قصتننا قد تحمل فى ظاهرها خيال لكنها واقعية فهى تحاكى كون فى غرابته أغرب من الخيال . هذه القصة تحتاج منا إلي الإبحار في الخيال مع تلك الكلمات كي تصل بنا إلي الإستمتاع بالمعنى و الجمال أبطال القصة 1- غابة صغيرة أسمها ( غويبة) متطرفة على حدود المدينة تكسو أرضها الحشائش الخضراء . 2- بعض الشجيرات التى تحمل أوراق غنية بكثافتها و ألوان خضارها الذي يشبه الزمرد بجماله الساحر . 3- عدد من الصخرات و كانت الصخرات عباره عن قطع الفيروز المطعم بالعقيق . 4- بعض الزهرات أما عن الزهرات فكانت تتلألأ عليها قطرات الندى و يشع منها الروائح الزكية و تكسوها الألوان الفاتنة . 5- جدول الماء وكان جدول الماء صافى اللون طيب الرائحة تعكس تموجاته أشعة الشمس اللامعة التى تشبه أسلاك الذهب . 6- ريح . و كان يطلق على ريح الرعى الكبير كان زائر خفيف و لطيف و مقل في زيارته للغابة . 7- و مخلوق يدعى إنسان و كان إنسان زائر يأتى كل يوم يحمل في يده عود . هذه الغابة يكسوها جمال الطبيعة حيث الحشائش التى تشبه البساط الأخضر و تزيدها الزهرات بهاء و عطور تطوق أرجاء الغويبة كما تزينها الشجيرات علو و شموخ و أما الصخرات حيث كانت تتكون من ألوان متداخلة و منسجمه فكانت تمنحها عبق الأصالة . في أحد الأيام وقت العصر أتى لغويبة إنسان و كان يحمل كعادته فى يده عوده و جلس تحت نفس الشجرة التى إعتاد عليها و أمسك بعوده و ظل يعزف ألحان تحمل نبرات حزينة دون أن يغنى أو حتي يهمهم بأي كلمات لكن كل ما يفعله هو أنه يعزف و تنهال من عيناه أنهارمن الدموع و تنظر له الشجرات و الزهرات و الصخرات و يتسألون لما يبكي إنسان ما الذى يحزنه لهذه الدرجة و لماذا لم نراه يتحدث أبداً و لماذا لا ينظر حوله حتي يرى جمال الزهور و جمال جداول الماء التى قطرات ماؤها تشبه حبات اللؤلؤ الفاتنة ولماذا لا يلتفت لأصوات أورق الشجر التى تداعبها نسمات الهواء . فقالات إحدى الشجيرات لابد أن إنسان لا يسمع و لايرى و لا يتكلم ... و استمر أنسان علي هذا الحال أيام متواصلة يفعل في كل يوم ما فعله في يومه الماضى حتي أتي يوم وحدث شئ غريب إذ أن فجأة أتي زوار للغابة و كان هؤلاء الزوار عباره عن سرب كبير من الطيور فكانت هذه الطيور من حيث الشكل تشبه العصافير فى رقتها و من حيث السلوك تشبه النسور فى وحشيتها . فهجمت الطيور علي الشجيرات و أحتدم الأمر و أشد فكانت الطيور لا تأكل من ورق الشجيرات حتى تشبع فقط بل كانت تقرطم الأوراق بدون داعي فقررت الشجيرات الإنتقام من هذه الطيور . ثم تذهب للصخيرات فتقضى عليها حاجتها فتملؤها بالقاذورات و تدنسها فأقسمت الصخرات أن لا تدع الطيور تفعل ما تفعله مرة أخرى . فتتركها و تذهب إلي جدول الماء و تشرب حتي ترتوي ولا تفعل هذا فحسب بل تنزل ساقيها الطويلتين التي تننتهى بأصابع أشبه بالخطاطيف حيث تحرك الطمي فى قاع جدول الماء الصافى فيتعكر الماء و يتكدر جماله ويغبر صفوه فأغتاظ جدول الماء و قرر ايقاف الطيور