د/ عاصم عبد المجيد كامل هل أخفق النظام التعليمى في تحقيق أهدافه؟ سؤال طرح كثيرا من قبل المختصين وغيرهم , والإجابة عليه تتطلب طرح العديد من الأسئلة والتي ربما تحتاج إلى أكثر من هذه المساحة بكثير لتناولها بشكل جيد , وبشكل عام لا يمكن الجزم بأن النظام التعليمى حقق أهدافه كاملة , كما لا يمكن الجزم أيضا بأنه أخفق في تحقيق أهدافه كاملة. وبإمكاننا بالتأكيد أن نضع أيدينا على بعض الأمور الهامة التي تحول دون تحقيق كافة الأهداف التعليمية: أولها : أن التعليم ليس بالتأكيد قضية شعب وإن كنا نسمع هذا الكلام كثيرا , ولكن على أرض الواقع فإن مسؤولية التعليم تقع فقط على عاتق وزارة التربية والتعليم , ولا تشغل بال المؤسسات الأخرى بالقدر الكافى – والتي تصنف أيضا على أنها مؤسسات تربوية – مثل المؤسسات الإعلامية ووزارة الشباب والرياضة , ووزارة الثقافة, فضلا عن أن تكون محور اهتمام الشعب بكافة طوائفه , وهذه هي المشكلة الأولى التي يواجهها التعليم المصرى , إذ لابد من تضافر الجهود في كافة المؤسسات المعنية نحو تحقيق أهداف محددة ترسمها الدولة , وينبغى في هذا الإطار أن يكون هناك تنسيق كامل بين كل هذه الجهات لتحقيق هذه الأهداف بدقة . ثانيها: أن هذه الأهداف ذاتها ليست واضحة في ذهن كثير من الطلاب وأولياء الأمور , بل والمعلمين أيضا , ومن ثم فأن غياب الهدف وعدم رؤيته بشكل واضح سوف يؤدى بالضرورة إلى نوع من التشويش ينتج عنه عدم الدقة في الوصول إلى الهدف, لذا ينبغي أن يتلقى معلمو كل مرحلة تعليمية دورات مكثفة بهدف تزويدهم بأهداف المرحلة وكيفية تحقيقها. ثالثها: أن الطالب قد استقر في ذهنه أن الهدف من الدراسة هو الحصول على الدرجات المرتفعة والتي تؤهله للالتحاق بكليات بعينها تمكنه من الالتحاق بوظيفة مرموقة , وليس الهدف هو التعلم من أجل الحياة , ومن أجل التكيف مع العالم من حولنا وفهمه , والسبب في ذلك أن هنالك حلقة مفقودة بين ما يدرسه الطالب في مدرسته وبين التطبيق لهذه المعلومات في الحياة التي يعيشها الطالب , فالطالب يحفظ قوانين الفيزياء دون أن يهتم لأهميتها في حياته العملية , وعلى المؤسسة التعليمية أن تعيد النظر في بناء هذه المناهج بحيث تربط بشكل مباشر بين ما يتعلمه الطالب والتطبيقات العملية لها في واقع المجتمع . رابعها: أن الانفاق على العملية التعليمية يحتاج بلا شك إلى مراجعة من ناحية الكم والكيف , وفى هذا الإطار ينبغي أن يوجد إشراف تربوى كامل على توجيه الإنفاق ,وأيضا على إنشاء المؤسسات التعليمية الجديدة وإعادة ترميمها , إذ لابد من التخلص من الشكل التقليدي للفصول الدراسية و التحول إلى تصميمات ونماذج ابتكارية جديدة تسمح بقدر أكبر من التفاعل والنشاط , وتخلق مناخا تعليميا جاذبا للطلاب. ومما لاشك فيه أن المعوقات أكثر بكثير من هذه الأربعة التي ذكرتها , ولكن هذه أبرزها , واهمها من وجهة نظرى , والتي لا تنفى وجود معوقات أخرى على قدر كبير من الأهمية ولكن لا يتسع المقام لذكرها , والتي يحاول المسؤولون عن التعليم أن يضعوا لها الحلول , ولكن ينبغي الإشارة إلى أن هذه الجهود لن تؤتى ثمارها إلا بتضافر كل الجهود , وتعاون جميع أبناء الشعب ومؤسساته لتحقيق تطور يضع مصر في مكانها الطبيعة كدولة رائدة في الوطن العربى بل والعالم كله.