نهارٌ آخر ، غير مرجوّ القدوم ، يقتحم علينا يومنا ضيفًا ثقيلًا ، ليس يسعدنا لقاءُه، نهارٌ صاخبُ الأحداث ، لا يخفي وقاحته حين يجتاح سماءنا بشمسه، يحرمنا هدوء الليل ، صفاءه ، نقاءه ، صدقه وامتنانه لثقةٍ كان قد استحقها .... تطل علينا شمسه من مشرق الأرض مدعيةً أنها ستمنحنا بهاء الكون وتكشف لنا أسرار جماله الكامنة وراء الظلام ، لكنها تختلس منا صفحة السماء ، تطبق عليها وتحتوينا وقد تآمرت مع الأرض على إحكام وجودنا تحت القبضة الصماء . تقترب تلك الشمس رويدًا رويدًا من الأرض مداعبةً وجوهنا وقلوبنا بخيوطها الزائفة ، أحاول ان أتجاهل القادم ، لكنها تأبى إلا ان تثيرني بابتسامتها الماكرة ، تخيم على صدري وتحكم القبضةَ أكثر ، فتحجب الهواء لأختنق وأرجو النجاة من الليل لكن !!! لا الليل يسمع استغاثة أهل النهار ولا الشمس ترحم ضعفي ، ترتسم اللحظات الأخيرة في أسطورة العبث الحياتية . واشعر أن الأمل الأخير هو الحقيقة الوحيد التي لا يمكنني إنكارها ، أغازلها لعلها تقترب وتكسو الحياة بحُلةٍ تخالف كل ما تقدم من جفاء : أيتها الحقيقة الوحيدة في هذا الكون !! كل ما سواك كذبٌ وزيفٌ وافتراء ، أقبلي ، لا تدبري ، أقدمي واحتويني وامسحي عني العناء ، ما عدت أعبأ بالحياة لأنك حقيقةً صادقةً لا مكان فيك لفقدان الأمل .... كم أنت رائعة يا منيّتي حين تأتينني مخلصةً من قبضة الشمس الزائفة ، إلى عالم الكمال والخلود لا الفناء .....