إن أكثر ما تعلمته من التاريخ أن لا أحد يتعلم من التاريخ لم أعتقد يوما أنني سأكتب مثل هذه المقالة بعد الثورة , أو يخط قلمي بعض الكلمات منها , أوأننى أنظر نظرة يأس لمستقبل الثورة , أو أنقد من قاموا ونادوا بها , وقد لا ترضى هذه الكلمات بعض من الشعب ويرفضها بعض السياسيين والمفكرين وأولى الأمر والأبطال ولكن صدمة الواقع تجبرني أن اكتبها فلا وقت للمجاملات إن الذين يملكون أفكاراً غير واقعية، أو اعتقادات عالية جداً خاصة بأنفسهم، أو يصنعون خططاً تتسم بالمبالغة ولا تتناسب مع كفاءتهم ولا يدركون مشاكلهم ويصنعون مشاكل وهميه يحلمون بالطيران... إن الحلم يعوضهم عن نقائص شخصياتهم، وفقر واقعهم، والحصار المضروب حول حريتهم في الحركة والحياة ويظل دائما ليلهم طويل وفجرهم فجرا للكلاب إن أكثر ما يقلقني وأخاف منه , أن تدور بنا الأيام ونقرأ في المستقبل القريب عن ثوره 25 يناير في كتب التاريخ , ويكون العنوان الأهم للفترة التاريخية , هو أسباب فشل الثورة ألمصريه , وتتوالى أسئلة ماده التاريخ للأجيال القادمة بهذه الصيغة اكتب ما تراه عن الأسباب الرئيسية لفشل ثوره 25 يناير وما النتائج التي ترتبت عليها . وبما أنني عاصرت هذه الفترة الفارقة في تاريخ مصر , وكنت من المشاركين في الثورة , فاستأذنكم أن اذهب للمستقبل واشرح و أجاوب لهم على هذا السؤال باختصار, وأتمنى أن تقرءوا ما بين السطور .حتى لا اجرح بقلمي بعض الأسماء مما لاشك فيه إن ثوره 25 يناير كانت حلما طال انتظاره, من الشعب الذي تجرع جميع ويلات الظلم والقهر والاستبداد , وظن العالم انه تعود على ذلك ولن يثور وأن فكره وشبابه مات ولكن تأتى الثورة مفاجئه , للجميع وتتخطى جميع التصورات السياسية للإصلاح , وتزيل من على عاتقها اعتي انظمه الظلم , بطريقه سلميه وحضاريه أبهرت العالم وكانت إلهاما لشعوب أخرى في التحرر من أنظمتها المستبدة , وطالما تكلم عنها السياسيين والمفكرين عن انه يجب دراستها , وتعليمها للأجيال ولكن يا أبنائي دائما تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن فتنقلب الموازين , وتنعكس الآراء ,عن الثورة وينقلب الفرح إلى حزن ,والأمل إلى يأس وتنطفئ بادرة النور , ويرجع يخيم علينا الظلام نعم يا أبنائي لقد فشلت الثورة , و فشل الحلم الذي عشنا عليه وضحينا من اجله بدمائنا وأرواحنا , نعم لقد فقدنا الأمل الأخير لنا الذي قليلا ما يتكرر وفقدنا الإحساس ببناء مستقبل أفضل وعشنا نحن وانتم على واقع مظلم من نتائج أفضل ثوره , نعم لقد قتلت الثورة بين أيدينا وأمام أعيننا ولم نحرك ساكنا لأن من قاموا بها هم من قتلها إن بعد انتصار الشعب المصري في الجولة الأولى من الثورة , بخلع الديكتاتور وإسقاط نظامه المستبد , أحس بقيمته وانه مازال موجود و شبابه حي قادر على العمل وعلى استعادة حضارته , ورجع الشعب يخطط كيف سيبنى مستقبله ويطهر الوطن من بقايا الفساد الذي تعث في كل شبر من أرضه , ويرسى القواعد الأولى لدولته التي يحلم بها ولكن هنا كانت المشكلة الكبرى هو السؤال الذي عشنا لا نردد غيره , و هو كيف بناء الدولة وما الأنظمة التي تحكمها وما شكلها وما دستورها ومن يقوم ببنائها , وكانت إجابته الصدمة الكبرى لنا فقد انقسم الشعب والأحزاب والقوى السياسية على إجابة هذا السؤال , واختلف الجميع وكل فرد في الشعب كانت له إجابة مختلفة , يتمسك بها ويحارب من اجلها وضعفت قوه الوحدة التي كانت تجمعهم , وانتهز بقايا النظام الفاسد الفرصة وعاد يستجمع قوته ليغير من شكله ويقتل من هزمه , وتباعدت الخطى مع مرور الوقت بين الجميع , وتراشقت الاتهامات والخيانات وظل الجهد الأول للشعب المصري هو الكلام والمهاترات والاتهامات , وتناسوا الجميع العمل وضيعوا جهد الشباب , . وتصدر المشهد السياسي أشخاص لا يحسنون إلا النقد والكلام لا يدركوا الموقف الحرج و عواقب أفعالهم وأرائهم, وتناسوا الوطن ونظروا لمصالحهم الشخصية وتدخلوا بغبائهم في سياسة مصر الخارجية , ورجع الشعب يصمت مره ثانيه وكل من هب ودب يتكلم بأسمه ويشعل حروب من اجل نفسه ويدخل الشعب في انقسامات وكانت وزاره الفترة الانتقالية تجمع بين أفرادها عقول لا تدرك مكانتها في اللحظة الفارقة لا ترى بأعينها المشاكل الحقيقية تعتقد أنها بتغير قانون أو ماده أو شخص إنها تنفذ أهداف الثورة الحقيقة , تنسى هموم الشعب ومشاكله وأولوياته الذي يبحث عنها وتضيع جهدها في تغير وجوه بوجوه , وتدخل مع الأحزاب والقوى السياسية في حربهم الغبية , وترك الشعب العمل وصرخ بمطالبه الفئوية , وتعالت الأصوات في كل مكان وتزايد النبح والجدال وتوقفت القافلة لم تتقدم شبرا وكانت فرصه لتدخل الأيادي الخارجية والخفية وأعطى المجلس العسكري كل جهده لتوافق القوى السياسة وامن الوطن وحماية الشرعية , وحصل الاستفتاء الأفضل في تاريخ مصر واتفق اغلبيه الشعب على خارطة الطريق , لأسس بناء الدولة الديمقراطية , ولكن لم تحسم الحرب فقد انقلب الخاسرين على الديمقراطية وارتفع أصواتهم وسفهوا رأى الشعب وكانت المشكلة , أنهم كانوا من نخبتنا ومن اخترناهم لإدارة الفترة الانتقالية ,واضطربت سياسة المجلس مع مرور الزمن وارتفعت أصوات الخاسرون أعلى من صوته فاستمع لبعض منها ولم يستمع لصوت شعبه وانحرف الطريق واشتعلت الحرب التافهة وازداد النبح والصريخ في المجتمع ,واشتعل الصراع بين القوى السياسية من ليبراليه وعلمانيه وإسلاميه وعاد الشعب للميادين بالملايين على مشاكل وهميه, وعاد الإعلام أسوء مما كان يؤجج الفتن ويشوه الصور ولا يتقن إلا الكذب والنفاق وكانت وظيفته الأولى رمى الحجارة لتنبح الكلاب وعشنا جميعا نتخبط في الظلام في كلام واتهامات ومليونيات , وننتظر الفجر الذي طال علينا انتظاره وننتظر الانتخابات التشريعية والدستور والرئيس القادم الذي قد يحسم هذه الحرب ويستقر الوضع ويأتي الفجر ونرى بعقلنا المشاكل الحقيقية وينطلي الظلام ونغير أنفسنا وأخيرا يأتي الفجر ويأتي بالمفاجأة للجميع إن الفجر الذي انتظرناه لم يتغير عن الليل الذي عشنا فيه فكان اشد ظلمة منه وكان فجر يشبه فجر الكلاب فكان أكثر صوت يعلوه هو النبح والعواء الذي تطلقه الكلاب فى ساعة بزوغ الفجر واقتراب النهار فها هي تأتى الانتخابات التشريعية والرئاسية مفاجئه للجميع , وتظهر الأوزان الحقيقية للقوى للسياسية , ويظهر الغث من الثمين وأخيرا يقول الشعب كلمته وما يريده