أحمد إبراهيم مرعوه رحلت أبي فكيف أودعك : وأنا سأبكيك زمنا طويلا لأنني لن أجد غيرك أبا بديلا. رأيت دربك فاخترتُ الدليلا. وهذه سنة الله لم تجد لها تحويلا. تُري أنبكيك ونكثر العويلا! أم نرضي بقضاء وننتظر الرحيلا. *** آه قد كانت الدنيا أماني تعبت فيها ولم نكن نراك تعاني! رحلت وكأنك تقول ها أنا راحل إلي الركن الركين : بعدما مزقتني الأمراضُ بالسكينْ،والتي كنتُ لها مُستكينْا،لأني كنت أعيش في الحياةِ مِسكينا،وما كنت ألوذُ بالفرارِ،وسط الفارين الهاربين،برغم الآهات الشريدة،والألأم الطريدة،لأني كنتُ أعرف .. أن المكانَ قريب قريب،هنالكَ عند الشاطئِ الأخر .. عند رب العالمين؟ رحلت وكأنك تقول زوجي الحنون : ما كان الهجر بيدي،وما كان الفراق من طبيعتي،وما كان فراغ القلوب من هواياتي،سامحيني عندما يرق قلبك عندما تحنو إليك العاطفة! رحلت والأم مازالت تعاني سكرات الموت وسط الحرمان : فمن يأتيها بالذي كانت تُشتدُ به العيدانُ،وتستقوي به السيقانُ،التي كانت تبحث عن متصعلكٍ يُحاول أن يتسلقَ الجدرانَ! رحلت وكأنك تقول ولدي لست صغيرا كما تظن : كن رجلا كما أردتك وكفي فالفهم فيك طبع أصيل! رحلت وها نحن نقول رحل الذي لن يعود : قد كنا نتفقده وكأننا سنفقده هذا الذي كان يحفرُ قبرَهُ بيدهِ كنا نراهُ وكأنهُ الطيرَ ينظرُ عُشهُ ويراه قبل أن يَحفرَ قبره بسكين وكأنهُ .. المسكينٌ الذي أراد أن يستكين،ويحط عن كاهله قدرا كبيرا من الطين،الذي كنا نحسبه مُبللاً بالماء العليل،ومزيجا من دموع المساكين (فإذا به نوعُ من دماء الأكباد المجففة) والمخلوطة ببقايا ترابِ من قلوبِ مُحْرَقة بعدما مرت ما من بين (السندال والمطرقة) لترضي النفوس المُغْرقة في دماء مُحرِقة! هانت عليه الدنيا ولم ينتظر الغنائم بل تركها لكل إنسانٍ هائمِ : ما بين الواضح والغائم والغريق والعائم،وسط مزاحمة المقبلين علي كل شيء زائل!