الشهيد أحمد عصمت رحمه الله تعالي من شهداء مصر الأبرار وهو واحد من الذين فدوا أرواحهم الطاهرة في سبيل الله تعالي والوطن ضد الجيش البريطاني الذي كان يحتل ارض مصر لمدة 74 سنة وحتى النصف الأول من القرن العشرين الماضي أي من يوم 20 أغسطس 1882 وحتى يوم 18 يونيو عام 1956 بجلاء آخر جندي بريطاني عن أرض مصر، وهو اليوم المعروف بعيد الجلاء. فقد ولد الشهيد أحمد عصمت رحمه الله بحيي عين الشرقية التابع لمحافظة القاهرة يوم 30 نوفمبر 1922 في أسرة طيبة فوالده المهندس أحمد بك عصمت من عمال الخديوي إسماعيل والذي كان يشغل منصب وكيل مديرية بني سويف. وقد حصل الشهيد احمد عصمت علي شهادة الثانوية العامة وبعد ذلك التحق بالجامعة الأمريكية سنة 1940 وقد مارس رياضة التنس الأرضي وغيرها من العاب أخري وقد عمل بعد ذلك طيار مدنيا في شركة مصر للطيران وقد تطوع الشهيد أحمد عصمت بنفسه فداء للوطن لمواجهة الجيش البريطاني المحتل لجميع أراضي مصر فقد سمع عن مجاز الانجليز البشعة ضد المقاومين المصرين في يومي 12و13 يناير 1952 في منطقة التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية فقد استشهد عدد كبير من الشهداء المصريين من بينهم الطالب أحمد فهمي المنسي بكلية الطب وعمر شاهين بكلية الآداب المصرية وغيرهما من الشهداء الأبرار ومن هنا قرر الشهيد أحمد عصمت التطوع بنفسه لمواجهة هؤلاء المحتلين الأشرار فقد ودع زوجته السيدة فردوس عباس الهراوي وأولاده الصغار فاطمة الزهراء وبهي الدين وأحمد وذهب إلي منطقة القتال في التل الكبير حيث كانت المقاومة هناك بين الجنود الانجليز والمقاومين المصريين وفي هذه اللحظات كان الشهيد أحمد عصمت قد ترك رسالة إلي صهره السيد حسين قبل أن يسافر كتب فيها ما نصها ::- [ إن حبي لوطني مصر هو الذي حبب إلي مقاومة المستعمر الغاصب البغيض فقد ذهبت إليهم غير منتمي إلي هيئة أو جماعة وذهبت إليهم بدافع إلهي وإيمان قوي وذهبت إليهم مسرورا فرحا وكأني ذاهب إلي رحلة صيد مثل الرحلات الطيبة التي كنا نقوم بها فان مت فأعلن إلي كل مصري أني شاب ولي ثلاثة أطفال وأبي وأمي وزوجتي واخواتي ومع ذلك فقد ضحيت بنفسي ليعيشوا هم أحرار في بلدهم فالحرية لا تمنح ولكن تؤخذ بأعز التضحيات فإلي اللقاء في كلتا الحالتين إن مت أو عدت ] وبعد أن ترك الوصية لصهره انصرف وذهب بسيارته الخاصة إلي منطقة القتال وفي أثناء مروره بمنطقة التل الكبير استوقفته دورية الجيش الانجليزي بهدف تفتيش سيارته والتي كان يحمل بها بعض الأسلحة والمعدات لإمداد المقاومين المصريين ضد الانجليز المعتدين الذين يقتلون الشباب والرجال دون رحمة وكانت هذه الدورية الانجليزية هذه وغيرها تحاول وقف الإمدادات والأسلحة للمصريين المقاومين في منطقة التل الكبير وغيرها من مناطق أخري وعند ذلك رفض الشهيد أحمد عصمت النزول من سيارته للتفتيش وحصل نقاش وتشاجر شديد بينه وبينهم وأصر الجنود الانجليز علي تفتيش سيارته وأثناء ذلك اخرج الشهيد أحمد عصمت المسدس الذي كان معه ويخفيه داخل السيارة وقام بإطلاق النار علي قائد نقطة التفتيش الانجليزي والذي سقط قتيلا علي الأرض ثم أطلق أيضا الشهيد أحمد عصمت النيران علي حارس نقطة التفتيش والذي سقط قتيلا هو الآخر وفي خلال هذه اللحظات الصعبة أطلق