية في الدين اليهودي، يقال أنها تطور لما فعله اليهود في المدراش وكتابات بن ميمون..لكن لازاتو حاول الجمع فيه بين الثلاثي (الدين والعقل والأخلاق) ولأن دافع ممارسة الأخلاق يتحقق ب (الوعد والحساب) قال لازاتو بأن الأجساد ستبعث في عالم مفارق لم يحدده ولم يسميه، مع العلم أن بعض اليهود المتشددين ثاروا على أفكار لازاتو بعد ذلك لاعتقادهم إن الحساب ليس في عالم مفارق ولكنه يحدث في الدنيا وبعد الموت في القبر.
وبرأيي أن لازاتو كان تعبيرا للفكر اليهودي في زمنه المشغول بتحرير قضايا فلسفية كالروح، وبالتالي ما كتبه كان امتداد لما أحدثه اليهود الأوكران المسمين ب "الحسيديم" الذين آمنوا بوجود نوعين من الروح، الأولى حيوانية والثانية إلهية، تقوم الأولى بفعل الشر والثانية بفعل الخير، شئ أشبه بقصة آهورامازدا وأهريمان في الزرادشتية، صراع بين الخير والشر في نفس الإنسان طبيعي يتطور بنصوص لازاتو التي أكد فيها على وجود بعث غيبي في عالم مفارق يحقق العدالة ويجعل للأخلاق معنى.
أما أن اليهود بشكل عام يؤمنون بآخرة؟..فالجواب : نعم..ولكن هي على قسمين أرضي دنيوي، وأرضي في عالم مفارق، القسم الأول فيه يسموه بالدينونة أي حكم المسيح آخر العهد الذي بشر به سفر أشعياء، وفيها خلاف كبير بين المسيحيين واليهود..بمعنى أن المسيحي يؤمن أن انتقام الرب في الدينونة سيكون من اليهود الرافضين للسيد المسيح، بينما اليهودي يؤمن بأن الدينونة لعقاب خصوم إسرائيل أو الأغيار، ومفارقة لطيفة أن الدكتور الخشت رئيس جامعة القاهرة الذي ناظر شيخ الأزهر منذ عدة أيام له كتاب عن "تطور الأديان" ذكر فيه تلك النصوص الدالة على اعتقاد اليهود بالآخرة.
أما القسم الثاني فتوجد إشارة تاريخية لاعتقاد اليهود في البعث الأرضي أولا: في ما سمي بالملائكة المدمرين Destroying angel وكيف أن دورهم معاقبة الإنسان في حياته وبعد الموت، وأشهر هؤلاء الملائكة هو الملاك "دوما" وبرغم أن هذه المعتقدات غير مدونة في التناخ بشكل رسمي لكنها أخذت بعدا شعبيا في الأدب التوراتي وشروحه في المدراش..والمدقق في تاريخ وسيكولوجيا اليهود يرى أنه ومن كثرة تعرضهم للاضطهاد والقمع والطرد تعلقوا بزعمائهم الدينيين الذين كانوا يفسرون هذا المصير من زاوية دينية ميتافيزيقية، فأصبحت كتابات هذه الزعماء تضاهي في قوتها ورمزيتها قدسية النص الديني، ومن تلك المرجعية جاءت قدسية التلمود والمدراش إضافة لسائر كتب العهد القديم دون الأسفار الخمسة.
ثانيا: وجدت إشارة معتقد اليهود بعذاب القبر عن طريق مؤرخي المسلمين الأوائل الذين نسبوا هذا المعتقد ليهود المدينة، وهذا صحيح بالمجمل..فاليهود الأوائل آمنوا بأن أرواحهم تذهب بعد الموت في حساب أخروي في القبر هو شكل من أشكال محكمة الموتى في الدين المصري القديم، مما يعني أن مصدر عذاب القبر الإسلامي هو تفسير يهودي لنصوص التناخ في المدراش والأدب الشعبي التوراتي تأثرا بعقائد المصريين القدماء بعد الموت، وفي دراستي عن ديانة مصر القديمة أشرت لذلك..وفي دراسات أقدم منذ 6 سنوات نشرت دراسة مفصلة عن مصدر هذه العقيدة لدى اليهود..وكيف أن الروايات التاريخية الإسلامية اتفقت تقريبا على أن الرسول أخذها من يهود المدينة (حسب قولهم)
والمدراش هو مجموعة كتب يهودية للأحبار ضمن عدة صنوف علمية منها القصص الشعبي والحِكَم العملية والمواعظ الاجتماعية والسياسية، لكن محورها يدور حول تفسير الحاخامات للشريعة اليهودية في الأسفار الخمسة، ولأنها جهد خاص للأحبار فقد اتصفت بكل ما يوصفون بها من انحيازات سياسية وفكرية وقدرات ذهنية منها الأخذ بالظاهر والباطن..فصارت تفاسير اليهود في المدراش تأخذ النزعة الباطنية في تفسير النصوص مما يعني إضافة جهد شخصي أو وضع أحكام خاصة مكتسبة لاحقا صفة التقديس لتصبح نصوص مقدسة بحيالها.
والمدراش عموما لم يختص بتفسير الكتب الخمسة الأولى في التوراه بل طالت تفاسير بقية كتب التناخ كالنبوئيم والكتوبيم، وبالتالي هي لا نظير لها عند المسلمين إذ أنه يكون بتلك الصورة يساوي بين كل نصوص التناخ من حيث القيمة، في حين نجد المسلمين يصنفون في القرآن على نوعين (تفسير وعلوم) بينما الحديث (شروح) هنا المدراش يجمع بين كل هذه الأنواع ويضع كل أسفار التناخ في مرتبة واحدة لتخرج بشروحات هي المهيمنة على الفكر اليهودي بعد التلمود، وعليه أيضا نستنتج أن المدراش مختلف في جوهره عن التلمود لاسيما الأخير غير متقيد بنصوص التناخ بل هو كتب مستقلة وحكايات مضافة للتناخ، بينما المدراش مرتبط بالتناخ حرفيا.
أما سفر أشعياء فهو أيضا حاضر للتبشير بقيامة بعد الموت، والدارس لهذا السفر يجده عبارة عن تنبؤات أكثر منه تعاليم..بمعنى أن الآخرة في الفكر اليهودي هي تنبؤات متسقة مع فكرهم الأسطوري عن الزمن والمستقبل..وفي موسوعة الصهيونية للمسيري ذكر أن اليهود هم أكثر طوائف العالم تعلقا بأحداث المستقبل وتفسيرها على نحو خرافي مشحون بالأمل..وفي تقديري أن هذا صحيح لكن ينافسهم في المركز الأول طوائف السلفية الإسلامية المعاصرة ومن ضمن هؤلاء داعش والقاعدة الذين انشغلوا بالزمن والمستقبل وفقا لنصوص تنبؤية قديمة عن أحداث نهاية العالم والمهدي المنتظر وملاحم آخر الزمان. وللحديث بقية
----
بقلم / سامح عسكر
كاتب وباحث مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.