وزارة الأوقاف تفتتح 19 مسجدًا.. اليوم الجمعة    تعرف على سعر الذهب اليوم الجمعة.. عيار 21 ب3080    الفسفور.. أسعار الجمبري اليوم الجمعة3-5-2024 في محافظة قنا    مواعيد صرف معاش تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة لشهر مايو 2024    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تجدد غارتها على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    أكبر جامعة في المكسيك تنضم للاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين.. ما القصة؟    تموين الغربية يضبط 2000 لتر سولار بمحطة وقود لبيعها بالسوق السوداء بالسنطة    جنازة مهيبة لطالب لقى مصرعه غرقًا بالمنوفية (صور)    وزارة التضامن وصندوق مكافحة الإدمان يكرمان نجوم دراما رمضان 2024    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة3-5-2024    دراسة أمريكية: بعض المواد الكيميائية يمكن أن تؤدي لزيادة انتشار البدانة    دراسة: الأرز والدقيق يحتويان مستويات عالية من السموم الضارة إذا ساء تخزينهما    أوستن: لا مؤشرات على نية حماس مهاجمة القوات الأمريكية في غزة    انتهاء أزمة الشيبي والشحات؟ رئيس اتحاد الكرة يرد    اليونسكو تمنح الصحفيين الفلسطينيين جائزة حرية الصحافة    أهداف برشلونة في الميركاتو الصيفي    نجم الأهلي يقترب من الرحيل عن الفريق | لهذا السبب    "الدفاع التايوانية" تعلن رصد 26 طائرة و5 سفن صينية في محيط الجزيرة    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    20 لاعبًا بقائمة الاتحاد السكندري لمواجهة بلدية المحلة اليوم في الدوري    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    10 أيام في العناية.. وفاة عروس "حادث يوم الزفاف" بكفر الشيخ    هل يجوز الظهور بدون حجاب أمام زوج الأخت كونه من المحارم؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلًا شمال رفح الفلسطينية إلى 6 شهداء    تركيا تعلق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل    كاتبة: تعامل المصريين مع الوباء خالف الواقع.. ورواية "أولاد الناس" تنبأت به    العثور على جثة سيدة مسنة بأرض زراعية في الفيوم    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    الإفتاء: لا يجوز تطبب غير الطبيب وتصدرِه لعلاج الناس    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    بركات ينتقد تصرفات لاعب الإسماعيلي والبنك الأهلي    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    سعر الموز والتفاح والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 3 مايو 2024    بشير التابعي: من المستحيل انتقال إكرامي للزمالك.. وكولر لن يغامر أمام الترجي    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    هالة زايد مدافعة عن حسام موافي بعد مشهد تقبيل الأيادي: كفوا أيديكم عن الأستاذ الجليل    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اشتداد الازمات الاجتماعية ,تولد همة, تحويل الاضرحة التصوفية لمحجات ناجعة
نشر في شباب مصر يوم 13 - 06 - 2019

