قبل سنوات ،استهلك العقيد الليبي الراحل معمر القدافي أكتر من ساعة و نصف من الزمن في خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ساعة و نصف شرح فيها زعيم أول و آخر جماهيرية في العالم ، الوثائق القانونية للأمم المتحدة من المواثيق و الاتفاقيات ، وصولا إلى الصلاحيات داخل المؤسسات الدولية ، و لم يقف هنا ، بل قدم حلا لكل القضايا و النزاعات في العالم من بينها حلا للقضية الفلسطينية لنتوقف عند القضية الفلسطينية ، قضية لن أغير اليوم شيئا طبعا إن كتبت عن أخبارها ، لن أغير شيئا إن تحدثت عن القوة العسكرية للجيش الإسرائيلي ، المقاومة الفلسطينية و الشهداء ، لكن سأعود للتذكير بطرح العقيد القدافي ، ليس على سبيل السخرية أو لأثبت أن العقيد مختل أو لأنجز تقريرا عن غرائب القدافي ، لكن وقوفا عند قولة ' و خذوا الحكمة من أفواه المجانيين ' أو قياسا على من يستنفد الحلول الطبية و يلجأ للطب البديل بداية لنستعرض الحل الذي يقدمه العقيد القدافي ،الحل من حيت الشكل يقدمه في كتاب من 36 صفحة ، كما كرر في أكتر من مناسبة الفكرة ،فكرة مضمونها وجود دولة واحدة ، تجمع الفلسطينيين و الاسرائليين ، اليهود و المسلمين ، دولة لا تمييز ديني فيها و لا عرقي و لا لغوي تمييز بمعنى آخر العقيد هنا يطرح خيار ' الدولة العلمانية ' المحايدة تمييز باعتبارها الإطار الأمثل لتعايش كل الديانات و الأعراق و الأجناس ، سيجتهد العقيد و يقدم مجموعة من الحجج و البراهين ليدعم طرحه هذا ، من بينها إشكالية من يسمون ' عرب إسرائيل ' أي العرب ممن يحملون جنسية إسرائيلية ، تم عدم قابلية الدولة للتقسيم جغرافيا ففي نظر العقيد ، فلسطين و إسرائيل متداخلتان و ليست دولتا جوار ، كما لا يخفي العقيد أن ميزان القوى في العالم و أهمية إسرائيل بالنسبة لأمريكا سياسيا كعامل يجعل من مقترحه معقول جدا كل ما سبق في نظر العقيد القدافي لا يسمح بأي حل أخر غير ' دولة إسراطين ' فلم يتوقف عند تحديد شكل الدولة و نظامها الذي يقترح أن يكون ديمقراطيا بل حدد الفئة المستهدفة من مشروعه السياسي حيت أن الشباب هو المعني بالأمر ، لأن الأجيال السابقة على حد تعبير العقيد انتهت و الشباب هو الذي ينتظره المستقبل على هذه الأرض عندما طرح الزعيم الليبي هذا الحل ، و الذي لا ينفصل عن مجموعة أخرى من الكتب يتحدث فيها القدافي عن أفكاره و نظرياته ، و حلوله لكل مشكلات العالم ، سخر منه الجميع ، و استبعد حل الدولة الواحدة من أطراف النزاع ، و خلال كل محادثات السلام لكن اليوم في ظل تشتت الأوطان ، و بروز سؤال الهوية الأمازيغ في شمال إفريقيا ' الريف ' القبائل ' الطوارق ' ازاواد ' و نزاعات أخرى بالمشرق ، عرقية ، دينية و طائفية في العراق ، سوريا ، تركيا و غيرها ، و استحضارا للمسار الذي قطعته القضية الفلسطينية دون جدوى ، و انسداد كل السبل لحل سلمي ، ألا يحق لنا إعادة النظر في حل العقيد القدافي ؟ أليس الأجدر بنا الدفع بحل العقيد عوض تغيير صور البروفيل و ' الهاشتاغ ' ؟ لنعتبرها فرصة أخيرة نتنازل فيها عن عواطفنا و أوهام القومية العربية لصالح العقل و المنطق و القانون ؟ أليس المفاوضات تنازلات ؟ أليس من الأجدر التنازل عن وهم الانتصار و ننع بالسلام ؟ فلا تصح دائما قولة ' فاقد الشيء لا يعطيه ' من يدري ربما الخيار الديمقراطي كان بحوزة ديكتاتور ؟ أشرف بولمقوس طالب باحث في العلوم السياسية