الدولار يتراجع.. أسعار العملات اليوم الثلاثاء بالبنك المركزي (تفاصيل)    محافظ كفرالشيخ: توريد 178 ألف طن من القمح وصرف مستحقات المزارعين بانتظام    «تليق يا مو».. كيف تفاعلت جماهير ليفربول مع قرار سلوت تجاه صلاح؟    مشروعات عملاقة تنفذ على أرض أشمون.. تعرف عليها    الملاذ الآمن يتألق من جديد.. ارتفاع ب أسعار الذهب مع تراجع الدولار وتصنيف «موديز»    فلسطين.. الطائرات الإسرائيلية تشن 10 غارات على شرق غزة وجباليا شمال القطاع    نتنياهو: الحرب يمكن أن تنتهي غدا إذا تم إطلاق سراح الرهائن المتبقين    تكريم طالبين بجامعة عين شمس لحصولهما على جائزة بمسابقة عمرانية    أحدها لم يحدث منذ 2004.. أرقام من خسارة ليفربول أمام برايتون    لحل أزمة استقالة كامل أبو علي.. جلسة طارئة مع محافظ بورسعيد    أحمد دياب: إيقاف النشاط أمر غير وارد    عاجل| عرض خليجي خرافي لضم إمام عاشور.. وهكذا رد الأهلي    صيام صلاح مرة أخرى.. ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز بعد خسارة ليفربول    الأهلي والزمالك.. من يتأهل لنهائي دوري السوبر لكرة السلة؟    نزاع بشأن وصية.. محامي حفيد نوال الدجوى يكشف مفاجآت جديدة في واقعة السرقة    نفوق 10 آلاف دجاجة.. 7 سيارات إطفاء للسيطرة على حريق بمزرعة دواجن بالفيوم- صور    الأرصاد تُحذر: شبورة ورياح مثيرة للرمال والأتربة على هذه المناطق اليوم    حبس شاب متهم بالشروع في قتل آخر بالعياط    إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بسوهاج    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    فضل حج بيت الله الحرام وما هو الحج المبرور؟.. الأزهر للفتوى يوضح    محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل ويشدد على سرعة الإنجاز (صور)    سيلان الأنف المزمن.. 5 أسباب علمية وراء المشكلة المزعجة وحلول فعالة للتخفيف    جيش الاحتلال يعلن مقتل رقيب وإصابة اثنين آخرين في عملية عربات جدعون    وسام البحيري يعلن مفاجأة ببرنامجه "من تراثنا الإذاعي" بإذاعة القرآن الكريم    رئيس شعبة مواد البناء: لولا تدخل الحكومة لارتفع سعر طن الأسمنت إلى 5000 جنيه    أحمد كمال صاحب دور المجنون ب إعلان اتصالات: مكناش نقصد نزعل الزملكاوية والأهلي عشق (فيديو)    سفير مصر في بروكسل يستعرض أمام البرلمان الأوروبي رؤية مصر تجاه أزمات المنطقة    «ليست النسخة النهائية».. أول تعليق من «الأعلى للإعلام» على إعلان الأهلي (فيديو)    منافس الزمالك في ربع نهائي كأس الكؤوس الأفريقية لليد    إغلاق 7 منشآت طبية مخالفة و7 محال تجارية فى حملة بقنا    هل يوجد في مصر فقاعة عقارية؟.. أحمد صبور يُجيب    شعبة المواد الغذائية تكشف 4 أسباب لعدم انخفاض أسعار اللحوم مقارنة بالسلع التموينية (خاص)    وفد قبطي من الكنيسة الأرثوذكسية يلتقي بابا الڤاتيكان الجديد    سامي شاهين أمينا للحماية الاجتماعية بالجبهة الوطنية - (تفاصيل)    جامعة حلوان تنظم ندوة التداخل البيني لمواجهة تحديات الحياة الأسرية    بعد نجل محمد رمضان.. مشاجرات أبناء الذوات عرض مستمر في نيو جيزة| فيديو    وزير الاستثمار يتوجه للعاصمة الألمانية برلين لتعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين    عليك إعادة تقييم أسلوبك.. برج الجدي اليوم 20 مايو    تامر أمين ينتقد وزير الثقافة لإغلاق 120 وحدة ثقافية: «ده إحنا في عرض مكتبة متر وكتاب»    "يا بختك يا أبو زهرة".. الصحفي محمد العزبي يكشف تفاصيل وقف معاشه بعد بلوغه ال90 عاما    حدث بالفن | حقيقة إصابة عبدالرحمن أبو زهرة ب "الزهايمر" وموعد حفل زفاف مسلم    