حين عرضت الحكومة المصرية في عهد الخديو إسماعيل اجتماعاً لمناقشة بيع أسهم قناة السويس. لم يخف رئيس الوزراء مصطفي رياض خطر هذه الصفقة من الوجهة السياسية "لأن الحكومة إذا باعت حصتها في الربح. فلن يبقي لها أي حق مادي في قناة السويس. مع أن القناة قائمة في أرض مصر". وبرغم هذه الملاحظة. فإنه دعا إلي ضرورة إبرام الصفقة. لأنه لا سبيل في رأيه غير ذلك. انتهت الجلسة بإقرار البيع بالفعل لقاء 22 مليون فرنك. وكان ذلك البيع من أقسي الضربات التي وجهت إلي الاقتصاد المصري. وإلي السياسة المصرية. وقد أسهم دزرائيلي في خدمة الأهداف الصهيونية بتحركات سرية ومعلنة. وكانت الرغبة في احتلال مصر هي الهدف الأول لرئيس الوزراء البريطاني. فقد حرص علي زرع العقبات في طريق تخلصها من المأزق الاقتصادي. ومحاولة اختلاق حجج الذئب التي يأكل بها الحمل!. وقام في إطار تحقيق ذلك الهدف بزيارة المدن المصرية من الإسكندرية إلي الشلال. وانتهز دزرائيلي "1875" فرصة عرض مصر أسهمها في قناة السويس. فحصل من روتشيلد علي أربعة ملايين جنيه قيمة الأسهم المصرية. دون أن ينتظر موافقة البرلمان الانجليزي الذي كان في إجازة الخريف. ولعلنا نستطيع أن نتبين قيمة الدور الذي قام به دزرائيلي لصالح الحركة الصهيونية بشراء أسهم قناة السويس بكلمات لصهيوني متعصب اسمه ليفي أبوعسل في كتاب بعنوان "يقظة الأمة اليهودية". صدر في القاهرة نعم. في القاهرة عام 1934! "فهذا العمل الذي جعل بريطانيا العظمي الحاكمة الآمرة مالياً وعسكرياً عليها أي القناة بلا منافس ولا معارض كان أول عامل في توسيع دائرة سياستها التي امتدت جذورها خلال الحرب الكبري امتداداً هائلاً. وتفرعت منها فكرة الوطن القومي اليهودي في فلسطين". اشترت أسرة روتشيلد حصة مصر من أسهم قناة السويس لتشكل بها تربة لزرع الجسم الغريب في المنطقة. وتمكنت أسرة روتشيلد بالفعل في 1878 من إقامة أول مستعمرة صهيونية في فلسطين. وأعقب ذلك بخمس سنوات "1882" احتلال انجلترا لمصر. متزامناً مع قدوم أول مجموعة من المهاجرين اليهود إلي فلسطين بلغت ثمانية آلاف مهاجر. وعلي الرغم من تواطؤ الحكم الخديوي مع سلطات الاحتلال. فإن الحركة الوطنية المصرية ظلت علي يقظتها. وتنبهها إلي طبيعة المؤامرة التي كانت تستهدف القناة. لا لمجرد اعتبارها ممراً مائياً. وإنما لأن الوجود العسكري علي ضفتيها. يفرض دوام السيطرة علي الأرض المصرية. بالإضافة إلي إتاحة الفرصة الصهيونية في تحقيق أهدافها. علي الجانب الآخر من الحدود. في فلسطين.