مشاورات التشكيل الوزاري مستمرة حتى الآن.. مصطفى بكري يحسم جدل موعد إعلان الحكومة الجديدة    موعد نهاية إجازة عيد الأضحى 2024 للموظفين والعاملين بالدولة    الغلق ينتظر الشركات المخالفة.. "غرفة السياحة": ضرورة إيقاف تأشيرات الزيارة في موسم الحج    النقد الدولي يرهن نجاح قواعد الديون الجديدة للاتحاد الأوروبي بالدعم السياسي لها    عاجل.. الكويت تقطع الكهرباء يوميًا بعد زيادة الأحمال وارتفاع الحرارة    بوتين: روسيا لا تطلب المساعدة من أحد في عملياتها العسكرية    كوهين: إذا انقطعت الكهرباء لساعات في إسرائيل فسينقطع التيار الكهربائي لشهور في لبنان    لاعبو الأهلي يتبرعون بجزء من رواتبهم لصالح أسرتي مشجعتي النادي    10 وفيات بالحج السياحي.. وضبط 104 حالات حج غير رسمية    بقميص منتخب إنجلترا.. أحدث ظهور ل جنا عمرو دياب رفقة صديقها (صور)    القاهرة الإخبارية: إصابة جنديين بجروح خطيرة جنوبي غزة    مصرع أم وطفلتها أسفل عجلات القطار بمركز ديروط بأسيوط    محافظ الدقهلية يكشف حقيقة قطع الأشجار بحديقة عروس النيل والحدائق العامه بالمنصورة    تعرف على أبرز برامج الذكاء الاصطناعي    احتفالات عيد الأضحى.. عروض الفنون الشعبية تزين ممشى أهل مصر بالسويس    الشباب والرياضة: أكثر من 13.5 مليون مواطن ترددوا على مراكز الشباب في عيد الأضحى    زعيم «الحوثيين»: البحرية الأمريكية تواجه أعنف قتال لها منذ الحرب العالمية الثانية    مدرب بيراميدز: استحققنا الفوز على بلدية المحلة    منها «الجوزاء».. مواليد 4 أبراج فلكية من السهل إرضائهم    بعد توجيهات الرئيس السيسي بترميمه.. "البوابة نيوز" داخل ضريح الشيخ الشعراوي    توفيت بالحج، زوج ينعي زوجته بكلمات مؤثرة: كانت ملاكًا تسير على الأرض    معظمهم غير مسجلين.. عدد الوفيات في صفوف الحجاج يتجاوز الألف    «القارئ الباكي».. أقارب الشيخ محمد صديق المنشاوي يحيون ذكرى وفاته من أمام مقبرته بسوهاج (فيديو)    ضربة الشمس القاتلة.. كيف تسببت درجات الحرارة في وفاة مئات الحجاج؟    انفراجة فى توافر الأدوية بالصيدليات.. تحرير سعر الصرف ساعد فى تأمين النواقص    جيش الاحتلال: إصابة جنديين بجروح خطيرة جنوبي غزة    مجازر الغربية تستقبل 1186 رأس ماشية خلال أيام عيد الأضحى المبارك    فرحة العيد لسه مكملة.. إقبال على الملاهي بحدائق كفر الشيخ للاحتفال    الأقصر.. توقيع كشف طبي على المواطنين في أرمنت ضمن خدمات عيد الأضحى    الرئيس السيسى يوجه بتشكيل خلية أزمة لمتابعة حالات وفاة الحجاج المصريين.. إنفو    ما حكم زيارة أهل البقيع بعد الانتهاء من أداء مناسك الحج؟.. الإفتاء توضح    استخراج نتائج الثالث متوسط 2024 بالاسم ورقمك الامتحاني    "تجاهلوا الرد".. أتشمبونج يهدد الزمالك بشكوى جديدة    رابطة الأندية: إحالة تقرير حكم مباراة الزمالك والمصري للجنة الانضباط    كيف تبدو "المشاعر المقدسة" عقب مغادرة الحجاج ..