باقي أفراد نقطة التفتيش الانجليزي النيران علي جسد ورأس الشهيد احمد عصمت والذي استشهد علي الفور يوم 14 يناير 1952 رحمه الله. وقد قام الملك فاروق ملك مصر يوم 19 يناير 1952 بتكريم أسرة الشهيد وحضور مراسم دفنه وقرر فيما بعد بسداد مصاريف تعليم أبناء الشهيد أحمد عصمت الثلاثة وقد خصص لهم الملك فاروق أيضا راتبا شهريا وإهداء الأسرة بعد شهادات التقدير والأوسمة وقامت السيدة فريال ابنة الملك فاروق الكبرى رحمه الله والتي ولدت في 17 نوفمبر 1938 وتوفت يوم 29 نوفمبر 2009 بإهداء أسرة الشهيد احمد عصمت مصحفا كبيرا. وعندما علم الانجليز المحتلين لأرض مصر بذلك التكريم الخاص من الملك فاروق رحمه الله لأسرة الشهيد وأولاده قاموا بتصعيد العنف ضد المصريين واعتبروا أن ذلك العمل يؤيد المقاومة المصرية ضدهم في منطقة التل الكبير والقناة وغيرها وقد قام المصريين الشرفاء بمقاومة الجيش الانجليزي حتى رحلوا من ارض مصر نهائيا ونالت مصر حريتها واستقرارها. والشهيد احمد عصمت رحمه الله بجانب حبه للوطن كان بار بوالديه وكان صاحب سيرة طيبة وسط جيرانه وأصدقائه وزملاءه في الدارسة وفي الرياضة وفي العمل وفي كل مكان وكان وصولا للرحم ومحبا للخير وصاحب قلب نقي لا يتخلي عن مساعدة أي إنسان في السر أو العلن. قامت محافظة القاهرة سنة 1960 بتخليد اسم الشهيد أحمد عصمت وأطلقت اسمه علي شارع كبير بحيي عين الشرقية وهو شارع الشهيد أحمد عصمت القريب من منزله رحمه الله والذي يبدأ من ناحية شارع جسر السويس من عند ناحية احدي بوابات نادي الشمس الرياضي المطلة علي أول الشارع ويمر هذا الشارع حتى ينتهي أخره عند شارع عين شمس الشرقية. وهذا الشارع الكبير الحيوي الذي يحمل اسم الشهيد أحمد عصمت محتاج لترميم من قبل الحكومة ومحتاج للقضاء علي العشوائيات والإشغالات التي انتشرت به فقد انتشرت السيارات فيه السيارات المركونة والخردة من علي الجانبين وانتشار الباعة الجائلين والثابتين في المنطقة وانتشار الخوازيق الحديدية والحجرية والقمامة وانتشار الكراسي الخاصة بالمقاهي المخالفة والورش وتجار الفاكهة الذين أساءوا لجمال الشارع الذي كان موجود في السابق في العشرين سنة الماضية أين المسئولين في محافظة القاهرة للاهتمام بتجديد أرصفة هذا الشارع الحيوي ومنع كل المخالفات المذكورة وغيرها عنه فهل هذا يرضي الشهيد أحمد عصمت والذي ضحي بروحه الطيبة وفي سبيل الله والوطن أن يفعل بهذا الشارع الذي يحمل اسمه وكذلك كل الشوارع الاخري والتي تحمل أسماء الأبطال والشهداء والعلماء في كل مكان من أرض مصر الطيبة والذين عملوا وأفادوا وضحوا من اجل الوطن ورحلوا إلي الله تعالي هل هذا يجوز في انتشار هذه المخالفات في شوارع تحمل أسماءهم الطاهرة لو احيي الله هؤلاء الشهداء لنا لقالوا لنا اتقوا الله تعالي في حياتكم وعليكم بالارتقاء بنظافة الشوارع والرقي والتحضر في كل مجالات الحياة حتى ترتقوا بأوطانكم وتفوزوا بالسعادة في الدنيا ورضوان الله تعالي في الآخرة. رحم الله تعالي الشهيد أحمد عصمت الشاب الذي ضحي بروحه الطاهرة في سبيل الله والوطن العزيز مصر وأسكنه فسيح الجنة مع النبيين والمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. ------ بقلم/ عبد العزيز فرج عزو كاتب وباحث مصري