من الطبيعي أن يحاول كل متنافس على أرفع منصب في الدولة المصرية "الرئاسة" أن يستخدم الوسائل السياسية التي تمكنه من استقطاب العدد الأكبر من المؤيدين، ومن المتوقع أن يعدد المرشح مآثره وإنجازاته وخبراته، وربما زاد الأمر سخونة حينما يواجه منافساً آخر في مناظرة علنية، فعلى كل واحد حينها أن يقدم نفسه على أنه الأجدر والأكفاء بانتقاد الآخر وإظهار تواضع قدراته وخبراته، وليس هذا ابتداع مصري، ولكنه الطريقة المتبعة في انتخابات الرئاسة في الدول المتقدمة.. ويبدو أن المعترك التنافسي بين الأطراف المرشحة المحتملة لرئاسة الجمهورية قد بدأ بالفعل، ولكن بصور مختلفة عن المعهود في أوروبا وأمريكا، فالحرب الكلامية التي لا ترقى إلى مستوى التنافس الجيد أطلق سهامها الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين، والمرشح المحتمل للرئاسة، صوب منافسه الفريق أحمد شفيق، رئيس الوزراء الأسبق الذي عينه الرئيس المخلوع قبل إجباره على التنحي عن الحكم.. أبو الفتوح ينتقد منافسه بأنه لا يصلح لتولي رئاسة وحدة محلية، فيرد عليه شفيق بأن الأدب فضلوه على العلم، وإن كانت ردود الأخير أكثر تريثاً، حيث شكك في صحة أن يقول أبو الفتوح هذا الكلام، إلا أن أياً منهما لم يقدم لنا سوى كلام مرسل، فلم يقدم أحد منهما أدلة على عجز منافسه عن الإدارة والسياسة وطرح المبادرات لانتشال الاقتصاد الغارق في الترنح، أو لتهدئة الأوضاع الملتهبة في الشارع المصري.. كلاهما لم يكشف عن برنامجه لحكم مصر، حتى ينتقده الآخر، كلاهما لم يعطنا تصوره حتى الآن عن مستقبل مصر، لكن كلاهما وجه انتقاداً "هلامياً" وكأننا أمام مرشحين ل"العمودية" في قرية ميت حلاوة. الغريب أن عدم طرح برنامج محدد وواضح لخوض انتخابات الرئاسة، ليس قاصراً على الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح والفريق أحمد شفيق فحسب، ولكن جميع المرشحين إلى الآن لم يكشفوا عن برامجهم الانتخابية، رغم أن المطروحين الآن يؤكدون دخولهم المنافسة كمستقلين، مما يعني أنهم لا يتبنوا برنامجاً حزبياً معيناً، ومع ذلك فالجميع ينادي ب"الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية" بشكل عام، لكن كيف تتحقق هذه الأهداف؟ وعلى أي أساس يقوم بجولاته الانتخابية؟ ماذا يقدم للجماهير؟ وبأي شيء يحاول أن يقنعهم، ويستقطبهم لتأييده؟ وهل ستكشف لنا الشهور الأربعة القادمة والمتبقية على تنصيب رئيس جديد، حسب ما أعلن المجلس العسكري أنه سيسلم السلطة في 30 يونيو المقبل، رغم أنه لم يعلن حتى الآن عن جدول زمني محدد لإجراء هذه الانتخابات؟ العلم عند الله وحده.. [email protected]