فيديو    تنسيق الجامعات.. تعرف على برنامج التصميم المعماري والعمراني المستدام بجامعة حلوان    سرايا القدس: نخوض اشتاباكات عنيفة مع جنود الاحتلال في رفح    عودة بطولة الأفروآسيوية.. مواجهة منتظرة بين الأهلي والعين الإماراتي    هيئة الدواء المصرية توضح العلاقة بين تناول اللحوم والإمساك    رومانيا: تبرعنا لأوكرانيا بمنظومة باتريوت مشروط بحصولنا من الناتو على مثلها    إنهاء قوائم الانتظار.. إجراء مليونين و245 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة    وفد من الأهلي يعزي أسرة نورهان ناصر التي لقيت مصرعها بعد مباراته مع الاتحاد السكندي    ياسر الهضيبي: ثورة 30 يونيو ستظل نقطة مضيئة في تاريخ مصر    إجراء اختبارات إلكترونية ب147 مقررًا بجامعة قناة السويس    7 ضوابط أساسية لتحويلات الطلاب بين المدارس    ضبط عاطلين بحوزتهما كمية من مخدر الحشيش بالمنيرة    رصد وإزالة حالات بناء مخالف وتعديات على الأراضي الزراعية بالجيزة - صور    في يومهم العالمي.. اللاجئون داخل مصر قنبلة موقوتة.. الحكومة تقدر عددهم ب9 ملايين من 133 دولة.. نهاية يونيو آخر موعد لتقنين أوضاعهم.. والمفوضية: أم الدنيا تستضيف أكبر عدد منهم في تاريخها    مصدر: لا صحة لإعلان الحكومة الجديدة خلال ساعات    تركي آل الشيخ عن فيلم عمرو دياب ونانسي عجرم: نعيد ذكريات شادية وعبدالحليم بروح العصر الجديد    برنامج خاص في الأهلي لتجهيز وسام أبوعلي لمباراة القمة    لمرضى القلب العائدين من مناسك الحج.. إرشادات من المجلس الصحى السعودى    طواف الوداع: حكمه وأحكامه عند فقهاء المذاهب الإسلامية    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 20-6-2024    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    الركود يسيطر على سوق الذهب وإغلاق المحال حتى الإثنين المقبل    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأردن على حد السيف
نشر في شباب مصر يوم 06 - 12 - 2011

(إن تراجع الاحتمالات الواقعية لانضمام الأردن الى مجلس التعاون الخليجي من المفترض أن يعزز التوجه الأردني نحو الحياد في المنازعات بين المحاور العربية والتوسط بينها، ويعيد التوازن الى السياسة الخارجية الأردنية في مجالها العربي)
بقلم نقولا ناصر*
الأزمة السورية تعربت. وتعريبها يضعها على شفا التدويل، بحكم العلاقات التي تربط بين المجموعة الخليجية التي تقود الجامعة العربية الآن وبين التحالف الغربي الذي غير النظامين العراقي والليبي بالغزو والاحتلال والقوة المسلحة. وبينما وصف وزير الخارجية السوري وليد المعلم تصعيد الأزمة بفرض عقوبات عربية على سورية ب"إعلان حرب اقتصادية" عليها، وهي عقوبات وصفها وزير الخارجية البريطاني ب"غير المسبوقة" في تاريخ الجامعة العربية، فإن تحريك حاملات طائرات أميركية وروسية الى قبالة السواحل السورية ينذر بفرض حظر بحري على سورية من أجل فرض تطبيق العقوبات العربية – الأميركية – الأوروبية، وهذا سيناريو واحد من أربع سيناريوهات توقعها تقرير لمعهد بروكينغز الأميركي في الثلاثين من آب / أغسطس الماضي، مما ينقل الأزمة عمليا الى حافة الحرب.
وسياسة حافة الحرب الغربية تجاه سورية تضع الأردن على حد السيف بين ضغوط علاقاته الاستراتيجية الأميركية والخليجية، وبين الوضع الداخلي الذي يموج تحت الضغوط الاقتصادية التي تزيد الأزمة السورية استفحالها اقتصاديا وسياسيا مما يفسر التحفظ الأردني على العقوبات العربية ضد سورية والمطالبة باستثنائه من تطبيقها، وبين الاستحقاقات الأردنية التي تمليها الجغرافية السياسية السورية.
والأردن خاسر إذا انتقلت الأزمة من حافة الحرب الى حرب فعلية بتدخل عسكري غربي سافر على الطريقة العراقية أو الليبية.
والأردن خاسر إذا انحاز تماما الى املاءات علاقاته الاستراتيجية كحليف للولايات المتحدة وشريك غير عضو في حلف الناتو ومرشح للانضمام الى مجلس تعاون دول الخليج العربية.
