د.هند خيري شهدت مصر خلال العاميين الماضيين أحداثا متتالية سواء كانت اقتصادية ( المؤتمر الاقتصادي ، افتتاح قناة السويس الجديدة ..)، أو سياسية أبرزها ثورة 30 يونيو 2013 وما حملته من مزايا عديدة لعل أهمها خروج التيار الاسلامي متمثلا فى جماعة الاخوان المسلمين الارهابية من الحكم بل ومن الساحة السياسية فى مصر بوجه عام، ثم جاءت مطالب الثورة بأهمية تولي رئيس جديد البلاد من خلال انتخابات رئاسية نزيهة وتعديل الدستور حينذاك نظرا لأنه لم يحظ بتوافق مقبول. وتولي رئيس المحكمة الدستورية العليا رئاسة البلاد لحين الانتهاء من الاعداد للانتخابات الدستورية وصدر دستور جديد للبلاد فى يناير 2014 ، ثم وافق غالبية الشعب على تولي وزير الدفاع رئاسة البلاد المشير عبد الفتاح السياسي الذى تولي بالفعل فى 8 يونيو 2014، وبالتالي تم الانتهاء من خطوات خارطة المستقبل لمصر الجديدة ولكن نقصها آخر خطوة الخاصة بالانتخابات البرلمانية. تم الانتهاء من الانتخابات البرلمانية بمرحلتيها الأولي والثانية وذلك خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2015 ، وشارك نحو44 حزبا فى الانتخابات من أصل ما يزيد عن 105 حزب ولم يحصل منهم على مقاعد سوي 20 حزبا فقط (238 مقعد)، ونحو 7 قوائم على مستوي الجمهورية وفوز قائمة " فى حب مصر " بالمقاعد المخصصة للقوائم الحزبية ، ونحو 4002 مستقليين وفوزهم ب (317 مقعد) ويتبقي تعيين 28 نائب من قبل السيد رئيس الجمهورية الدعوة لتحالف دعم مصر مع انتهاء إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية، أعلنت قائمة " فى حب مصر" إلى ما يسمي بتحالف أو ائتلاف دعم الدولة المصرية، وقد تم تغيير الاسم إلى تحالف دعم مصر وذلك بعد أن واجه الاسم اعتراض من قبل عدد من الأوساط السياسية معلنيين رفضهم للاسم بنظرية هل من لم ينضم للائتلاف ضد دعم الدولة المصرية والوقوف ضدها، وهذا التحالف يهدف إلى دعم الدولة ( الرئاسة) لاستقرار البلاد وذلك من خلال ضم توقيعات نواب المجلس، ولكن سرعان ما ظهر انشقاقات بين بعض القوى السياسية والأحزاب من جهة وتحالف دعم مصر: ففريق يؤيد هذا التحالف على اعتبار أن هذا التحالف سيؤدي إلى مزيد من الاستقرار داخل البرلمان ويصب فى مصلحة الوطن والمواطن المصري. بينما يرفض الفريق الآخر هذا التحالف معللا ذلك بأنه سيعود بالحياة السياسية إلى زمن الحزب الوطني وسيكون نسخة من برلمان 2010، إضافة إلى اعتقاد بعضهم بأن هذا التحالف سيدار من خلال قيادات الأجهزة الأمنية نظرا لتولي رئاسة القائمة وكيل مخابرات عامة سابق، فضلا عن أن التحالف سيسعي إلى تحقيق مصالح شخصية وخاصة وليست عامة. الانضمام والانسحاب شهدت الساحة السياسية بعد اعلان التحالف المشار إليه حالة من الارتباك وذلك نتيجة انضمام أحزاب وانسحاب البعض الآخر بعد الانضمام نتيجة الاعتراض على أسلوب الإدارة واتصال التحالف بالنواب دون اللجوء للحزب مباشرة وذلك بعد مشاورات ، والرفض التام للتحالف من