خروج الشعوب في المنطقة المغاربية و الشرق الأوسط لم تنطلق شرارته الأولى من تنظيمات سياسية أو جماعة ضغط معينة أو غيرها بل من صفحات افتراضية فبعدها بدأ الكل يخرج و الكل يسقط وصولا إلا رأس النظام لكن أول سقوط لم يكن سقوط أرواح في ساحات الاعتصام بل سقوط المؤسسات الرسمية أمام مؤسسات افتراضية ' صفحات الفايسبوك نموذجا لهذه المؤسسات الافتراضية ' فكثيرا ما تم مناقشة العلاقة بين مواقع التواصل الاجتماعي و الديمقراطية خصوصا بعد ما سمي ب " الربيع " و اختلفت الآراء بين من اعتبر العالم الافتراضي مساهم في موجة المطالبة بالديمقراطية و من اعتبر هذه الوسائط المخلص من الأغلال التي قيدت بها الديمقراطية و ذهب آخرون لاعتبار الانفجار السياسي الافتراضي هو من افرغ الساحة السياسية من النضال الحقيقي فطرح أحدهم سؤال في إحدى الندوات قائلا ' ألا يمكن للفايسبوك أن يحل مكان كل هذه الأحزاب ؟ لم أتردد في تكرار السؤال بصيغة أخرى ' هل الفايسبوك فعلا أكبر حزب سياسي اليوم ؟' لا يمكن طبعا نفي ذلك فحزب الفايسبوك أكبر تكتل سياسي غير منتخب و غير متفق على إيديولوجيا أو مرجعية معينة و طبعا لا زعيم و لا أمين مال و لا هياكل و لا فروع له ، هو حزب بلا تزكيات حزب لا قانون داخلي له لا بطاقة عضوية و لا التزام لكن أي شيء لا تحكمه قوانين وضعية ستحكمه قوانين الطبيعة فقانون مارك لا يقف أمام رغبة الإنسان في القتل ، أتحدث طبعا عن قتل افتراضي ' بلوك ' و لا يقف أمام إبعاد أو طرد و غيرها ... فالكل يتم بنقرة و هنا مربط الفرس ، اليوم يعتقد كثيرون أن تحقيق الديمقراطية يتم بنفس سرعة اتخاذ القرار الافتراضي في حين تحقيق الديمقراطية كما يثبت التاريخ ذلك يتطلب نضال سنوات فما وصلت إليه الأنظمة الديمقراطية اليوم هو تمرة سنوات من العمل على مستويات مختلفة بل حتى على مستوى تجارب دول غير ديمقراطية فلم تحقق ما هي يصدده اليوم بنقرة على موقع ما بل عملية التصويت أو الاقتراع ككل هي مكسب لنضال سنوات ، تأسيس حزب أو نقابة هو حق تم اكتسابه بعد سنوات من النضال كل الحقوق و الحريات هكذا تؤخذ على مهل لأن المستبد لو أتيحت له فرصة إلغاء الانتخابات و إلغاء كل المؤسسات فلن يتراجع لذلك فليتسع صدرنا اليوم و نكون على نهج أسلافنا في الصبر على تحقيق المطالب فلا يمكنك بمجرد كتابة مقالة أو تصوير شريط فيديوا أو الانتماء إلى تنظيم سياسي أن تحقق الديمقراطية في الآن ذاته ، إن الديمقراطية تراكمات و العيش في نظام مستبد و مقاومته مرحلة من مراحل البناء الديمقراطي اشرف بولمقوس طالب باحث في العلوم السياسية