يشهد تاريخ الفكر السياسي الانسي العالمي ,ان التصوف السياسي مرتبط بسقراط صاحب مقولة *اعرف نفسك بنفسك* ,والتي زكاها القران من خلال اية ,*بل الانسان على نفسه بصيرة**
سبق ان وقفت مع ابن خلدون ,على اعتباره عالم التصوف عالم معنوي تالثي, بين عالمي السحر والنبوة,فقد كان سابقا على سمير امين في اعتماد النظرية التالثية ,مع اختلاف ان سمير امين انصب اهتمامه على المجال الترابي المادي ,وابن خلدون على المجال العلوي السماوي الامادي
فعالم التصوف اذن عالم معنوي تتقاسمه كافة البشرية ,فلكل مجتمع قداساته وطرق صرفها اجتماعيا وسياسيا,ومنذ ان صدح القران في سورة الكهف **ابنوا عليهم مسجدا **
هناك تصوف يهودي ومسيحي وبوذي وعبراني وغيره ,بل وقف العالم الحداثي جد مشدوه في ثمانينيات القرن الماضي ,حينما صرح الرئيس الفرنسي ميتران, بانه جد مشدود لعالم المعنى الروحي,وهو الذي اجرى اصلاحات عميقة زعزعة اركان الكهنوت الطاغي ,لذلك صحت مقولة النفري في المجال ,بانه **كلما اتضحت الرؤيا ضاقت العبارة **
التصوف السياسي المغربي ,يستحق بالغ الاهتمام ليس لفائدته المجتمعية فحسب ,بل لانه اصلا جدير بالاهتمام ,لكونه معين دائم الجريان ,طالما التباث الستاتيكي الانتروبولوجي كما ان توارثية اخذ الخلف عن السلف ,كلها علامات دالة على اهمية التصوف السياسي بالاخص في الجوانب الاجتماعية والعقدية ,طالما ان عمقه الدولتي معروف ايضا
التصوف السياسي هو اذن راسمال رمزي ,ذي فيض بقيمته مضافة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا
هو تصوف سياسي ليس لان اقطابه سياسيين ابدا ,وليس لانه منشغل بالسياسة ابدا ,هو كذلك لانه ذو صلة بالرياسة المجتمعية ,وسياساته التدبيرية لكافة مناحي حياة الافراد والاسر وحتى المجتمع,بالاخص في لحظات الافلاس العام الفاقدة لكل بوصلة مالكة لادنى حس تكافلي
التصوف السياسي المغربي هوسياسي لارتباطه بالطالبيين الفارين من سلطة بني عمومتهم العباسيين واسسوا لهم دولة طالبية اندلسية بالمغرب والاندلس
التصوف الاسلامي الحسني متشعب جدا ,ففروع شجرته تشمل سلالة المنتسبين لعبدالله الكامل الحفيد, لانه حفيد الحسن بن علي من ابنه الحسن
من هذه الشجرة الوارفة والصلبة الجذوع ,خرجت طرق صوفية باقطاب شغلوا الدنيا والناس قديما وحديثا ,بالامس كما اليوم والغد
اصعب اشكال واجه التصوف السياسي المغربي ,هو تزكية شرف الانتساب ,فيضطر السلاطين المغاربة احيانا لاستنفار كافة رجالاتهم للتتبث من يقينية شرف الانتساب ,لكن طالما الدنيا مصالح والدول اهواء وميولات ,فقد حلت لحظات احتكم فيها الجميع لقول النبي لاهل بيته بان يعضواعلى العمل** ,حتى** لاياتوه بالانساب يوم ياتيه الناس بالاعمال **والمتفحص لانساب الشرفاء عند البلاذري سوف يجد ان المكانية الطوبونومية تختلط بالنسبية البيولوجية الدموية ,فكم من شخص مر بمكان قطنه منتسب للاشراف وانتسب مكانيا لتلك المنظومة الشريفية
مجال التصوف السياسي النبوي على الشاكلة الاسلامية ,يشفع فيه العمل ولايشفع النسب,كما اننا اليوم في زمن دساتير المواطنة السياسية القائمة على المساواة القانونية,التي تخونها الترجمات الواقعية للحقوق في سياسات ديموغرافية ناجعة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا ,بل معظم الدول الان ترزح تحت رحمة البيروقراط ونزواتهم النهمية الانهائية
