دكتور / عبد العزيز أبو مندور يظن بعض المشوشين تاريخيا أو ممن تضخمت عندهم الأنا نرجسيا فلا ينظرون إلى الأبطال إلا فى مرآتهم المحدبة .. والصدئة .. يظن هؤلاء الذين فى عيونهم عمش أن تحريفهم لوقائع التاريخ يمكن أن تمر على الناس دون فحص وفرز وتدقيق . لقد تقدمت الدراسات التاريخية تقدما ملحوظا ، فلا يقبل الحدث ما لم يكن موثقا تشهد له الوثائق التاريخية وتشهد على صحته الشخصيات العامة المعاصرة ممن تقبل شهاداتهم فلا يكونوا من الحزبيين أو الكذابين أو المجروحين والمدلسيين من أمثال زميلنا القديم ممن لا تعرف لهم عدالة ولا تعد بأقوالهم . لقد فندت بفضل الله الكثير من مزاعم زميلنا القديم الدكتور / يوسف زيدان فى كتابى الجديد بعنوان (أصنام فى فكر يوسف زيدان) عرض بمعرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام 2017م عن (المكتب العربي للمعارف بالقاهرة ) ؛ فقد قدمت فيه الدليل تلو الدليل على تهافت مزاعمه الواحدة تلو الأخرى بالإضافة إلى تصيح ما غلط فيه بالحجة الواضحة نقلا وعقلا. *** هذا ، وأنا أقف وأؤيد بقوة الرأى بتجاهل الرد عليه ، لأن الأيام مازالت يوما بعد يوم أن زميلنا القديم لم يرعوى عن تلك السبهللة التى دأب عليها منذ سنين فقد حققت له بعض المال والشهرة ومع زيف كل هذه المكاسب فقد ظن أنها الطريق لما تصبو إليه نفسه من حظوظ نفسية ومطالب مادية ودنيوية لا تدوم من وجهين ؛ فإما يفارقها ، وإما تفارقه فكان من المفترض أنه ممن يعرف ذلك نظريا وواقعيا فيكفى أن يقف أمام المرآة ويسألها أين ذهب الشباب ؟ !... إلا أنه فيما يبدو قد البصلة النفسية والعصبية والعقلية ، فليس اليوم كالأمس وما ضاع لا لن يعود ، فإن كان ذلك لن يجدى معه نفعا فذلك ديدنه منذ أن كان طالبا عرف عنه المشاغبات وتزوير كل ما يحقق به أغراضه الدنيوية وحظوظه النفسية ، فليس جديدا عليه ما يزعمه مخالفا الحق والحقيقة على طول الخط مهما كان من يعمل لحسابه فإن الشيطان لا يعترف بمن استجابوا لوسوسته وغوايته بل سيتبرأ منهم جميعا ؛ فلولا أن له حق علي أن أذكره قبل أن تسبقنا القاضية. أقول ذلك بمناسبة اللغط الذى دار مؤخرا حول البطل أحمد عرابي بخصوص احتلال الإنجليز لمصر فتلقى التهم على زعيم الثورة العرابية جزافا وبلا بينة أو دليل . وليعلم كل من أراد معرفة أسباب هذا الاحتلال البريطاني الغاشم على مصر أن الحدث لم يكن وليد يوم وليلة ، بل يرجع إلى أيام هزم فيها محمد علي هزيمة منكرة ، وانهارت فيها دولة الخلافة العثمانية .. فالخطة وضعت قبل عرابى ، وقبل مصطفى كامل ، وقبل محمد فريد ، وقبل سعد زغلول ، وقبل النحاس .. وغيرهم من أبطال الوطنية المصرية .. ! ( وإليك ملخص تاريخي يسأل عنه أساتذة التاريخ ولا يسأل عنه مدعى الثقافة المهووس ) 1- لم يكن هناك أية معوقات لتنفيذ الخطة إلا قوة محمد على العسكرية وخصوصا أسطوله البحري الجبار ( 18 سفينة حربية ) .. فتآمرت الدول الأوربية بخطة متكاملة فاجتمعوا عليه فى موقعة هى الأغرب .. وتم تدمير أسطوله البحري وكان من أقوى الأساطيل فى ذلك الوقت فى معركة تسمى ( معركة نوارين البحرية ) 1840م 2- وبعد هزيمة محمد على المريرة تم تحجيم ملكة وقوته .. وتقزيم جيشه .. وتقليص قوته العسكرية فى العدد والعتاد .. وأن يكون حكم مصر له ولأبنائه من بعده. 3- وجاء ابنه سعيد من بعده بصديق له فرنسي اسمه دليسبس الذى اقترح ونفذ مشروع حفر قناة السويس بعمال مصريين .. وبطريق السخرة البحتة .. 4- وجاء من بعده أخوه الخديوي إسماعيل الذى أسرف فى بناء القصور كما أسرف فى حفل افتتاح قناة السويس .. واضطر إلى الاستدانة .. .. فاستغلت االفرصة إنجلترا بأن اشترت أسهم مصر فى قناة السويس بثمن بخس باتفاق تم سنة 1875م وحصلت على نصيب الأسد من أسهم شركة قناة السويس فكان هذا يمثل إمتلاكها لمصر وتمهيدا لاحتلالها فى عهد الخديوي توفيق 1982م 5- وكان من ساعد إنجلترا فى شراء الأسهم المليونير اليهودى روتشيلد الذى أسهم بكل جهوده السياسية وقوته المالية في تأسيس أول مستوطنة يهودية في فلسطين سنة 1882 ؛ فهى نفس السنة التى احتلت فيها إنجلترا مصر .. فروتشيلد هو من قاد الدعاية للهجرة من أوروبا لأرض فلسطين ( أرض الميعاد ) بزعمهم .. وهو من استنطق الوزير بليفور بإصدار وإعلان وعده المعروف بوعد بلفور 1916م بانشاء دولة لإسرائيل فى فلسطين.. وكان لروتشيلد هذا الدور الأكبر فى تأجير سفن المهاجرين لفلسطين وشراء الأراضي وإنشاء المزارع والمصانع بها وخاصة النبيذ ، وتتبدى أهميته روتشيلد اليهودى فى احتلال فلسطين واغتصاب أراضيها حتى أنه تم نقل جثمانه بعد موته من فرنسا لإسرائيل في فرقاطة حربية بعد الحرب العالمية وكان بن جوريون الذى أصبح بعد ذلك رئيسا لوزراء العدو الإسرائيلي كان بنفسه في أستقبالها وأطلقت المدافع عند وصولها للميناء ؛ فكانت روتشيلد اليهودية صاحبة الفضل على يهود العالم بالدعم المالي لهم وتأسيس ما يعرف ب إسرائيل. إذن احتلال انجلترا لمصر بدأ ببيع الخديوى إسماعيل أسهم مصر فى شركة قناة السويسلإنجلترا وتم بتواطؤ من الخديوى توفيق لوأد ثورة أحمد عرابى ورفاقه التى انتهت .. انتهت بنفيه بعد كفاح طويل وجهاد طال دفاعا عن استقلال مصر وحرية شعبها وحقه فى حياة كريمة ؛ فذلك ما لا ينكره إلا حاقد حسود ، أو متعالم مغرور من أولئك الذين امتلأت كروشهم سحتا على حساب شعب كادح صابر مثابر لا يقبل الضيم . ( وعلى الله قصد السبيل ) دكتور / عبد العزيز أبو مندور