موعد نقل القناع الذهبي لتوت عنخ آمون إلى المتحف المصري الكبير    أستاذ علاقات دولية: الاتفاق بين الهند وباكستان محفوف بالمخاطر    ما مصير إعلان اتصالات بعد شكوى الزمالك؟.. رئيس المجلس الأعلى للإعلام يوضح    4 أبراج «زي الصخر».. أقوياء لا ينكسرون ويتصرفون بحكمة في المواقف العصيبة    استشهاد 10 فلسطينيين بينهم أم وأطفالها الستة في قصف للاحتلال على قطاع غزة    ترامب يوقع مشروع قانون يجعل نشر الصور الإباحية الانتقامية جريمة اتحادية    سلطات فرنسا تعلن مصرع مهاجر وإنقاذ أكثر من 60 آخرين فى بحر المانش    سرعة الانتهاء من الأعمال.. محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل    وزير العمل: قريباً توقيع اتفاقية توظيف للعمالة المصرية في صربيا    هل يجوز للمرأة أداء فريضة الحج عن زوجها أو شقيقها؟.. أمينة الفتوى: هناك شروط    «للرجال 5 أطعمة تحميك من سرطان البروستاتا».. تعرف عليهم واحرص على تناولهم    خالد الجندي: الحجاب لم يُفرض إلا لحماية المرأة وتكريمها    مزارع الدواجن آمنة إعلامى الوزراء: لم نرصد أى متحورات أو فيروسات    ما حكم صيام يوم عرفة للحاج وغير الحاج؟    رئيس جامعة دمياط يفتتح المعرض البيئي بكلية العلوم    موعد امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنيا 2025.. جدول رسمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة يكتب عن : إشكالية الحب في الحياة الفكرية والروحية في الإسلام
نشر في شباب مصر يوم 22 - 11 - 2016

الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة-قسم الأدب العربي-جامعة عنابة
تظلّ إشكالية الحب في الإسلام واحدة من الإشكاليات المهمة،والمتميزة التي أثارت الكثير من الجدل بين مختلف الباحثين،والدارسين،وعلى الرغم من الأهمية الكبرى التي تكتسيها،والمنزلة التي تحتلها في التراث الفكري،والروحي في الإسلام،إلا أنها لم تلق العناية الكافية،والاهتمام الذي يكشف النقاب عن انعكاساتها،وتجلياتها في الحياة الفكرية،والروحية في الإسلام،حيث إن الكثير من الجوانب في هذا الموضوع لم تسلط عليها الأضواء،ولم توضح الكثير من الأبعاد،والإشكاليات التي تندرج في إطاره.
ويجيء هذا الكتاب:«إشكالية الحب في الحياة الفكرية والروحية في الإسلام»للباحث الدكتور عبد الحميد خطاب؛أستاذ التعليم العالي بقسم الفلسفة بجامعة الجزائر،والصادر عن ديوان المطبوعات الجامعية بالجزائر،يجيء في إطار الدراسات الجادة،والمتميزة التي سعت إلى نفض الغبار عن هذا الموضوع ،حيث عالج المؤلف بإسهاب، وعمق جملة من القضايا الهامة التي تتصل بموضوع الحب،وتجلياته في الحياة الفكرية والروحية في الإسلام من جوانب متنوعة-الجانب الأدبي والفلسفي،والجانب الديني والروحيّ،والجانب العلمي والسيكولوجي-.
في تصديره للكتاب يشير المؤلف إلى أن هذا الموضوع( إشكالية الحب في الحياة الفكرية والروحية في الإسلام)يعتبر من الموضوعات التي لم تدْرُج الدراسات الفلسفية ذات الطابع الجمالي والنفسي على تناولها،والخوض فيها بحثاً،وتحليلاً،وتنقيباً على الرغم من أن تراثنا العربي الإسلامي قد عايش أمثال هذه الموضوعات،واحتواها احتواءً متألقاً،وطريفاً،ويذكر بأن بحثه هذا هو تعبير عن عاطفة الولاء للفكر العربي الإسلامي،وتنويه بما لصور المحبة،والحب فيه من قيمة،وطرافة،واعتبار،كما يأتي محاولة لإجلاء تلك الروح التي نفث المفكرون الإسلاميون،من خلالها،نفثاً كان جديداً في إبراز تلك الصور،وهو نفث يشف عن حيوية تزخر بأفكار، وآراء وإشارات عميقة،ورموز جليلة تنم عن أصالة، وباع طويل في ميدان الروحانية،وشؤون التأمل والفكر ومجال النفسانيات.