قد نتسائل ماجدوى اثارة موضوع التصوف السياسي ,طالما الناس اذن سواء ,حيث لاوضيع ولاشريف ,ولاوزير ولاغفير ؟
كما سبق واشرت اهمية الموضوع مستمدة من ارتباطه بالرياسة المجتمعية من جهة ,لانه في العلوم السياسية الرياسة من احد تعاريف السياسة ,كما ان احتماء الناس بالزوايا والبوح لاشرافها بحاجياتهم الحميمية من الام وامال من جهة ثانية ,يدلل على احترافية سياسية غير قابلة للتجاوز ,كما انه بالنسبة للاميين الذين يستعصي عليهم التجريد فالاضرحة لاتخلوا بالنسبة لهم من اهمية سيكولوجية ,بل حينما نستنطق حقيقة المجتمعات التي تتزوج فيها الاناث في سن صغيرة بحكم المداهمة الطبيعية المبكرة للخصوبة لهن ,فانهن حينما يواجهن مشاكل الامية وكثرة الابناء فان الاضرحة تشكل بالنسبة لهن متنفسا سيكولوجيا مخففا من اثار الضغوط التي لاتتهيا لها الشخصية
الزوايا اذن هي بنيات مجتمعية تحترف التربية الروحية ومجالاتها المعقدة ,مثلما تحترف الاندية الرياضية البدنية مجالات التكوين البدني الجسماني ,فهي اذن بهذا المعنى ذات فائدة سياسية وجديرة بالاهتمام السياسي
قد يقول قائل بان الانسان يشكو من تشتت هوياتي ,طالما انه يتلقى تكويناته الحياتية من مصادر متفرقة وغير منسجمة مع بعضها ,نعم هذا صحيح ويحتاج من المواطن ,النباهة واليقظة كاحدى ضرورات الحياة التي تحتاجها المدارس الفكرية والبدنية , كما الزوايا والاحزاب
في الجامعة لتتكون فكريا تحتاج لاستاذ ,والاندية الرياضية لكي تتكون بدنيا تحتاج لمعد بدني ضالع في التدريب الجسماني,بالمثل في الزوايا التصوفية يحتاج الفقير الى عفو الله ورضاه ,الى شيخ مربي وقطب مكون ,يكونه عبر اعتماد احزاب وصلوات ورد الزاوية كما هو متعارقف عليه في المجال , أي قواعد التسبيح في ملكوت الله وكونه ,فهنا تحلق بك لاكسجين التامل والذكر,بل حين الرجوع حاليا لنقل طقوس الهيلولى باليوتوب ,تظهر وكان الامر يتعلق بتنويم رياضي يزود الجسد بطاقة روحية لايجدها في صالات التدريب ,ولافي مساجات الجاكوزي
لذلك اذاكانت للمدارس نظاميتها اللباسية ,وللرياضة قواعدها الهندامية ,فزوايا التصوف بدورها اعتمدت لبس الصوف على الصفا واتباع طريقة المصطفى ,وهي مناسبة لتاكيد وحدة التصوف السياسي ,فليس هناك تصوف جبلي واخر سهلي ,لانه نلاحظ رغم ان جبالة معروف عنها جغرافيا انتاج الماعز اكثر من السهول المنتجة للاغنام ,لكن صناعات الصوف اتبتث عبر التاريخ وحدتها ,عبر جلود الاضاحي التي تعتبراكبر مورد للحاجيات الصوفية ,وبالتالي فوحدة مظهر الزوايا من خلال الهندام الصوفي, تمهيد منطقي لوحدتها الجوهرية ,لانتهائها كما اسلفت ,لنفس العقيدة المبنية على خيرية العمل الصالح وتشريفه للانسان
المغرب جغرافيا لايخلو اذن أي شبر من ترابه من زوايا واضرحة ومراكز الاقطاب المشايخ الكبار ,الذين يعد موريديهم بعشرات الالاف ,فلكل فقير طريقة يحفظ احزابها واورادها كنوافل ,مكملة لتوابث الدين التي تمارس طقوسها بالمساجد