قبل حزبى الوفد والمصريين الأحرار ، ولكن مؤخرا ظهر عودة عدد من الأحزاب المنسحبة من التحالف من جديد، الأمر الذى يتوقع نجاح وتماسك التحالف خاصة بعد عودة حزب مستقبل وطن. الخروج من المأزق اقترح غالبية رافضي ائتلاف دعم مصر إلى اقتصار التحالف على فكرة التنسيق السياسي من دون الحديث عن الغاء أحزاب أو انشاء كيان آخر جديد، إضافة إلى تعديل بنود فى اللائحة الداخلية للائتلاف، وهو ما حدث بالفعل حيث سعي قيادات التحالف إلى مساعي جادة لعودة الأحزاب المنسحبة مستجيبة بذلك إلى طلبات التعديل، و أن يكون التواصل بنواب الاحزاب عن طريق هيئتهم البرلمانية وليست توجيه الناخب بشكل منفرد، إضافة إلى قيام التحالف بتغير مبدأ القيادة المنفردة وتهميش دور الأحزاب، إلى أن يكون التمثيل النسبي للأحزاب على حسب عدد نوابها، ويكون التمثيل نسبيا في التنسيق الداخلي لإدارة الائتلاف، وإزالة مادة التبرعات من اللائحة حتى لا تسيطر رغبات الممولين على قرارات التحالف، كما تم تغيير الموالاة المطلقة إلى أن يكون الائتلاف صوت للمعارضة في حال وجود ما يعارض مصلحة الدولة. الرؤية المستقبلية يواجه مجلس النواب الجديد العديد من التحديات، تتمثل فى عدم وجود آلية للائحة منظمة لعمل البرلمان، ، فعلى الرغم من اعتقاد البعض بنجاح التحالف فى لم شمل الأحزاب ، إلا أنه يعتقد بأن أغلب التحالفات البرلمانية ستفشل فى جمع الأحزاب داخل المجلس، وذلك لأن كل حزب لديه أجندته الخاصة وبرنامجه، ويطمح فى الفوز بعدد من اللجان البرلمانية ، إضافة لسعي الأحزاب السياسية لزعامة التحالفات البرلمانية، بما سيعرقل تشكيل أى ائتلاف برلمانى خلال الفترة المقبلة ، وبالتالي سيكون هناك خطورة حالة عدم وجود تحالف وطني قوي يضم أغلبية في البرلمان الجديد، خاصة فى ظل وجود عدد من القوانين تستوجب للموافقة عليها الحصول على تأييد ثلثي أعضاء المجلس، مما يهدد بأزمة دستورية قد تؤدي في نهايتها إلى حل مجلس النواب. لعل أهم هذه القوانين قانون انتخابات الرئاسة حيث يجب أن يوافق ثلثي أعضاء مجلس النواب على القانون، وإلا تعتبر الإنتخابات الرئاسية التي أسفرت عن فوز السيسي باطلة، فقانون إنتخابات الرئاسة الذى أصدره الرئيس الأسبق عدلي منصور قد صدر في ظل عدم وجود البرلمان، وبالتالي فإنه في حالة عدم موافقة البرلمان على القانون بعد 15 يوماً من عرضه عليه يصبح باطلاً وتزول آثاره التي تتمثل في إنتخابات الرئاسة،وفي هذه الحالة سيقوم الرئيس بحل البرلمان مستخدماً في ذلك صلاحياته التي منحها له الدستور ، مع الأخذ فى الاعتبار عدم جواز حل رئيس الجمهورية مجلس النواب إلا عند الضرورة وبعد استفتاء الشعب . وفى النهاية يمكن القول بأنه تم اكتمال خارطة مستقبل مصر الجديدة ختاما بالانتخابات البرلمانية آخر خطواتها مع التمني بنجاح التحالف بتكوين الأغلبية داخل البرلمان تجنبا لحله لعدم التوصل لاتفاق تجاه بعض القوانين التى تتطلب لموافقة أغلبية النواب مثل قانون انتخابات الرئاسة.