الجانب الأدبي والفلسفي:
في الفصل الأول من الكتاب عالج المؤلف جملة من المواضيع التي تتعلق بالجوانب الأدبية،والفلسفية في الحب،وتناول مفهومه،وماهيته،وأسبابه،كما تطرق للإنتاج الفكري،والأدبي في الحب مع أشهر المحبين.
ويذكر المؤلف أن تناول مفهوم الحب،و إشكاليته، وجعله موضوعاً للكتابة،والبحث،والتحليل في وقتنا الراهن الذي يزخر بألوان الجراح،والضغائن،ويعج بمختلف أسباب الإحباط،والقروح، يعد من جهة تنقيحاً للخاطر،وترويحاً للنفس،وذلك من حيث إنه إطلالة، وتعريج على عالم رومانسي حالم،ومن جهة ثانية فهو لفت نظر،وتنويه بأهمية هذا الموضوع بالنسبة للفكر الفلسفي العام على وجه العموم،والتراث العربي، والفكر الإسلامي على وجه الخصوص،ولاسيما أن كثيراً من المستشرقين أنكروا وجود نظرية في الحب عند المسلمين عامة،والحب الإلهي خاصة، ورأوا أن الطبيعة العربية الخشنة لم تكن لتتحمل معاني القلب الرقيقة ،و لا ريب في أن هذه الفكرة لا أساس لها من الصحة، وتتسم بالنقص،ومجانبتها للصواب، ويرى المؤلف أنها راجعة إما إلى قصور وجهل،وعدم دراية،وهذا على أقل تقدير،وهو ما يمثل فريقاً من المستشرقين،أو أنها تعود إلى الذاتية،والتعصب،وسوء النية على غالب تقدير،وقد كان هدف بعض المستشرقين ربط كل نظريات الحب،ولاسيما لدى صوفية الإسلام إما بالمسيحية،وإما بالمذاهب الغنوصية.
وبالنسبة للإنتاج الفكري والأدبي في موضوع الحب يذكر الباحث أنه ينقسم بوجه عام إلى نوعين اثنين:نوع اعتبر مؤلفوه الحبّ ظاهرة إنسانية محضة،و لا تتجاوز حدود الأحوال البشرية المشهودة من أهله من الحيرة،والمعاناة عند مشاهدة حسن المخلوق،وتعلق القلب بالمعشوق،والألم عند هجره أو فراقه،والشوق إليه إذا غاب،وغالباً ما ينجم عنه فقدان التوازن النفسي،وقد حوت الكتب التراثية،والرسائل الكثير من الحكايات الغريبة،والطريفة عن المحبين،والعاشقين،مثل أخبار بني عذرة،ومجنون بني عامر،وقيس بن ذريح وغيرهم.
وهذا النوع من الحب يمكن تسميته كلاسيكياً ب:«الحب الرومانسي»أو«العذري»،فهو تعلق عاطفي بين أشخاص من جنسين متقابلين،وكثيراً ما يقترن بالآلام،والأحزان،وقد يكون في بعض الحالات حباً متصنعاً،ومفتعلاً ليس له أي هدف سوى إرضاء الحاجة الأدبية، أو الشعرية.
أما النوع الثاني فقد ذكره الكثير من الكتّاب،والمؤلفين ورأوا أن محبة جمال المخلوق مرحلة أولية في سلوك العاشق يجب أن يرتقي منها إلى محبة خالق الجمال،وهذا هو المنطلق،والأصل الذي قامت عليه الفلسفة المثالية الأفلاطونية،إذ جعلت من الحب محوراً أنطولوجياً أساسياً،ومذهبياً فيها،وتحت هذا التوجه تندرج أغلب الكتابات الفلسفية والصوفية في الإسلام التي اهتمت بشكل خاص بوصف مقامات العارفين في الحب،كبعض كتابات«الفارابي»،و«ابن سينا»التي تجلت في نظريتهما في«السعادة والاتصال»،وكتابات«ابن طفيل»،و«أبي طالب المكي»،و«أبي القاسم القشيري»،و«وابن عربي»،و«ابن الفارض».