علاقة التصوف بالبحر حكاها القران في رواية النبي موسى مع السيد الخضر عليه السلام ,فالنبوة ختمها النبي محمد كما معروف في الاسلام ,اما اولياء الله الذين لاخوف عليهم ولاهم يحزنون فهم ممتدون على الدوام ,ومنهم اشتقت ايضا نظرية المهدوية ,وقد اتهم الفرنسيون خلال الحقيبة الاستعمارية بالمغرب العلامة المختار السوسي بانه المهدي المنتظر ,واغرقوا كوميسارية مراكش بمحاضر بوليسية بذلك الشان
البحر اثردومااذن ان تحرسه القداسة, فتجد الشواطئ البحرينية على المستوى العالمي ان في التصوف المسيحي او الاسلامي تحرسه اسماء رجال ونساء قديسين او اولياء بالمفهوم الاسلامي ونعطي امثلة كنديا هناك سان لوران, وسانت كون, وسان جونز, وسان بيير,و ميكلون ,وسانت كاترين, وسانت ميري ,وسانت جون
وفي الولايات المتحدة والمكسيك ,سان دييجو, وسان خوسييه بامريكا دائما, وبالانتيل سانت لوتشا وسان فانسان وسان بارتيليمي, وسان مارتان
وفي فرنسا سان بريو, وسان نازير, وسان لو وسان مالو
وفي ايطاليا سان ماينو,اضافة لحلقات الماساسوشيت المنتهية للاسماعيلية الماسية
وفي اسبانيا سان سيبيستيان
وفي المغرب برباط اسفي ابو محمد صالح بن ينصارن ,وازمور ابوشعيب ايوب السارية, والبيضاء ابي الليوث او سيدي بليوط ,وسيدي مومن وسيدي فاتح وسيدي عبدالرحمان
واكادير اوفلا سيدي بوجمعة اكناون, وما سا وميرلفت سيدي بولفضايل ,وسيدي وساي بماسة القبائل , والقصر الكبير لالة عيشة الادريسية وعلي بوغالب القصري, وتطوان مولاي عبدالسلام مشيش او بشيش حسب النطق
وفي سلا عبدالله بن حسون
واصيلا /طنجة قاسم بن ادريس, وازمور لالة عائشة البحرية, وبتزنيت شاطئ اكلو سيدي وكاك ,ودكالة سيدي عبدالله امغار
احد الرواد العسكريين الاسبان ,الحاكم بمنطقة العرائش خلال تلاثينيات القرن الماضي, واسمه خينارو اورياطي ,القى محاضرة في متم يوليوز الف وتسعمائة وتلاثين ,تحت عنوان ***الروابط الدينية بجبالة ومختلف طوائف الشرفاء الزوايا –الاضرحة ***ولاهمية المحاضرة فقد ترجمها للعربية مشكورا, الدكتور عبدالعزيز العيادي العروسي
في هذه المحاضرة انشغل الرائد المذكور بالتحول السياسي الذي عرفه المغرب من القرن السادس عشر للقرن العشرين ,حيث تحولت الزوايا الى اضرحة ,والى ذلك يشير بقوله ****الزوايا في القرن السادس عشر الميلادي لم تكن مراكز التجمعات من اجل الذكر والتعليم فحسب ,بل كانت ايضا مراكز لتجنيد المتطوعين للجهاد ,دفاعا عن العقيدة ,ومحلات للصلاة والذكر والتوجه الى الله ,ومحاكم لتطبيق العدالة ,ومدارس لتعليم العلوم الدينية ,,وماوي الفقراء,وملاجئ الضعفاء والمعوزين
اما اليوم سنة الف وتسعمائة وتلاثين ,فقد انتظمت الحياة الاهلية ,وتاسست الادارة الخالية من العراقل ,لتقوم بتاطير الاهالي ,فان الزاوية قد اخمد شعاعها ,بتعويضها حاليا بضريح معظم لرجل مكرم ترك في منطقته, نسمة الفضيلة والحب لبني جنسه**
بطبيعة الحال من يستقرا اصل التصوف السياسي المغربي ,يجده خرج من عمق المحنة العسكرية السياسية ,فموقع فخ البعيد ببضع اميال عن مكة ,خير شاهد على ان ابني عبد الله الكامل الحفيد أي حفيد الحسن بن علي السبط ,كلاهما له صولة وجولة مع بني عمومتهم العباسيين ,فابنه محمد النفس الزكية الذي ظهر مبايعا بالمدينة سنة مائة وخمسة واربعين هجرية ,صارع بني العباس لغاية سنة مائة وتسعة وستين, حيث قتل بموقع فخ ,نفس الموقع فخ فر منه ادريس الاكبر مؤسسة الدولة الادريسية, فاضطره اللجوء السياسي سنة مائة واثنين وسبعين الى تاسيس الدولة الادريسية,لكنه لقي مباركة في رحلته التي دامت سنة كما اورد ابن عذارى ,حيث رجع كل الفضل للعامل ابن اسليمان الذي اكرم وفادته
