كانت الجلسة عائلية عادية ، فجأة تخلي عمي صمته ، قال كلمات لتنزل علينا كمياه ساخنة ، أجلستنا بالدقائق عيوننا مثبته علي الأرض ، ودون أن نشعر رفعنا رؤوسنا لنجد أنفسنا بمفردنا . سمعت هذه الكلمات ليوقظني من حلم جميل كنت أحي به ... تملكتنا الدهشة لتكاد توقف قلوبنا.. لم يخطر في ذهني يوما ً بأن الزواج هو جامعنا ليس الصداقة والأخوة.. الأخوة لا تتحول في يوم وليلة لزوج وزوجة .. :جمدت أعيننا تترقب رد فعل الآخر فقال رامي : ما قاله أبي منذ قليل كان مزحة .. أليس كذلك ؟. فقلت : أتريد أن تفهمني بأنك لم تكن تعرف ؟. فقال رامي : ماذا أعرف؟.. أميرة أنت أختي .. وهذا لا يقلل من شأنك . أنتِ أي شاب يتمني يرتبط بك .. لكني لا أتخيل نكون معا ً .. تتحول صداقتنا للزواج .. مستحيل . فقلت : إذا ً أرفض .. وأنا كذلك . وقفنا لنذهب لنتحدث لأهالينا : أظن حان الوقت لنرتاح .. فأنا لا أتخيل أن أترك أميرة لشاب يعذبها في حياتها .. رامي سيكون أمين عليها . هذا كان كلام أبي جعلنا نتوقف مكاننا ، أما عمي قال : لم يعد هناك أمان .. أميرة ستحافظ علي رامي .. كما أنني لا أتخيل زوجة أخري لرامي غير أميرة .. أري تري الحب في أعينهم . وقف مكانه لم يتحرك ، نظرنا لبعضنا ولا نعرف ماذا سنفعل ، تركته وهرولت لغرفتي ، هرول ورائي لكن هذه المرة لم يستطع الدخول ورائي كالعادة ، في السابق كنا أخوة أم الآن سنصبحنا أزواج . وقف أمام باب الغرفة ينظر لي ، وجدت بعينه كلمات كثيرة ، لكنها لا تستطع الصعود من سكنات قلبه ، أنصرف وعينه لا ترفع عن الأرض . لم يرفض ، لم يستطع ، فالتقاليد الغبية زجت بنا في بحر عميق ليس له نهاية ، لا أعرف هل سننجو ونكون حياة جميلة ، حياة يملأها الحب والسعادة ، أم حياة فاشلة بلا مشاعر ولا تقبل لوجود الأخر. هل سنستطيع تقبل فكرة الزواج ، هذه هي الفكرة التي نهشت عقلنا ولم نجد لها حل ، لذا لم نملك غير الصمت ، ندفن أحزاننا بداخلنا ونهرب من نظرات الأخر. مرت الأيام علينا لا نحدث بعضنا ، يهرب كلاً منا من الآخر ، وإذا تلقت الأعين نصمت ، أهذا قدرنا ، لذا الصمت هو سيد الموقف . كيف سأكون معه في بيت واحد ، كيف سأتحمل يراني من منظور الأزواج ، مستحيل أستطع .. مستحيل . لم يتوقف عقلي عن التفكير ، أصبحت حياتي جحيم أخافه ، لم أستطع تقبل الأمر ، كفا كفا . وما زاد الأمر سوء إصرارهم علي النزول معهم لشراء لشراء مستلزمات الشقة ، كلا منا في عالمه ، لا يشعر بالسعادة التي تملأ الأحباب في مثل موقفنا . لحظة سعيدة تحلم بها أي فتاة منذ الضغر ، لحظة شراء فستان الزفاف ، الفستان الذي يزيد الفتاة بهاء ، تصبح أميرة علي عرش مملكتها . جاءت لحظة الفستان الأبيض ، لكم تمنيت ارتداءه ، لكني حينما رأيته أمامي ، كنت أخافه كأن أمامي شبح الموت، وحينما ارتديت شبحي كأنه جم من نار يحرق جسدي. وقفت أنظر لنفسي في المرأة ، أميرة بلا أمير ، أميرة ستتزوج شبح لو أقترب منها ، سيحرقها بلمساته ، البعاد هو الحل من الاحتراق . لم أستطع الخروج ليراها الجميع علي ، نزعته عني وخرجت فقالت أمي : ؟ لما لم تخرجي لنراها . صمت لم أعرف ماذا أقول ، فقال رامي بهدوء : خافت .. يقولوا رؤية العريس للفستان فأل غير جميل . نظرت إليه ونزلت علي السلالم وهو ورائي ، تحمله الفتاة وأتمني أن ينزع منها ولا أرتديه مرة أخري . انتهينا من التسوق ، ركب والداي مع عمي ، أما أنا ركبت مع رامي وفي الخلف شبحي ، ركبت معه وكلما نظرت للخلف أبكي . لم تتوقف عيوني عن البكاء ، كنت أتسأل أحيانا ً لما لم أعشق من قبل تودد إلي ِ الكثير فلما كنت أرفض ، أمعقول أني أحب رامي كما تقول أمي ، وأن كان فلما لم أشعر بذلك . فأمسك رامي يد فجذبتها وقلت : لا تفعلها مرة ثانية .. صمتي لا يعني موافقتي . فقال رامي : كنت أريد أطمئنك كالعادة . فقلت : لم نعد كالسابق كي تفعل ما كنا نفعل . فقلت : لقد وصلنا أحمله أنت ، أنا متعبة وأريد الدخول لغرفتي . تركته ودخلت غرفتي ، وأغلقتها علي ِ، أطفأت الأنوار ، واحتضنت أحزاني ونمت متخلية عن أي فرحة ممكن تقتحم قلبي المحطم . ........................ [email protected] انتظروا الأحداث القادمة