كما تعرض الباحث لأهم المؤلفات التي رصدت هذا الموضوع،وتطرق إلى أقسام المحبين،والحب الأفلاطوني،حيث قام بعض المهتمين بدراسة الحبّ في الفكر الإسلامي بتقسيم المحبين إلى أقسام مثل«أبو زيد القيرواني»الذي قسم المحبين،أو السالكين في الحب إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول:قسم من يصل إلى المحبّة من طريق الحس،والخيال،ولم يجاوزهما.
والقسم الثاني:قسم من يصل إليها من طريق الحس،والعقل جميعاً.
والثالث:قسم من يصل إليها من طريق العقل خاصة متجاوزاً لما قبله.
وفي ختام هذا الفصل ذكر الباحث أن الحب الذي عاناه المحبون،واشتهر به العذريون،وعبر عنه الأدباء والفنانون ليس هو عند الكثيرين مجرد ظاهرة إنسانية محصورة،ومعزولة،وإلى جانب ذلك فهو ظاهرة كونية،وميتافيزيقية تسري في الكون،والوجود كما يتخلل الدم في القلب والعروق.
الجانب الديني والروحي:
في الفصل الثاني من الكتاب ألقى المؤلف الضوء على الجانب الديني والروحي،حيث تعرض للحب في القرآن الكريم،والسنة النبوية المطهرة،وذكر أن القرآن الكريم يصور الحب بمدلوله الحسي لغرض العضة،والعبرة،ويصوره بمدلوله الروحي ليكون ثمرة كل عمل ديني،والغاية من كل فعل أخلاقي،وقدم المؤلف عدة أمثلة تبرز هذه الجوانب،فالإسلام أكد على أن حب الله هو غاية كل حب،وما ينضوي تحت لوائه من إرادات،وأعمال،وتوجهات أساس الدين،وأساس المعرفة بالله،وهذا ما أشار إليه حجة الإسلام أبو حامد الغزالي بقوله:«اعلم أن الأمة مجمعة على أن الحب لله تعالى ولرسوله-صلى الله عليه وسلم-فرض،وكيف يفرض ما لا وجود له؟،وكيف يفسّر الحب بالطاعة،والطاعة تبع الحب وثمرته؟فلابد وأن يتقدم الحب،ثم بعد ذلك يطيع( العبد)من أحبّ».
وعلى اعتبار أن حب الله ورسوله أساس الدين،وأصل التوحيد،والإيمان في الإسلام،فمن الطبيعي أن يسعى علماء الإسلام على اختلاف اتجاهاتهم الفكرية إلى تحقيق معنى الحب،والمحبة الإلهية بطرائق شتى،وكيفيات مختلفة،فقد رأى جمهور المتكلمين أن المحبة نوع من الإرادة،والإرادة لا تعلّق لها إلا بالجائزات،وبناءً على هذا يستحيل تعلّق المحبة بذات الله،وصفاته لأنها ليست من الجائزات،فالقول:نحب الله يقصد به محبة طاعته،وامتثال أوامره،واجتناب نواهيه،ومحبة خدمته،وثوابه،وإحسانه،والتوافق مع مراده،وقد ذهب الصوفية إلى القول:العبد قد يحب الله تعالى لذاته،وأمّا حبّ خدمته،أو ثوابه فدرجة نازلة.
وقد اشتهرت الكثير من الأقوال في الحبّ،والمحبة،والشوق،من بينها قولهم:
-المحبّة سرور القلب بمطالعة جمال المحبوب.
-المحبّة محو المحبّ لصفاته،وإثبات المحبوب بذاته.
-المحبّة أن تمحو من القلب ما سوى المحبوب.
-المحبّة أن تهب كليّتك لمحبوبك،فلا يبقى لك منك شيء.
كما استفاضوا في حديثهم عن الشوق الذي هو علامة من علامات المحبة،وقام بعضهم بالمقارنة بينهما،فحينما سُئل الشيخ ابن عبّاد،«فقيل له:الشوق أعلى أم المحبّة؟فقال:المحبّة،لأن الشوق منها يتولّد».
وقالوا:«الشوق هو احتراق الأحشاء،وتلهّب القلوب،وتقطّع الأكباد».
