كان هذا فى دولة المماليك البحرية بعد عام من سلطنة الملك الناصر حسن «الأولى» الذى جاء للحكم إثر مقتل السلطان الكامل ومن بعده مقتل السلطان المظفر حلجى أطلق علية المصريون (الموت الأصفر) والموت الاسود أو الطاعون اشتهر فى التاريخ باسم الموت الأسود (Black Death ) وقد بدأ فى أواسط آسيا ثم انتقل إلى شبه جزيرة القرم ومنها إلى جنوة عن طريق البواخر ثم انتشر فى أنحاء أوروبا وقيل إنه لما وصل إنجلترا حصد أرواح نصف مواطنيها ويذكر المقريزى انه فى يوم واحد خرجت من الأسكندريه سبعمائة جنازه (700 متوفى ) وأغلقت الاسواق والاشغال وعم الوباء دمنهور و كل البحيره و منطقة البرلس حيث تعطل الصيد فى بحيراتها بسبب موت الصيادين ومات الفلاحين وانضرت الزراعه وماتت المواشى و أغلقت الاسواق فى دمياط ثم أنتقل الوباء الى القاهره وبلغ عدد الموتى فى اليوم الواحد ثلثمائة شخص(300 متوفى فى اليوم الواحد ) و بعدها زاد انتشار الموت الأسود فى القاهرة أرتفع عدد الموتى الى ألف متوفى (1000) فى اليوم الواحد ثم زاد الوباء فأصبح من الصعوبة حصر أعداد الموتى فى اليوم الواحد . ويذكر ابن إياس إنه كان يخرج من القاهرة كل يوم ما يزيد على 20 ألف جنازة وبلغ عدد من ماتوا بين شهرى شعبان وشهر رمضان نحو 900 ألف متوفى وامتلأت الأماكن بالصياح فلا نجد بيتا إلا وفيه صيحة ولا تمر بشارع إلا وترى فيه عدة أموات وفى يوم الجمعة بعد الصلاة على الأموات فى جامع الحاكم صفت التوابيت و النعوش اثنين اثنين من باب مقصورة الخطابة إلى باب الجامع و وقف الإمام على العقبة والناس خارج الجامع وكان يدفن فى الحفرة 30 أو 40 متوفى. ويذكر المقريزى ان فى حارة برجوان كان بها اثنين وأربعين بيت فارغا بسبب موت سكانها و يضيف انه فى يوم واحد مات عشرين الف شخص و يذكر انه بسب كثرة الاموات انعدمت النعوش فأصبح يتم حمل الأموات على أقفاص وألواح خشبية وأمتلئت المقابروتوقفت الافراح والحفلات و الغناء و أمتلئت الشوارع والميادين بالجثث وخليت طباق القلعه من المماليك السلطانيه بسبب موتهم وعندما جاء وقت الحصاد لم يكن هناك عدد كافى من الفلاحين لموسم الحصاد فعكفت الدولة بتوفير بعض الجنود للقيام بعملية الحصاد وأعلنت الدولة انه من يشارك فى الحصاد ف له نصف ما حصد وانعدمت الصنايع و قلت الاسعارو قيمة الفلوس وفى سلطنة الملك الأشرف قنصوه الغورى العام 1505 م تفشى الطاعون وبلغ ضحاياه فى اليوم الواحد 4 آلاف متوفى فأظهر الغورى ميلاً إلى العدل والورع تقرباً لله ليرفع البلاء فأبطل الضرائب ودعا الناس للإقلاع عن المعاصى وفى العام 1513 م فى سلطنة الغورى اجتاح الطاعون مصر ومات بها فى هذه السنة الكثير من الأمراء والكبراء وأصيب الغورى بمرض فى عينيه وتناقل الناس شائعة تقول إنه فقد بصره وكعادته عاد الغورى مع اشتداد الأزمة إلى ورعه ودعوة الناس لهجرالمعاصى وأفرج عن المسجونين ونادى بأنه « لا ظلم اليوم ومن له شكوى فعليه بالأعتاب الشريفة ».