بعد إعلان لجنة الإنتخابات أن نسبة المشاركة كانت 20 % ، فرضت علي الساحة بعض التساؤلات : لماذا عزف الكثير من المواطنون عن المشاركة بالإنتخابات البرلمانية الحالية عكس ما كان متوقع ؟ ولماذا خرج علينا المسئولين والإعلامين والمشاهير يسبون ويأنبون ويلومون علي من لم يشارك ؟ وهل فعلا كان الشباب " فالبلايستيشن " كما قيل ؟ ولماذا إتهم من لم يشارك بالخيانة ؟ هل حقا نضبت شعبية وحب الرئيس السيسي وسياسته الحالية في القلوب كما أشاع البعض ؟ لنتوقف عن تلك الأسئلة الكثيرة والمزعجة للكثير ، لنبحث عن الإجاباات العقلانية دون سب وقذف فهذا إسلوب غير حضاري ومرفوض ، فالشعب المصري من المفترض أنه حر في إختياراته ومن حقه أن يختار فلانا أو لا يختار علانا . بسؤال الكثير ممن عزفوا عن المشاركة ، كانت إجاباتهم كالآتي . إن لم أري من لا يمثلني ، أو أن من سيمثلني فرصة نجاحه ضئيلة فإن إختياري الخاطئ سيحمل هذا البلد عبئا فوق أعبائها ، فيوجد الكثير من المرشحين ممن يسعون إلي الحصانة والنفوذ ، وإن إخترن عشوائيا وتأدية واجب فسنصنع بأيدينا منظومة فاسدة جديدة ، سنصنع مجلس رخو . كانت الإجابات محبطة ! فالسياسة كما نعلم أعزائي رابح وخاسر ، فإن كنت نجما ساطعا بالأمس فليس بالأحري أن تكن نجما ساطعا اليوم أو غدا ، ولكن الأصعب من الوصول إلي القمة هو المحافظة علي البقاء فوقها ) فوق القمة ( ، والمحافظة ليست أقوال ولكنها حقا الأفعال . أنا لا أقول أن السيسي فشل ولا إشير إلي ذلك من بعيد أو قريب ، بالعكس السيسي ناجح حتي الآن فقد قدم لمصر مشاريعا ضخمة وفي فترة زمنية مختصرة جدا ، لم يقدمها من سبقه أو من سبق الذي سبقه . ولكن إذا نظرنا بعين الحق والإنصاف ووقفنا علي الحياد وأمعنا النظر إلي الشباب وإلي قاع المجتمع المصري ، من الطبقات المهمشة من القدم وللأسف مازالت تعاني ذلك التهميش ، وإذا سألنا ما المكاسب التي عادت علي تلك الطبقات التي أنتمي لها ؟؟ وإذا عرف السبب بطل العجب ! فالإجابة إنه لم يتغير شئ ، لم تتحسن مستويات معيشتهم ، بل إزدادت فقرا وسوئا ، إرتفعت أسعار كل شئ من حولنا ، إرتفعت فواتير الكهرباء والمياه والغاز الطبيعي ، إرتفعت معدلات البطالة ، همش الشباب وتم إقصائه سياسيا ومن كافة مفاصل الدولة . وصل سن الزواج بين الشباب في هذه الطبقات فوق الثلاثين عاما ، وحسب معرفتي بطبقتي الإجتماعية ، فقد إجتاز الشباب الثلاثون عاما بمراحل ولا يملك حتي شقه " أوضة وصالة " بالإيجار ! وهم يتهمونهم " بلعب البلايستيشن . " إذا مواطن يحدث له كل هذا ، رغم كل تلك المشاريع الضخمة ، ) من وجهة نظره ( لماذا يشارك في إنتخابات هو يعلم أن معظم المرشحين ليسوا كفء ليمثلونه بالمجلس الموقر ؟ وغير قادرين علي نقل معاناته وآلامه ، معللا ذلك بأن من تتاح لهم فرصة النجاح هم من يمتلكون الأموال والنفوذ والشهرة ، ولكن من يرون أنهم فعلا يستطيعون تمثيلهم بالبرلمان فهؤلاء مستقلين وهم دائما يقذفون من السباق في بداية أول جولة ، فيبدأ بالعزوف عنها .. لنقل لهم أن تلك المشاريع من أجل أبنائكم والأجيال القادمة ، سيجاوبونك " إحييني النهاردة وموتني بكرة " ، ومنهم من سيقول لك : بهذا الوضع لن أنجب ذلك الجيل الذي ترهقون أنفسكم من أجله ! فقد مرت علينا ثورتين ومازالت تلك الطبقات تعاني وتصرخ ولا أحد يكترث سوي " ريهام سعيد " ولا أدري هل تتاجر بهم أم تريد نقل معاناتهم بصدق . هؤلاء يصبح لهم قيمة فقط في وقت الإنتخابات ، يصبح صوتهم غالي جدا أحيانا يصل إلي " مائة جنيه " ، ودائما يصبح صوتهم أمانة وسيحاسبون عليه ! لا تتعجب عزيزي القارئ ؟ فصوتهم أمانة ، ولكن تلك الحكومات التي " لا تشم " لماذا لا تعتبر تلك الطبقات أمانة في أعناقهم ، ألا يعلم " أولي الأمر " أنهم سيحاسبون علينا وعلي تهميشنا كما سنحاسب علي " صوتنا الإنتخابي " كما يرددون ؟ هل كانت هذه الإجابة كافية ؟