وقد عبر لسان الدين ابن الخطيب عن وجهة المتصوفة في المحبة،وشعورهم بها فقال:«المحبّة رقة،ثم فكرة مسترقة،ثم ذوق يطير به شوق،ثم وجل لا يبقى معه طوق،ثم لا تحت و لا فوق».
وقد قسم الصوفية الحبّ إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: يظهر في محبّة العوام،وهي الحبً للإحسان،وهو حبّ يتغير.
القسم الثاني:ويتجلى في محبة الخواص الذين يحبون الله إجلالاً،وإعظاماً،وهو حب لا يتغير لبقاء الجمال والجلال.
القسم الثالث:وهو ناشئ من الجذبة الإلهية،وأهل هذه المحبة هم المستعدون لكمال المعرفة،وتقوم حقيقتها في أن يفنى المحبّ في المحبوب.
ويشير المؤلف إلى أن ما يتضح أن كل الأقوال التي ذكرها الصوفية،وشيوخهم في المحبّة،وعلاماتها،ومقاماتها، وأحوالها ترجع إلى معان متقاربة في الحبّ،ولا تعبر عن حقيقته،إذ هي إما ثمرة من ثمراته،أو لازم من لوازمه،أو سبب من أسبابه،أو شرط من شروطه وفي جميع الأحوال فهي لا تعبّر عن حدّه، وماهيته،فهي كما يبدو عند المتصوفة لا جنس لها، ولا فصل، ويتعذّر التعبير عنها،وكما ذكر الشيخ سمنون بن عمر حين طلب منه التعبير عن المحبّة فقال: «لا يُعبّرُ عن شيء غلاّ بما هو أرق منه،ولاشيء أرقُّ من المحبة،فبم يُعَبَّرُ عنها».
الجانب العلمي والسيكولوجي:
خصص المؤلف الفصل الثالث من الكتاب للحديث عن الجانب العلمي والسيكولوجي،وأوضح الرؤية التي ذهب إليها السيكولوجيون الذين رأوا أن الحب ينشأ منذ الميلاد،وهذا يعني أن الحب ليس وليد مرحلة من مراحل عمر الإنسان،بل هو لصيق به منذ خروجه إلى هذا العالم،ولأنه انفعال من الانفعالات يصبح عاطفة تنمو كما تنمو كثير من الجوانب الأخرى للشخصية.
وتطرق الباحث إلى الرؤى،والأفكار المقدمة من قبل مدرسة التحليل النفسي التي ترى أن الإنسان يكتشف طوال حياته أنماطاً وجدانية،ومعرفية في لا شعوره،و بينت أنه ما من حب خالص،ولا كره خالص في الواقع،وفسرت ذلك بأن الصراع النفسي شامل يقوم حتى في قلب العاطفة الواحدة نفسها،والعاطفة أياً كانت سامية أم وضيعة تحمل في داخلها بفضل الصراع الداخلي اللاشعوري بذور العاطفة التي تكون مناقضة لها،حيث إن الحب كثيراً ما يكون مرفوقاً بشيء من الكراهية،والتقدير،وقد يكون ممتزجاً بشيء من الاحتقار، كما ترى مدرسة التحليل النفسي أن بعض العواطف،والأهواء يمكن أن تتحول إلى مقابلاتها،وتحمل في طياتها معالم أضدادها،حيث يصبح الحب حقداً،وينقلب المذنبون إلى متقين وصالحين،ويتحول الحب الأرضي إلى حبّ سماوي،والحب البشري إلى حب إلهي،ويذكر المؤلف مثال رابعة العدوية التي كانت تعزف المعازف،ثم تحولت إلى حياة الزهد والعبادة،والقديس شاول بولس الذي اضطهد المسيحيين،وحاربهم بعنف،ثم آمن،وأصبح مبشراً ورسولاً ممتازاً،وقد نبع إيمانه نتيجة لعنف إنكاره للمسيحية،واضطهاده للمسيحيين.
الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة
عضو هيئة التدريس في قسم اللغة العربية جامعة عنابة
العنوان:
الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة
MOUHAMED SAIF ALISLAM BOUFALAKA
ص ب:76 A ( وادي القبة) -عنابةالجزائر
Èالمحمول: 775858028 (213) 00
أو 559884600 (213)00
الناسوخ (الفاكس) : 35155438 (213)00
البريد الإلكتروني : [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.