فيّ سعد الغامدي تتسلّل الترانيم والأنغام الشجية لتسرق تفكيري تارة، وتارةً أخرى تتوهُ عينيّ وسط السطور، فأتفاجأ بأن عقلي أصبح أسيرًا لكتابٍ فاتن. هذه من أبسط اللحظات التي تثير سعادتي. السعادة عبارة عن مزيج من البهجة والاستمتاع، نحن لسنا بحاجة للكثير لنصبح ناسًا سعداء. كل ما في الأمر أن يغلب الإنسان ظروفه وينقّب عن بئر السعادة المقبور بأعماقه. الحياة فوّارة بكل ما هو مُسعِد ومُبهِج، مليئة بالخيرات واليُمن والمسرّات. قال إيليا أبو الماضي: ليس أشقى مّمن يرى العيش مرا *** ويظنّ اللذات فيه فضولا أحكم الناس في الحياة أناس *** علّلوها فأحسنوا التعليلا فتمتّع بالصبح ما دمت فيه *** لا تخف أن يزول حتى يزولا وإذا ما أظلّ رأسك همّ *** قصّر البحث فيه كيلا يطولا ثمّ أكمل قائلًا: قل لقوم يستنزفون المآقي *** هل شفيتم مع البكاء غليلا؟ ما أتينا إلى الحياة لنشقى *** فأريحوا أهل العقول، العقولا كلّ من يجمع الهموم عليه *** أخذته الهموم أخذا وبيلا على كلّ شخص منا أن يخرج نفسه من الأوهام والهموم التي تشكّل سحابة سوداء تحجب إبصاره عن سعادته والجمال المحيط به، ربما تكمن سعادتنا بداخل كتاب، شخص، ابتسامة، نغمة، مهنة، لا تتعجب، فالسعادة فعلًا بسيطة إلى هذا الحدّ! ولكن نحن بحاجة لأن ننظر بنقاء للرغد والترف الذي وهبه الله الودود لنا. وقد أشار الله لنا بأسباب السعادة بل وأمرنا بها هو ورسوله صلى الله عليه وسلم وهي: التطوّع والحب والإحسان وتجنّب الغضب، أيضًا الرضا وتنقية القلب من الشوائب كالحسد والحقد، تقبل النقد، وغيرها الكثير. وإن جمعت هذه الأسباب سويّا فهنيئًا لك فقد شيّدت صرحًا شامخًا ذا أُسسٍ متينة. والسعادة هيَ مطلب كل إنسان يريد العيش في هذا الوجود. كل ما يحيط بنا هو جسرٌ يعيننا على الوصول لسعادتنا. وحياتنا كالمنزل ذو النوافذ العديدة، فلا تنظر فقط من النافذة المطلة على الحزن والبؤس والتشاؤم، وإنما انظر من جميع النوافذ، فهناك نافذة الفرح والبهجة والسرور. الحياة ليست بذلك السوء الذي يدّعيه معظم الناس. ولا تحكم على حياتك من خلال آراء المتشائمين عن حياتهم. إذا استطعت أن تشرّع قلبك للحياة بتفاؤل وإقبال فسيكون الانشراح والابتهاج حليفك، والنجاح والتقدم أنيسك وخليلك، وكن الشخص الذي تتوهّج منه الطاقة الإيجابية ويشعّ منه التفاؤل، لتساعدك طاقتك على محو همومك، كالصخور التي يلطمها الموج باستمرار فتغدو صخورًا مجوّفة. ربما أنت في حاجة لمعرفة أن الشخص السعيد لا يجب أن يكون مثاليًا، فنحن لم نخلق لنكون مثاليين بقدر ما خلقنا لنكون حقيقيين. بناء على ذلك: أنت شخص سعيد، سعيدٌ ولا تدري. واختصر إيليا أبو الماضي ما في فؤادي وخلدي قائلًا: كن جميًلا ترى الوجود جميلا، ببساطة .. أنت سرّ السعادة، السعادة الحقيقية منبعها من داخلك.. أنت، فإن كانت سعادتك سلسلة متصلة من العوامل الخارجية –فقط- الجالبة للسعادة فستنقطع سعادتك فور انقطاع السلسلة. وأخيرًا: يجب علينا أن نحمد الله على جميع نعمه التي غرقنا في بحارها ونسينا أن نحمده، فنحن نعيش الحياة وكأننا نستحق جميع ما فيها.