يبدو أنه لم يأت الوقت الذي يسعي فيه المصريون لخدمة دينهم وحماية عقيدتهم ، ففي الوقت الذي تكثر فيه الإساءات وتنتشر فيه البدع والخرافات ويُستغل الدين من أصحاب الأهواء نجد المصريون يهتمون بقضايا كان من المفترض أننا تخطيناها وتجاوزناها فنحن في القرن الحادي والعشرين ، ذاك القرن الذي بُشرنا فيه بالنعيم والرخاء وأننا سنجني ثمار التنمية والإصلاح وسنصبح في مصاف الدول المتقدمة ولكننا للأسف وجدنا أنفسنا بعد فترة الصبر الطويلة في مصاف الدول المتخلفة كما كنا بل تخلفنا أكثر فأكثر ، فكل ما حولنا يتقدم ويتخطانا لمراحل كبيرة في شتي المجالات وكافة الميادين ولم يبقي لنا نحن إلا الشعارات البرّاقة والأماني الخدّاعة التي كان يسوقها لنا المنافقين والمداهنين والتي كانت تقف عائقاً أمام المصريين في طريق إحداث تطور في حياتهم فهؤلاء المنافقين يشعرونك بأن الرخاء قادم والرفاهية حتمية الحدوث وما علينا إلا الإستمرار في الصبر رغم أن الواقع لا يبشر بخير لا في الأجل القصير ولا في الأجل البعيد فثمار التنمية المزعومة وقعت وسقطت في أيدي حفنة من المصريين توحشت وتوسعت نفوذهم حتي صاروا أقوي مما نتوقع فمن أجلهم تُفتّح الأبواب وتُعدّل القوانين وتصدر لهم التراخيص وتُنشأ لأجل عيونهم الهيئات وتُستحدث لهم اللجان وتُضم وزارات وتتوسع أخريات وهكذا صارت البلاد بلادهم وصار الباقين كالعبيد عند أسيادهم يعتمدون عليهم في كل شئ وتقضي مصالحهم من خلالهم فشاع النفاق والرياء وانتشرت النميمة وصار الكذب من العادات تحقيقا للمصالح والحاجات وانقلب الناس إلي وحوش في الغابات والكل في نفسه يُفكر (إلا من رحم ربي) ومن أجل عيشة يُدبر ولو علي حساب غيره أو دينه . في هذا الوقت تعلمنا أن نسخط علي واقعنا ولا نرضى به ، ونشكو من نار الفساد بينما نحن الفاسدون ، ونشتكي من الظلم والظالمين ونحن أول من نعاونهم ، ونأنّ من الرشاوي ونحن أول من يدفعها ، وصار الكل يقول "هم" ولا يقول "نحن" فأصبحنا نُحاسب غيرنا ولا نُحاسب أنفسنا ، نُطالب بحقوقنا ونحن أول من يحرم غيره من حقوقه عندنا ، ندّعي حب الإسلام ونحن أول من يصدُ الناس عنه بأفعالنا وأقوالنا ، نتذمر من المسؤلين وسوء أفعالهم ونحن أول من يصير مثلهم عندما نكون في مناصبهم ، المرأة فينا تدّعي لبس الحجاب وثيابها تدل على كذبها لأنه يثير الشهوات ويُفتن بها النساء قبل الرجال ، نتهم غيرنا بالاستبداد ونحن أول المستبدين في بيوتنا وكل شئ في حياتنا ، أفكارنا ما بين نزوات مذلة أوتشدد ممقوت ، أموالنا ضائعة ما بين إنفاق ببذخ على ما لذ وطاب أوتقتير على ما فيه مصالح العباد، بيوتنا مغلقة في وجوه الآخرين وسوء الظن هو السائد في التعامل معهم ، فالجيرة مفقودة ومراعاة الحقوق صارت معدومة ... أترانا بعد ذلك وغيره الكثير من واقعنا المرير نصلح أن نكون مبلغين لديننا أو قدوة لغيرنا فأي دين سنبلغه ونحن لا نعرف عنه شئ وإذا عرفنا تشدّدنا أوتزمتنا وظننا أننا علماء وأننا أهل التقوى وبقية الخلق هم أهل المعاصي والآثام ؟!!!... أي دين سنبلغه ومنابر العلم في المدارس والمعاهد والجامعات صارت مكان لإلتقاء العاشقين وفساداً يشتكي منه القريب والبعيد؟!!!... أي دين سنبلغه وقد صار مبدأنا في حياتنا "أنا ومن بعدي الطوفان "؟!!!... أي دين سنبلغه وكل منا همه بطنه التي لا تشبع ولا تقتنع بالكثير فضلاً عن القليل ؟!!!... أي دين سنبلغه وقد أصبحنا لا نبالي أمن الحلال أمّن الحرام نأكل ؟!!!... أي دين سنبلغه وقد صارت طاعة المخلوقين مقدمة على طاعة الخالق؟!!!...أي دين سنبلغه وقد جعلنا العزة في المخلوقين واستعنا بهم ونسينا أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ؟!!!... أي دين سنبلغه ونحن يتكبر بعضنا على الآخر؟!!!... أي دين سنبلغه ونحن نقتدي بالفاسدين ونُكثر من ذكرهم ونُعجب بأحوالهم ؟!!!... أي دين سنبلغه ونحن نبخل ونضن بأموالنا وجهودنا ووقتنا في خدمة ونصرة ديننا ؟!!!... أترانا بعد ذلك وغيره الكثير نصلح أن نكون مبلغين لديننا أو قدوة لغيرنا ؟!!!... نحن نحتاج إلى عودة صادقة وتوبة نصوحة نأخذ بالأسباب ونُصلح النيات ونأخذ على أيدي الفاسدين ونرد الحقوق إلى المظلومين نتعاون على البر والتقوى ونستشعر بآلام غيرنا ونقوم سلوكياتنا حتى تستقيم حياتنا فنسعد في الدنيا والآخرة . تنبيه هذا المقال كتب قبل أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 بفترة طويلة فهل تُرانا تغيرنا أم أن الحال كما هو لم يتغير كثيرا ؟ .