لمستقبله ولكن دائما لا يعجب الحق الجميع وما أشبه اليوم بالبارحة فرجع الخاسرين يرفعون أصواتهم بالنبح والعواء والكذب والالتفاف أكثر مما حدث بعد الاستفتاء وطالبوا الشعب للعودة للميادين والمليونيات وطالبوا الجيش بالانقلاب على السلطة بحجج واهية وتحت أي مسميات وترك المسئولون عن الحكم عملهم وأعطوا كل جهدهم للرد عليهم والدفاع عن أنفسهم وازدادت الحرب شراسة وترك الجميع العمل ورجع الكل يتفلسف ويجادل والشعب يصرخ على مطالب حياته الأساسية وتكالبت علينا الفتن من كل مكان وأصبحت مصر عرضه لتدخلات خارجية وفقدنا إحساسنا بالعزة ورجع البعض منا يقول ياليتها ترجع أيام الحكام السابقة وبعدما أدرك الجميع إن البلد قاربت على الهاوية استسلم البعض للديمقراطية ومضى الرئيس ومجلس الشعب فى الحكم و التفكير لإعادة بناء الدولة وتوفير الاحتياجات الأساسية ولكن للأسف يا أبنائي لم يتغير المشهد فكلما اصدر الرئيس والمجلس قرار أو قانون أو اتفاقيه أو مشروع أو استفتاء على ماده دستوريه أو كلمه أو نظره يرتفع صوت الخاسرين وصوت الأبطال وتنبح الكلاب وتتراشق الاتهامات ويتدخل الجيش بحجه المبادئ فوق الدستورية ويرجع الشعب للمليونيات وظلت القافلة لا تتحرك لا تحسن إلا الكلام والجدال ويعلو صوتها نبح الكلاب وعلى هذا المنوال كانت أيامنا بعد الثورة وانقضت المدة الأولى للرئيس ومجلس الشعب ولم يحدث أي تغير بل زاد الأمر سوءا وظن الشعب أن لا خير في حكم الدولة المدنية والديمقراطية وحن الشعب مره ثانيه لحكم الفراعنة والدولة العسكرية هكذا يا أبنائي نحن لا نتعلم من التاريخ فإن ما حدث في ثوره يوليو حدث أسوء منه فى خمسه وعشرين فان ما أجهض نتائج ثوره 23 يوليو وجعل الشعب لم يتمكن من الحكم بالمدنيه والديمقراطية هو نفس السؤال ونفس الجدال والاتهامات والكلام والغباء بين القوى السياسية و الأحزاب فانجرف الشعب للاستقرار والحكم العسكري لعبد الناصر على الانتخابات والأحزاب التي لا تحسن إلا النبح والجدال هكذا دائما يا أبنائي مشكلتنا نبح الكلاب وإذا أراد الله بقوم سوءاً أعطاهم الجدل ومنعهم العمل فان من يعوى لا يعمل ولا ينتج فقد ضاع جهده في العواء , وهنا انتهي بالأجابه التي لا أتمنى أن اكتبها يوما من الأيام وأرجع معكم و بقلمي من المستقبل إلى الواقع الذي أجبرني على تصور هذا السؤال الأسود وتلك الإجابة اليائسة فإني أرى إن اكبر ما يواجهنا حاليا وفى المستقبل , هو النبح والجدال فان معظم المشاكل قد تنتهي بانتهاء هذه الفترة ولكن هذه المشكلة نصطحبها معنا دائما , وهى كفيله أن توقف أي عمل وأي نهضة و تقضى على أي مجتمع وتقتل الثورات فإني أرى أن يُفعّل قانون الغدر دائما لمن تسول له نفسه أن يفسد الحياة السياسية وينقلب على الديمقراطية أو من يؤجج المشاعر بالكراهية والفتن أومن يكذب ويفتى بدون دليل وبرهان هل حان الوقت ليستمع أولى الأمر لصوت شعبهم وينظروا لمشاكلهم ولا ينجرفوا في سياستهم الداخلية والخارجية لنبح الكلاب هل حان الوقت لنصمت قليلا ونتفق جميعا ونمشى بالقافلة ولا نلقى بالا للكلاب هل حان الوقت لنشهد فجرا يعلوه صوت العمل وصوت العلم وصوت الوحدة وكلمه لا إله إلا الله