والأردن خاسر إذا انحاز لاستحقاقات الجغرافية السياسية السورية فذلك سيجعله هدفا للقوى الخارجية ذاتها التي تستهدف "تغيير النظام" في سورية.
والأردن خاسر إذا استمر الوضع الراهن لفترة تطول أكثر من اللازم بكل ما يعنيه استمراره من تفاقم أزمته الاقتصادية ناهيك عن تفاعلات الانقسام السياسي الواضح داخليا حول الموقف من الأزمة السورية.
ومن المؤكد أن انحياز الأردن الى أي طرف من أطراف الأزمة سوف يفاقم من أزمته الاقتصادية أولا ثم يزيد من حدة الاستقطاب السياسي الداخلي ثانيا ويجعله هدفا مشروعا للأطراف التي انحاز ضدها ثالثا.
وبين ضغوط علاقات الأردن الاستراتيجية وبين ضغوط الجغرافية السياسية السورية عليه فإن الضغوط الأولى "أوزن" كما وصفها وليد المعلم.
وبينما "الحياد" الأردني في الأزمة السورية هو كل ما تأمل فيه دمشق من عمان، فإن حلفاء الأردن الاستراتيجيين لا يرضون منه بأقل من التزام كامل صارم بالعقوبات الأميركية والأوروبية والعربية، كما تبين من زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون تمويل الارهاب، دانيال جلاسر، للعاصمة الأردنية أواسط تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، وبينما تدعي الجامعة العربية أن الهدف من عقوباتها على سورية هو وقف العنف تمهيدا ل"حل عربي" "سلمي" مبني على "الحوار" فإن جلاسر لم يترك مجالا للشك في أن الهدف من حزمة العقوبات العربية وغير العربية هو "تسريع الاطاحة بنظام بشار الأسد"، أي "تغيير النظام" في سورية باعتباره نظاما "مارقا منبوذا" كما أعلن المسؤول الأميركي في عمان (الأسوشيتدبرس في 13/11/2011)، وفي حال تجاوز حافة الحرب الى الحرب على سورية، فإنهم لن يقبلوا بأقل من انحياز أردني كامل لهم.
وفي هذا السياق، تبدو ضغوط علاقات الأردن الاستراتيجية "أوزن"، لكن المخاطر الكامنة في هذه الضغوط على الأمن الوطني الأردني لا ترجح أي انحياز أردني سافر كهذا يحول المملكة عمليا الى "دولة مواجهة" ضد سورية. ولهذا السبب كان الملك عبد الله الثاني مباشرا وشفافا عندما أعلن من برلين يوم الثلاثاء الماضي أن الأردن "لا يؤمن بالتدخل العسكري في سورية"، عشية لقاء الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين في بروكسل ل"تنسيق" الخطوات الثنائية تجاه سورية. وبينما كرر رئيس الوزراء عون الخصاونة رفض الأردن لأي تدخل أجنبي من أي نوع في الأزمة السورية أعلن كذلك بأن المملكة أبلغت الجامعة العربية رسميا أنها لن تلتزم بأي نظام عقوبات اقتصادية عربي ضد سورية يمس مصالح الشعب الأردني.
والمراقب سوف ينتظر لمتابعة ما إذا كان في جعبة مساعد وزير الخارجية الأميركية، جيفري فيلتمان - - أحد المهندسين النافذين للسياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط - - ما يمكن أن يغير في هذا الموقف الأردني المعلن على أرفع مستوى عندما زار المملكة هذا الأسبوع، غداة فرض حزمة عقوبات أميركية – أوروبية جديدة ضد سورية الأسبوع الماضي.
وفي هذا السياق، قد يغيب عن بال فيلتمان أن ذاكرة الشعب الأردني ليست قصيرة كي لا تتذكر بأن التصنيف الأميركي لسورية ك"دولة داعمة للارهاب" أقدم كثيرا مما يسميه الاعلام الأميركي "الثورة السورية" الحالية، وأن "قانون مساءلة سورية" الأميركي كان قد صدر في 12 نيسان / أبريل عام 2003 بعد وقت قصير من غزو العراق واحتلاله ليشير إلى أن "تغيير النظام" في سورية كان الهدف الأميركي التالي قبل ثماني سنوات من "الثورة" فيها، وبالتالي يدرك الأردنيون أن المقاربة الأميركية للأزمة السورية الراهنة لا علاقة لها لا بالديموقراطية ولا بالتغيير ولا بالاصلاح وأنها مقاربة مختلفة نوعيا عن المقاربة الأردنية لهذه الأزمة.
