تاريخيا، ظهر التسويق السياسي مع ظهور وسائل الاعلام و التطور التكنولوجي الذي عرفه العالم منذ الخمسينيات من القرن الماضي، ويعتبر الرئيس الامريكي دوايت ديفيد أيزنهاور Dwight David Eisenhower، اول من استعمل التسويق السياسي في حملتها الانتخابية عام 1952. مفهوم التسويق السياسي: يعتبر التسويق السياسي فن للإقناع، وذلك بإستعمال وسائل الاتصال من اجل التأثير في المتلقي (المواطن)، وهنا اشير الى اهم المفكرين الذين تطرقوا إلى مفهوم التسويق السياسي: - هاروب Harrop عام 1990 فإن التسويق السياسي ليس فقط متمثلاً فى الدعاية الانتخابية والانتشار الحزبي والخطب الانتخابية لكنه يحتاج إلى كافة الأدوات الاتصالية للترويج عن الحرب. - كافانا Kavangh عام 1995، 1996 أن التسويق السياسي هو وضع استراتيجيات وأدوات لتتبع ودراسة الرأي العام قبل وأثناء الحملة الانتخابية لتطوير وتنمية مضمون الرسائل السياسية فى الحملات الانتخابية وتقييم أثرها. - لوك وهارس Lock and Harris عام 1996 أن التسويق السياسى يهتم بالاتصال بأعضاء الأحزاب ووسائل الإعلام ومصادر التمويل المحتملة فضلاً عن الناخبين. من خلال هذه التعريفات، يمكن القول، بان التسويق السياسي، هو الإعتماد على وسائل الاتصال من اجل تسويق للمنتوج الحزبي/المرشح سواء في إطار الحملات الانتخابية، او خارجها على طول السنة. الفرق بين التسويق السياسي والتسويق الانتخابي: يعرف التسويق الانتخابي بانه هو الذي يكون قبل اجراء الانتخابات، وذلك في اطار الحملة الانتخابية من أجل التعريف بالمرشح وإيديولوجية الحزب بهدف التأثير في المشتري (المواطن) وبالتالي الفوز بمقعد في الانتخابات مع مراعاة الاطار القانوني للحملة الانتخابية او التسويق الانتخابي، في حين يعرف التسويق السياسي بكونه يكون طيلة السنوات مادام الحزب قائما، وذلك بالاعتماد على الحملات الاعلامية والندوات الصحفية وتأطير المواطنين، وإبلاغ رسائلهم إلى المجالس المنتخبة (البرلمان، البلديات،...) والتعريف بإيديولوجية الحزب. فالتسويق السياسي اكثر شمولا واستمرارية من التسويق الانتخابي. التسويق السياسي عند حزب العدالة والتنمية المغربي: حقق حزب العدالة والتنمية المغربي ظفرة جد كبيرة، سواء في الانتخابات التشريعية او الجماعية، إذ أنتقل من المرتبة العاشرة في الانتخابات التشريعية ل 1997 إلى حزب يحتل المرتبة الاولى في 2011 و 2016 ، ومن حزب تطالب بعض الجهات بحله في إطار ما عرفه المغرب من احداث إرهابية في 2003، إلى حزب اصبحت له شعبية كبيرة لدى كل شرائح المجتمع المغربي. وبالعودة الى الوسائل او المنهجية التي تدخل في إطار التسويق السياسي لحزب العدالة والتنمية، نجد بان هذا الأخير يعتمد على مجموعة من الاساليب، منها بالأساس تنظيمه ما يسمى ب "قافلة المصباح"، وهي قافلة سنوية تجوب كل ربوع المملكة (المدن والقرى) إذ يتم تلقي شكايات المواطنين والتواصل معهم، بالإضافة الى هذا نجد الحزب يعتمد على وسائل التكنولوجية الحديثة "الفيسبوك، التويتر..."، تجدر الاشارة هنا إلى ان حزب العدالة والتنمية رغم مكانته، فإنه لا يتوفر على جريدة ورقية. كما ان للحزب شبيبة قوية، ففي 2016 قام الحزب بتنظيم اول ملتقى للشباب في العالم القروي، وذلك من اجل بسط نفوذه في البوادي، علما ان الحزب يحصل على نتائج متدنية جدا عكس المدن، هذا من جهة اما من جهة اخرى، نجد بان حزب العدالة والتنمية يعتمد على حركة التوحيد والاصلاح التي تعتبر اكبر جماعة اسلامية في المغرب بعد جماعة العدل والاحسان، رغم ان حزب العدالة والتنمية يرى انه لا تربطه اي علاقة بحركة التوحيد والاصلاح. فالتسويق السياسي عند حزب العدالة والتنمية، لم يكن يعتمد على الاسلوب الديني والاعلامي فقط، وإنما كان كذلك يعتمد على شخصية امينه العام السابق عبد الإله بنكيران، الذي يعتبر اكثر الشخصيات السياسية شعبية في تاريخنا هذا، وهي شخصية افتقدها حزب العدالة والتنمية ومعها سيفقد الحزب شعبيته. *باحث في العلوم السياسية /المغرب.