قضت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار الدكتور حنفي علي جبالي، بعدم دستورية وعجز الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 144 لسنة 2006 في شأن تنظيم هدم المباني والمنشآت غير الآيلة للسقوط والحفاظ على التراث المعماري فيما لم يتضمنه تحديد قواعد وضوابط تقدير التعويض المقرر به وصرفه لمستحقيه. وأكدت المحكمة أن تدخل المشرع بتنظيم أوضاع أموال معينة مع إبقائها بيد أصحابها بطريقة تؤدي عملا إلى تقويض بعض مقوماتها ويؤثر على قيمتها الاقتصادية ولو كان ذلك تذرعا بالوظيفة الاجتماعية للملكية أو بوجوب المحافظة على التراث القومي إنما يعد انتقاصا من حق الملكية تتحدد مشروعيته من زاوية دستورية بأن يكون مقترنا بالتعويض العادل عن القيود التي يتضمنها ذلك التنظيم، خاصة إذا ما وضع في الاعتبار أن حظر الهدم أو الإضافة للمباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميز وبالنظر للآثار المترتبة عليه بحرمان المالك من بعض سلطاته الفعلية على ملكه، ومن الفوائد التي يمكن أن تعود عليه منه، يعدل - في الآثار التى يرتبها - نزع ملكيته من أصحابه، وعلى ذلك فإن صحة تقرير التعويض المستحق قانونا للمالكين، عن المباني والمنشآت المشار إليها. واعتبرت أن النص المحال إلى المحكمة - من الناحية الدستورية - يكون رهينا بكفالة حق المالكين في التعويض العادل عن القيود التى يتضمنها هذا التنظيم، والذي لا يتأتي إلا بتضمين المشرع النص المقرر للتعويض أسس وقواعد وضوابط تقديره، شاملة معايير تقدير التعويض، وتوقيت تقديره وصرفه لمستحقيه، والتي تكفل أن يكون معادلا للقيمة الحقيقية لما تحمله المالك في ملكه نتيجة القيود التى فرضها المشرع عليه. وأضافت المحكمة أن ما يضمن أن يقوم التعويض مقام الحق ذاته الذي حرم منه، ويعتبر بديلا عنه، بما يحقق العدل الذي اعتمده الدستور في المادة (4) منه كأساس لبناء المجتمع، وصيانة وحدته الوطنية، ويكفل تحقيق التوازن بين مصلحة المالكين الخاصة، ومتطلبات تحقيق المصلحة العامة، ذلك التوازن الذي رصده الدستور في المادة (27) منه كأحد أهداف النظام الاقتصادي، وقيدا على المشرع فيما يسنه من تشريعات تمس مصالح الأطراف في العلاقات القانونية المختلفة، ولتكون تلك القواعد والضوابط الحاكمة للتعويض التى يقررها المشرع، قيدا على اللجنة التى أسند إليها بمقتضى نص الفقرة الخامسة من المادة الثانية من القانون رقم 144 لسنة 2006 المشار إليه الاختصاص بتقدير التعويض، ولتمكين القضاء المختص من رقابة أعمالها، وتقييم تقديراتها طبقا لها، وهو الأمر وثيق الصلة بالحق في التقاضي الذي كفلته المادة (97) من الدستور. واستندت المحكمة في قرارها إلى أن المادة (50) من الدستور التي أكدت على أهمية التراث الحضاري والثقافي المادي والمعنوي بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى وكذا الرصيد الثقافي المعاصر المعماري والأدبي والفني بمختلف تنوعاته باعتبارها ثروة قومية وإنسانية، جعل الحفاظ عليها وصيانتها التزاما دستوريا على عاتق الدولة واعتبر الاعتداء عليها جريمة يعاقب عليها القانون باعتبارها أحد روافد الهوية الثقافية والحضارية المصرية. كما ألزم الدستور في مادته (47) الدولة بالحفاظ علي التراث الحضاري وبالتالي صار الحفاظ على المباني والمنشآت ذات الطابع الخاص والطراز المعماري المتميز المرتبطة بالتاريخ القومى أو بشخصية تاريخية أو التى تمثل حقبة تاريخية أو التى تعتبر مزارا سياحيا، وصيانتها، طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 144 لسنة 2006 في شأن تنظيم وهدم المباني والمنشآت الآيلة للسقوط والحفاظ على التراث المعماري، التزاما دستوريا على عاتق الدولة.