المولى ادريس الاكبر ترك ابنته فاطمة الزهراء , بموضع ولادتها بالمدينة المنورة ,لذلك فالتصوف الفاطمي ,ينتسب اما لفاطمة الزهراء ام الحسن والحسين ,واما لفاطمة الزهراء العلمية التي خàرجت منها الفروع الوزانية ,واما لفاطمة الزهراء الادريسية التي تركها بالمدينة
ادريس الاكبر ولد من كنزة الاورابية البربرية ابنه ادريس الاصغر او الازهر, الذي خلف اثناعشر ابنا ذكر ,كلهم ملتفون حول الحضرة الادريسية بفاس,وبزرهون ,واهم ابناء ادريس الازهر في تاريخ الدول ,عيسى الذي استقر بتلمسان ومنه وعنه تفتقت ممالك بنو عبدالواد بما فيها الفروع التومرتية بالمغرب ,وهناك ايضا القاسن بن ادريس دفين سيدي قاسم وابناء عمومتهم من الهادي بمكناس
موقع فخ شاهد اذن على ان التصوف السياسي المغربي في جزئه الكبير ,خرج من محن السياسة والسلطة وتاسيس الدول,مع الاخذ في الحسبان ان الابن التالث لعبدالله الكامل او الخالص موسى الجون الذي يتحدر منه القطب عبدالقادر الجيلالي رجل الدين البغدادي ,مستثنى من محنة موقع فخ ,وتمركز الاحفاد من بعده ببغداد وشيوع الطريقة القادرية بالمشرق والمغرب الاسلاميين ,دليل على انها اختارت العمل الديني الصرف,لكنها في الاصل اخذت عن الشيخ الكلاني ,اما الشيخ الاكبر هو الشيخ الكيساني ,وقد اورد الشريف الرضي نقيب الاشراف الطالبيين بالكاضمية ,ان العباسيين ملئوا فراغ الشيخ الكتاني بعد رحيله ,ولم يتركوا لبني عمومتهم ذلك الشرف
التصوف السياسي المغربي ليس بضاعة تصدر وتستورد ,بل هو معنى لايؤمن بالحدود ,لذلك فتح المشرق احضانه له عطاء واخذا
فالتصوف الغوثي سواء ابي الغوث الاب او مدين الابن ,هو معنى مشترك بين المغرب والمشرق الاسلاميين ,بل ان ابا مدين الغوث استاذ قطب التصوف المغربي عبدالسلام بن مشيش والاخير استاذ احمد اوموسى دفين تزروالت واستاذ الشاذلي صاحب دليل الخيرات الذي اورد ابن بطوطة انه دفين مصر
ارتبطت كراماتابي الغوث , باحتواء الاختراق النصراني للتصوف الاسلامي ,في قضية الرهبان المتخفين في ثياب المسلمين ,والجالسين في حضرة ابي الغوث الذي فاجئهم بانتظار خياط يعد لهم طواقي اسلامية صوفية ,فبعد تجاوز اشكال المظهر دعى الله ان يغير جوهرهم ,فترائت لهم الشموع في وضع الاضاءة والاطفاء, فدلهم على علاقة الايمان بالنور ,فانقلب الرهبان مسلمين حقيقيين ,فاول دروس التصوف السياسي المغربي انه اسلامي الجوهر, يرفض أي اختر اق عقدي غير اسلامي, ولو كان كتابي سامي سماوي من جذع مشترك
جبالة وتحديدا شفشاون, سوف تعطي دليلا اخر على رفض الزوايا الصوفية لاي اختراق ولو كان يهوديا عبريا ايضا ,المثل هذه المرة يتعلق الامر بالقطب علي بن ميمون الغماري ,وقع له ان راى وهو قاضي بشفشاون ان يهوديا قبل يد امير المدينة ابي الحسن علي بن راشد الاكبر ,فاستنكر السلام على يد يقبلها اليهود, فكان منفاه للمشرق حيث اسس هناك الطريقة الميمونية ,الموازية للطريقة الشاذلية الجزولية بالمغرب ,فهناك رفض الاختراق العقدي, فكان مبدئه الاساسي *لكم دينكم ولي دين*