المتوحشة عن أفعالها هذه حتى الزهرات الضعيفة لم تتركها الطيور المتوحشة و شئنها بل كانت تقطع أوراقها و تهشمها . ثم تذهب الطيو المتوحشة لإنسان الذي يأتى يومياً لهذه الغويبة الجميلة حاملاً العود كي يعزف لحنه المنشود دون أن يهمهم أو يلفظ بأى كلمة فقط ما يفعله انه يأتى يومياً ليجلس تحت إحدى الشجيرات سانداً ظهره على ساقها مريحاً رأسه على إحدى فروعها مستظلاً بأوراقها مستنشقاً عبير زهورها حتى يبدأ الإمساك بعوده و تعزف أصابعه علي أوتاره فتحرج ألحاناً تحمل نبرات حزينة غير معروف أسبابها فلم تتركه هو الأخر فأتت الطيور المتوحشة الصغيرة بمنقارها الطويل تنقر فى رأسه و تقطع شعره تاركتاً إياها دون محاولة منه أن يصدها تاركاً لها المكان ذاهباً إلي مرجعه ثم يأتى اليوم الجديد يذهب إنسان إلي نفس المكان فى الغابة الصغيرة ليجلس تحت نفس الشجرة و لكن حدث شئ غريب بل كان بالنسبة له مريب حيث أثناء وقوفه بباب الغابة سمع أصوات عالية و كلمات غير مفهومة كادت تكون عبارات ملصومة ف امتلئ إنسان بالريبة و الخوف بل الرعب و قرر الرجوع و عدم دخول الغابة أو حتى محاولة إستكشاف مايحدث بداخلها . فأثناء محاولته الإلتفاف و الرجوع للخلف تكبلت قدماه و سقط علي الارض و كاد يغشى عليه فظل ساقطاً مكانه حتى أفاق بعد لحظات و بعد استيقاظه بدا فى حالة هدوء شديدة مما جعله فى حالة تركيز جيده و مقدرة علي سماع الأصوات و فهم الكلمات المتطايرة في الجو . و أدرك إنسان أن هناك إجتماع بين الشجيرات و الصخرات و الزهرات و جدول الماء الصافى . فقام إنسان وتقدم نحو باب الغويبة و ظل ينظر لهم من بعيد و يسمع كلامهم فإذا ا به يرى كبيرهم أو راعي الغويبة و هو ما يطلقون عليه الراعي الكبير ريح .و حين قصوا عليه شكواهم من تلك الطيور عقد معهم إتفاق لكيفية الخلاص من هؤلاء الطيور المتوحشة و عقد الإتفاق كالآتي. قال لهم الراعي الكبير ريح اتركوا الطيور المتوحشة تدخل الغويبة و بعد إن تدخل الطيور المتوحشة دعوها تقف علي الشجيرات و سأقوم أنا بعاصفة قوية حتى يهتز ورق الشجيرة بعنف فيلطم و يضرب هذه الطيور فتتساقط حتي تقع علي الصخيرات فألقى بها بعيداً حتى أدفعها بسرعة فيصيبها الشوك من الزهرات و بقوة تجرف داخل جدول الماء الصافى فيحرك ريح الماء حتى تقوم به أمواج فترفع هذه الطيور إلى أعلي و تهبطها إلى أسفل و يحدث ما يشبه المد والجزر ثم بقوة تحدف هذه الطيور خارج الغويبة حتى تذهبت بعيداً ومن وقتها أخذت الطيور المتوحشة درساً قاسياً و لم تفعل ما كانت تفعله من شر أبداْ فنظر إنسان فى تعجب و شعر بضعفة أمام الغويبة و سكانها و سأل نفسه . لماذا أنا هكذا لماذا أنا مجرد لماذا أنا سلبي لماذا لم أفكر في التصدى مثل الغويبة و الشجرات و الزهرات و جدول الماء . حتى الزهرات الضعيفة دافعت عن نفسها أما أنا فلن أقبل أن أكون إنسان مجرد . و قرر أن يغير من نفسة و بدأ يتكلم و يشارك معهم و بدأ يعزف ألحان تبعث الأمل و التفاؤل