من يبني الاوطان هم الشباب , فهم صناع المستقبل وهم امل الشعوب في حياة اكثر امناً وتطوراً اذا تم توجيههم توجيه علمي مدروس واذا تم مساعدتهم بتفجير طاقاتهم غير المحدودة في خدمة اوطن والشعب فأينما تولي وجهك تجد مآسي شباب اختلطت عليهم الأمور فامتزجت المعرفة بالحيرة والقدرة بالتعصب رغم عقولهم الممتلئة بالذكاء وقلوبهم التي تفيض بالطيبة والإيمان والإصرار على عيش الحاضر والمستقبل لكن في لمح البصر يغيرون عزمهم وتصميمهم سواء طوعا أو غصبا أو جهلا وقد يكون قدرهم هو الذي جرفهم إلى أسهل طرق النسيان أو الانتحار البطيء فعصر الحداثة وحضارة العولمة سخر ويسر الكثير من سبل الحياة، وسمح بالمزيد من الإمكانيات، إلا أنه في نفس الوقت فرض على الإنسان العديد من المشاكل والمنغصات حتى ضاقت الصدور من مسايرة ومعايشة الواقع الأليم الذي أصبح مثقلا بالمرارة والتطلع بأمل للمستقبل، فنجد الكثير منهم يرتمون في عالم الضياع والدمار بسبب التجائهم إلى المواد المخدرة بشتى أنواعها والتي بدورها تجلبهم بسحرها المغناطيسي وتجعلهم يسبحون في عالم اللاشعور والأحلام ولما لا حتى الأوهام. لم تخلو المجتمعات في الماضي والحاضر من تعاطي المخدرات إلا أن تلك المواد المخدرة المستعملة لم تكن تتعدى التبغ والمشروبات الكحولية والحشيش والأفيون وبعض مشتقاته. إلا أن العصر الحالي وما يعرفه من هيمنة التقدم والأحداث المتعاقبة والذي جعل العالم خصوصا العربي يعاني ويمر من قبضة إلى أخرى أسوء منها حتى بلغ به الحال إلى ما هو عليه الآن، فنرى أمم مجروحة الكبرياء، مهضومة الحقوق وشباب ضائع افرزه عصر الهزائم المتتالية حتى خنقه الإحباط وانهك رؤاه وحرمه من الحلم بمستقبل زاهر، فضاعت منه قواه وأمله في الحاضر والمستقبل ومن تم انهار عنده رمز الحياة فالتجأ إلى بعض العادات المستهجنة والقبيحة مثل تعاطي المخدر ومن تم الإدمان عليه إذ كانت أعمار المدمنين في السابق تتعدى العشرون سنة فإذا بها تدنت بكثير في الوقت الراهن لتصل إلى أطفال لا تتجاوز أعمارهم 12 سنة، كذلك كان الإدمان يقتصر على الذكور بينما الآن شمل حتى الإناث. أن دوافع تعاطي المخدرات هي الفراغ وإنعدام الوازع الديني والتقدم الهائل في الطب والكيمياء والتأثير الخطير لرفقاء السوء، وفشل المدرسة والأسرة في القيام بواجبات التربية والتنشئة، إضافة إلى عدم إستغلال أوقات فراغ الشباب في الأنشطة المفيدة والتفكك الأسري وآثاره من التشرد والتسول، إضافة إلى العطالة وعدم وجود فرص عمل للشباب بعد الدراسة والتخرج، ذلك مما يؤدي إلى الإحباط والإتجاه لهذا المسلك المدمر ومن أجل مجتمع معافى ضرورة تكثيف الوعي والتبصير بخطورة تعاطي المخدرات، توفير الرعاية الطبية والنفسية والإجتماعية لمرض الإدمان بالمؤسسات الصحية ووقاية الشباب وتحصينهم من مخاطر تعاطي المخدرات، إضافة إلى تعزيز الوازع الديني وتكريس القيم لدى أفراد المجتمع للوقاية من الإنحرافات السلوكية، وأيضاً تطوير ودعم المؤسسات البحثية والأكاديمية لتحليل المخدرات وآثارها وتفعيل التشريعات والقوانين الرادعة للمروجين والمتعاطين وإعداد وتأهيل وبناء الكوادر المتخصصة في الوقاية العلاجية وإشراك قيادات المجتمعات المحلية في المجهودات الوقائية والعلاجية إضافة لتمكين الأجهزة المنوط بها المكافحة وتطويرها ورفع كفاءاتها ومعيناتها.