كشفت ثورة يناير المجيدة الكثير و الكثير من العيوب والمميزات ، وما كان مستترا فى زمن قد ولى ومضى بلا عودة ظهر وبقوة الآن وبدأت تبدو على الساحة أمور يفهم من خلالها الطفل الصغير – فضلا عن الكبار- أن مصر كما أن بها عظماء قد قاموا بالثورة وأزاحوا قمم الهرم الظالم ، فإن بها مجموعات من التافهين الذين تكشفت نواياهم وأنانيتهم وحبهم الكاسح فقط لأنفسهم أو لانتماءاتهم أو اتجاهاتهم الحزبية أو السياسية. بالأمس القريب وجهت لى الدعوة من قبل أحد الأحزاب لحضور مؤتمر أقيم بمدينتى تمى الأمديد بالدقهلية ، وقد لاحظت فى كلمة أحد المرشحين بهذا الحزب روحا هجومية على التيار السلفى وتيار الإخوان ، فحزنت حزنا شديدا ليس من أجل السلفيين ولا تعاطفا مع الإخوان ولكن على روح الود المفقودة بين الأحزاب والأطياف المصرية جميعها، وأحسست بأن المؤتمرات تنعقد للهجوم والتفرقة والتشرذم بدلا من أن نقوم بالدعاية اللائقة والمهذبة دون تجريح لا بالتلميح ولا بالتصريح لفرد أو جماعة أو حزب . فلماذا يقوم البعض من تلك الأحزاب بشن حملات هجومية على خصومهم بدلا من بيان برامجهم وفقط ؟ اللهم إلا إذا كان الهجوم جزء من تلك البرامج ، والله تعالى أعلم . لماذا لا يسود جو من الألفة والمودة بين كل المصريين أفرادا وأحزابا وتترك الكلمة للشعب ليختار ويقول كلمته بلا أساليب هجومية فى الدعاية الانتخابية لحزب أو تيار معين، وبلا محاولات للعب بإرادة الناخبين لا على أبواب اللجان ولا البيوت . فما ينبغى للسلفيين أن يهاجموا ويكفروا بعض التيارات الأخرى، ويتهمون من ينتخب غير السلفيين بالخيانة للدين والوطن وربما بالكفر أحيانا ، فتقوم تلك التيارات فى المقابل بالتقليل من شأن السلفيين وتخويف الشعب منهم ومن فتاواهم التكفيرية خاصة وأن الشعب لديه موروث ضخم جدا من الكراهية لكل ما هو إسلامى وسلفى وإخوانى ورثه لنا النظام السابق الذى تفنن فى العهد البائد فى زرع الكراهية لكل ما هو إسلامى حتى من يصلون الفجر جماعة فى المسجد أو يقيمون الليل كانوا فى نظر النظام إرهابيين . هل وصل بالمصريين الحال إلى هذه الدرجة ؟متى نتوحد فى حبنا للوطن، ومتى نترك التشرذم والتفرقة وبث روح الخلاف بيننا ؟ و هل ستظل روح الود مفقودة بيننا نحن المصريين؟ وإلى متى يظل التخوين والتخويف متحكما فى الفكر والاعتقاد ؟ لماذا لا يكون السلفى والليبرالى والإخوانى و الوفدى و الناصرى كلهم جميعا مصريين يحبون النجاح لمصر حتى لو فشلوا هم ؟يريدون المرور لمصر حتى لو تعثروا هم ؟ لماذا لا نعمل جميعا على إنجاح مصر انتخابيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، حتى لو لم تنجح أحزابنا أو تياراتنا فى الانتخابات ؟هل هذا ضرب من المستحيل؟ ألا يعد نجاح مصر فوزا لكل المصريين؟