د/ حمادة جمال ناجي قوم يا مصرى مصر دايما بتناديك خد بنصرى نصرى دين واجب عليك يوم ما سعدى راح هدر قدام عينيك عد لى مجدى اللى ضيعته بأيديك شوف جدودك فى قبورهم ليل نهار من جمودك كل عضمة بتستجار صون أثارك ياللى دنست الاثار دول فاتولك مجد و أنت فوت عار بدأت بهذه المقطوعة الموسيقية للمُلحن الكبير "سيد درويش" لكي تعود بنا إلي مائة عام مضت، وبالتحديد "مارس 1919م" عندما سعي الوعي المصري للنهوض والأمل، واتحدت الجماهير ضد الاحتلال البريطاني الذي ظن أن هذه الأمة انكسرت ونامت إلي الأبد. كان أول البواعث لهذا الحدث التاريخي القومي في 13 نوفمبر عام 1918م عندما توجه الزعيم الوطني "سعد زغلول" وبصحبته "عبد العزيز فهمي وعلي شعراوي" إلي المعتمد البريطاني السير "ريجنالد وينجيت Reginald Wingate"، وطلبوا منه تشكيل وفداً مصرياً لكي يسافر إلي مؤتمر الصلح الذي عُقد في باريس عقب نهاية الحرب العالمية الأولي، وذلك لعرض قضية مصر في حق تقرير مصيرها، ولكن رفض السير "وينجيت" سفر الوفد إلي باريس، معللاً لهم عدم أحقيتهم في التحدث باسم الشعب المصري بأكمله. وبناء علي ذلك ألقي سعد زغلول خطاباً إلي الشعب المصري في 13 يناير 1919م، أوضح فيه حق الأمة في تقرير مصيرها والحصول علي الاستقلال الكامل، ودعي الشعب كله إلي إمضاء التوكيلات للوفد المصري لتدعيم فكرة السفر إلي مؤتمر الصلح، وبالفعل بدأت حركة جمع التوقيعات، وسارع الشعب في العاصمة والأقاليم إلي إعطاء توكيلات لسعد زغلول وبعض من أعلام الحركة الوطنية المصرية، واعتبرهم وفداً موكلاً منه للكلام باسمه والمطالبة بحريته. ولكن تلقي الوفد إنذاراً من المعتمد البريطاني للتوقف عن هذه الإجراءات التي تثير حفيظة الشعب المصري تجاه بريطانيا، ومع إصرار الوفد علي السفر صُدر الأمر في 8 مارس 1919م باعتقال سعد زغلول، وثلاثة من أعضاء الوفد وهما "إسماعيل صدقي، ومحمد محمود، وحمد الباسل"، وتم نفيهم إلي جزيرة "مالطة" بتهمة تهييج الرأي العام. عندما علم الشعب باعتقال سعد زغلول وأصحابه انفجر بركان الغضب المصري، وخرجت الجماهير غير مبالين بالاحتلال وأسلحته، حاملين شعاراتهم الوطنية الثورية "الاستقلال التام"، و"يحيا الهلال مع الصليب"، و"نموت نموت وتحيا مصر"، و"سعد سعد يحيا سعد"، و"الحرية من آيات الله الحرية غذاؤنا والاستقلال حياتنا"، حتي زُلزلت أفئدة الانجليز، وتبين للاحتلال أن هذه الأمة علي درجة كبيرة من الوعي بذاتها، ورسم الشعب بهذه الثورة صورة عظيمة لكفاحه المرير من أجل الحصول علي الحرية والكرامة، وترك لسجلات التاريخ تدوين فصولها بحبر من ذهب للأجيال اللاحقة حتي جاء الوقت لاستعادة ذكراها، وعلي الرغم من أن الثورة لم تستطع طرد الانجليز من مصر، إلا أنها بدأت كفاحاً شاقاً حافلاً بالتضحيات. د/ حمادة جمال ناجي كاتب وأكاديمي مصري مدرس مساعد بقسم التاريخ كلية الآداب جامعة حلوان. عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية. له العديد من المقالات والكتابات المختلفة في مجلات وصحف محلية ودولية. البريد الإلكتروني/ [email protected]