ولن تكون أي حزمة مالية أميركية – خليجية تعرض تعويض الأردن عن خسائره الاقتصادية المنظورة والمتوقعة والملموسة حاليا كافية للخضوع لهذه الضغوط، فعدا عن وجوب أن تكون مثل هذه التعويضات مجزية فإنها تقديمها يجب أن يكون مضمونا أيضا، ولا يملك الأردن أي ضمانات كهذه غير "حسن نوايا" و"صدق تعهدات" مانحيها، وللأردن وغيره من العرب تجارب مريرة مع اختبار حسن النوايا الأميركية، وبخاصة في القضية الفلسطينية التي تعتبر قضية وطنية أردنية، ومع اختبار صدق التعهدات العربية.
لكن الأهم من أي حزمة مالية قد يتم اقتراحها للأردن للتعويض عن خسائره المتوقعة نتيجة أي انحياز كامل لعلاقاته الأميركية – الخليجية في الأزمة السورية هو أن هذه العلاقات لن يكون في وسعها ضمان المخاطر المحتملة على أمنه الوطني واستقراره السياسي ووحدته الوطنية، فمثل هذه المخاطر لا يمكن درؤها إلا بالحياد الأردني في هذه الأزمة كحد أدنى.
وهذا المأزق يؤهل الأردن لدور وساطة محايدة تستلهم المصالح العربية العليا في الأزمة، كمخرج وحيد له من هذا المأزق يؤجل، ولو الى حين، تصعيد الضغوط عليه من كل أطراف الأزمة، وهي أزمة سيكون الأردن ضحية بريئة لها إن استفحلت فتخطت حافة الحرب الى الحرب الفعلية على سورية.
إن تراجع الاحتمالات الواقعية لانضمام الأردن الى مجلس التعاون الخليجي من المفترض أن يعزز التوجه الأردني نحو الحياد في المنازعات بين المحاور العربية والتوسط بينها، ويعيد التوازن الى السياسة الخارجية الأردنية في مجالها العربي، للابقاء على قنوات الاتصال والتواصل مفتوحة على اتساعها مع كل مراكز الثقل الديموغرافي والاقتصادي والعسكري والسياسي العربية التي تتنازع على موقع القيادة الاقليمية في المحيط الجغرافي السياسي للمملكة، وهذا تنازع خلق فراغا اقليميا أفقد هذه المراكز جميعها أي دور قيادي في العمل العربي المشترك، مما سمح لقوى اقليمية غير عربية، كايران وتركيا، للتنازع على ملئ هذا الفراغ تنازعا سوف يبقى تحالف دولتي الاحتلال الاسرائيلي والأميركي في فلسطين والعراق على التوالي كقوة اقليمية مهيمنة الى أمد غير منظور.
إنها لمفارقة حقا أن تكون افتتاحية نشرتها صحيفة "جوردان تايمز" الصادرة باللغة الانكليزية في الأول من تشرين الثاني / نوفمبر عام 2005 أكثر انطباقا على الواقع الراهن وتعبيرا عن الموقف الأردني في الوقت الحاضر مما كانت عليه عند نشرها قبل سبع سنوات، وقد جاء في تلك الافتتاحية:
"بغض النظر عن أي شيء تنوي واشنطن تحقيقه، فإن قرع طبول الحرب والتهديد بالعقوبات ضد سورية سوف تكون له نتائج عكسية فقط. وبمجرد حشرها في الزاوية، فإن القيادة السورية سوف تحرم من مساحة المناورة الحيوية للتعاون بفعالية مع الأمم المتحدة، والحفاظ على الاستقرار في الداخل، والمحاربة الفعالة للإرهاب، وإدخال إصلاحات جادة. فليس هذا هو الوقت لعزل النظام وتقويضه، والمخاطرة بخلق فراغ يجد التطرف فيه تربة مثالية للنمو والانتشار، ليغرق المنطقة بكاملها على الأرجح في مزيد من عدم الاستقرار والصراع. فهذا هو الوقت للجلوس (مع) الرئيس بشار الأسد على الطاولة، ومعرفة مدى تصميمه بشأن الاصلاح، وعرض كل مساعدة ممكنة لسورية لتبني التغيير. إن إحدى عشرة سنة من الحظر على العراق قد أظهرت كم هي ورقة العقوبات ضارة ومؤلمة".
* كاتب عربي من فلسطين
* [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.