اشاهد مثلما يشاهد الناس تلك المعركة الحاميه الدائره على من يختار الهيئه التاسيسيه لوضع الدستور ..... ولا أدرى لماذا يدور فى ذهنى هذا المشهد التاريخى الذى دار فى زمن المسيح عليه السلام عندما ارادت فئه من اليهود ان يحرجوه باسئلتهم ويثيروا ضده الطوائف الاخرى عندما سألوه سؤالا افتراضيا عن إمرأه تزوجت من سبع اخوه الواحد تلو الآخر بعد وفاته فقالوا له لمن ستكون زوجه يوم القيامه ؟...... فرد عليهم ردا بليغا بان الاخرة عالم ارواح والزواج فيها ليس كزواج الدنيا . اما وجه الشبه بين هذه القصه وموضوع الدستور هو انه لو نجح الاخوان المسلمين فى الانتخابات الحاليه باغلبيه ثم فى الدوره التاليه كانت الغلبه للسلفيين ثم فى الدورة التى تليها تغلب حزب الوفد مثلا اوالكتله او اى حزب آخر فمن يكون من حقه وضع الدستور او اختيار الهيئه التاسيسيه لوضعه؟ ....... ربما يكون هذا هو وجه التشابه اما الاختلاف فهو ان السائل ليس يهوديا وان المجيب ليس مسيحا ملهما من السماء . هنا يطرأ سؤالا آخر ألا وهو .... هل الدستور حاكم بمعنى اننا نصنع صنما لكى نعبده ؟ ..... الاشد قسوه من هذا التعبير هو هل نسمح لغيرنا بصنع هذا الاله المزيف ؟ ..... هل سيزيدنا هذا الدستور المصنوع رخاءا وتقدما ام سيزيدنا رهقا واختلافا؟ ..... هل تكفى صناديق الانتخابات بما يشوبها من عور وبما يكتنف العمليه الانتخابيه كلها من احترافيه وطائفيه وعصبيه ورشاوى انتخابيه ودعايا كاذبه وفى بعض الاحيان بلطجه نفسيه وجسديه ..... هل تكفى هذه الانتخابات لان تكون مشروعيه لفصيل اوفئه او طائفه لوضع معالم هذا الدستور ؟ ربما سيرد فصيل من لحمة المجتمع بأن الدستور الوحيد الذى له حق السياده هو شرع الله وانهم يجاهدون من اجل ان يضعوه دستورا للبلاد .......بالفعل هذا حق ان الدستور الحقيقى هو دستور الله فى الارض وان المفسر الاعلى لهذا الدستور هم الرسل ولكنهم هم انفسهم لم يديروا حياة الناس بالكتب السماويه ولا بتعاليمهم المباشره ولكن اداروها بالشورى طالما انها لاتتعارض مع الدستور السماوى ليس لانهم الاقل علما ومعرفه وحكمه ولكن لإرساء قاعده للناس فى عصور ليس فيها انبياء ولارسل. السؤال الآخر المعاكس للسؤال السابق هو هل الدستور محكوما ؟ ..... بمعنى اننا اصحاب اليد العليا فى وضع مانشاء من قواعد وقوانين تتناسب معنا دون اى قيود ....... أو محكوما بمعنى اننا نصنعه لكى نسيره كيف نشاء بما يخدم افكارنا ومصالحنا فهو ليس طريقا مستقيما بل هو ينحنى مع الاغراض والتوجهات والامتيازات والشعارات والنعرات . ..... ام انه محكوما بحيث يكون مطيه للناس يركبونها بمذاهبهم ومرجعياتهم واهدافهم بحيث تكون اقرب الشبه بإشارة مرور يدويه يحولها كل من يصلها لصالحه ...... او محكوما بضوابط ورؤى مسبقه مثلما عرف بوثيقة السلمى سابقا ..... او بالمبادىء الفوق دستوريه التى اقترحها الدكتور البرادعى. وإسمحولى ان ادلى برأيى فى هذا وهو ان الدساتير فى العالم كله نشأت مع نشأة الدول وكانت اعمدتها الاساسيه هى القاسم المشترك الاعلى لشعوبها حيث يتفق الجل وليس الكل بشخوصهم او بممثليهم على مبادىء واهداف وطموحات واخلاقيات بلدهم ووضع احلامهم نصب اعينهم ثم تاتى الدساتير لترسم معالم وخطط تحقيق كل ماسبق ....... الدستور حاكما ومحكوما فى آن واحد ..... فهو محكوما بارادة عموم الشعب معبرا عن كل مايتوافق عليه دون استبعاد اوتحييز او تمييز ...... وهو حاكما بعد اقراره واستفتاء الشعب عليه بحيث يحصل على اكثر من ثلثى الاصوات فيصبح هو المنظم لحياة الناس وحركة المجتمع ..... وعليه فان الدستور يجب ان يضعه كل فئات المجتمع وبالتالى يجب ان تمثل كل الفئات والطوائف فى الهيئه التاسيسيه لاعداد الدستور.