التصوف السياسي المغربي ,يعيش جدلية الشيخ والموريد ,وعلاقة الاستاذية بالتلمذة ,فاذا كان القطب عبدالسلام بن مشيش دفين جبل العلم , وحفيد الاشراف المزواريين , بجبالة المغربية ,قلت اذا كان تلميذا لابي مدين الغوث ,فهو ايضا استاذ لانجب تلامذته ابوالحسن الادريسي الشاذلي الخميسي الجزولي ,اما عائليا فاذا كان الادارسة يسمون سياسيا ببنو ادريس ,والمرابطين ببني عبود ,والموحدين ببني عبدالمومن ,والمرينيين ببني عبدالحق ,فالعلميون عصبيتهم في بني عبدالوهاب والى حد ما بني يونس
ابو الحسن الشاذلي انتقل هو الاخر للحجاز مدة ستة عشر سنة, وبها قضى خلاف نظرية ابن بطوطة ,مايدل على ان التصوف السياسي المغربي شديد الانجذاب نحو المركز الروحي النبوي
اما القطب بن مشيش المولى عبدالسلام ,فقد قضى على يد ابي الطواجن الغماري , في العشرينية الاولى من القرن السابع الهجري ,لكن قبيلة برابر بني سعيد, بوادي لواقليم شفشاون , كانت له بالمرصاد وقتلته
هناك زوايا صوفية عديدة في كل ارجاء المغرب ,فهناك في بركان الزاوية البودشيشية القادرية ,والتسمية تحيل على تزهد قطبها الاكبر عبر الاستعصام باكلة الدشيشة في احلك المحن ,وهناك الزاوية الشرقاوية بابي الجعد وابو الجعد من المقدسات الاندلسية خلال المرحلة الاسلامية قبل الانتقال للمغرب ,والناصرية بتامكروت
هناك بالشمال دائما الغيلانيين والشرفاء البقاليين ,وهناك الدرقاويين ,وباقي القادريين المسمون جيلالة او الجيلاليين ,وهناك التيجانيين دفين فاس ,الكثيرة الانتشار بالمنطقة المغاربية وجنوب الصحراء لارتباطها بالامارة التيجينية الونشريسية الذائعة النفوذ بالمنطقة
في فاس هناك الزاوية الاصل المسماة الادريسية ,وهناك السملاليون وزاويتهم بتازروالت , ,وكلمة تازروالت قد تحيل على اصلها ببني زروال , وقد تعني بالسوسية تازروتان كما في الشمال أي تلك الصخرة التي تبرك بها ذلك الشيخ الصالح
وهناك الماءعينيين الحسانيين الصحراويين الذين خرج منهم احمد الهيبة ,الى جانب التصوف المرابطي الساحلي
التصوف السياسي المغربي ,حينما يبقي على الاضرحة كعلامات بارزة له ,فان ذلك لايعني بالضرورة طي مغازي الزوايا ,بل فقط وكما اسلف الباحث السالف الذكر اعلاه, تواري الحاجة لها امام الضرورات البيروقراطية ,ادخلها لمتحف التاريخ السياسي ,لكن يوم تشتد الحاجة السياسية لها سوف تستعيد اشعاعها وتعوض النواقص المحتاجة للمكملات الانسية الضرورية ,لكن هذه المرة بثوب انساني منفتح على كل الافاق ,فربما تزمت الزوايا وتقليدانيتها ادخلها لما هي فيه ,ويوم تلبس ثوب الحداثة وتدخل زمنيتها بلا عقد نقص ,ستستعيد مكانتها الوجدانية الروحي
لكن الان بعد ان تازمت السياسات العمومية في مجال الديموغرافيا ,بالاخص الطفولة والشيخوخة ,فان الرجوع للراسمال المادي والامادي لاضرحة وتحويلها لمحجات ذات فاعلية راهنة ,اضحت امرا جد مهم لانهاء الامبالاة البيروقراطية الحالية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.