من خلال ما توصلنا إليه في الجزء الثاني من الدراسة لنقطة جوهرية أن ما فعلته الموساد في عملية اغتيال المبحوح هو بلا شك إرهاب وتصفية جسدية لعضو من أعضاء حماس الأمر الذي بخوضنا أن الإرهاب أصبح جريمة دولية ولابد من المجتمع الدولي من وقفه ودور في مكافحته لهذه الظاهرة وفي هذا الإطار سارع المجتمع الدولي ممثلا في مجموعات إقليمية أو من خلال ملتقيات دولية أو إقليمية ووطنية للإسهام بالدور الفعال الذي يتطلبه الموقف إزاء تنامي ظاهرة الإرهاب وأصبح الكل مقتنعا بان الإرهاب غدا جريمة دولية يجب أن يتصدى لها المجتمع – لذلك تعبات ضده المجموعة الدولية لعقد ملتقيات ومؤتمرات سواء على الصعيد العالمي أو على الصعيد الإقليمي – كما أن الاتفاقية الدولية لمنع تمويل الإرهاب المؤرخة 9/12/1999 جاءت في السياق ذاته لتؤكد عزم المجتمع الدولي على التصدي لكل وسائل التمويل التي قد تحصل عليها الجماعات الإرهابية لمنعها من تحقيق أغراضها – إن فداحة الجرائم الإرهابية وما ينتج عنها من دمار وخراب جعلت دول العالم دولة واحدة في مواجهة هذه الجرائم وذلك لان الإرهاب لا انتماء ولا هوية ولا دين له ، 1- الفقرة 2 مادة أولى – عرفت الإرهاب انه كل فعل من أفعال العنف أو التهديد أياً كانت بواعثه وأغراضه يقع تنفيذ المشروع إجرامي فردي أو جماعي يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة أو اختلاسها أو الاستيلاء عليها أو تعريض احد الموارد الوطنية للخطر 2- قرار مجلس وزراء العدل العرب رقم ( 249 ) في 16/11/1997 وقرار مجلس وزراء الداخلية العرب رقم ( 290 ) في 15/1/1998 – التوصيات الصادرة عن الاجتماع المشترك للجنتين المنبثقتين عن مجلس وزراء الداخلية والعدل العرب الذي انعقد بمقر الأمانة العامة بجامعة الدول العربية بالقاهرة خلال الفترة من 10-12/3/1998.... 3- قرار مجلس وزراء الداخلية ووزراء العدل العرب بتاريخ 22/4/1998 الذي أعتمد فيه المجلسان الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب...4- لقد انضمت كل الدول العربية إلى الاتفاقية وصادقت عليها ...5- الاتفاقيات التي تضمنتها الفقرة 3 من المادة الأولى من الاتفاقية هي ( أ ) اتفاقية طوكيو الخاصة بالجرائم والأفعال التي ترتكب على متن الطائرات المؤرخة 14/9/1963 (ب ) اتفاقية لاهاي بشأن مكافحة الاستيلاء غير المشروع على الطائرات المؤرخة في 16/12/1970 ( ج ) اتفاقية مونتريال الخاصة بقمع الإعمال غير المشروعة الموجهة ضد ملاحقة الطيران المدني الموقعة في 23/9/1971 والبروتوكول الملحق بها الموقع بتاريخ 10/9/1984 ( ء ) اتفاقية نيويورك الخاصة بمنع ومعاقبة الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص المشمولين بالحماية الدولية بمن فيهم الممثلون الدبلوماسيون الموقعة في 14/12/1973 ( ه ) اتفاقية اختطاف واحتجاز الرهائن بالقرصنة البحرية ..6- قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة إنشاء لجنة حكومية دولية مفتوحة باب العضو مخصصة لغرض اتفاقية دولية شاملة لمكافحة الجرائم المنظمة عبر الوطنية وهي التي أعدت الاتفاقية ، وبعد تلك المؤتمرات التي عقدت لمكافحة ظاهرة الإرهاب نأتي للأسلوب العقابي لمواجهة جرائم الإرهاب فالإرهاب يتنوع إلى إرهاب دولي تموله وتجنيد له وتقف وراءه منظمات إرهابية عالمية مثل ( الموساد ) نعم هو جهاز استخباري إسرائيلي لكن في المقام الأول منظمة إرهابية – تمارس اعمالها وأنشطتها في اماكن ودول ومناطق مقصوده لزعماء هذه المنظمات الارهابية الدولية – وتتنوع الجرائم الارهابية إلى جرائم ضد الاشخاص أما في ارواحهم او في اموالهم او ضد الدولة وأمن المجتمع وأمن أفراده او ضد اقتصادها فهو لونا منفردا من ألوان الإجرام الخسيس المتجرد من كل القيم الإنسانية والدينية والاخلاقية ، فالإرهابي ايا كانت هويته وأهدافه فهو مجرم جبان لا يفرق في جريمته بين شخص وأخر ولا بين نفس ونفس وإنما يعم خطره وينتشر ضرره - نأتي بعد ذلك للمساحة الجنائية في جريمة الإرهاب – المساهمة الجنائية في حالة تعدد الجناة الذين ارتكبوا الجريمة نفسها ويتضح ذلك ان الجريمة لا تكون ثمرة لنشاط شخص واحد ولا تكون وليده ارادته وحده وانما تكون نتاج تعاون بين أشخاص عديدين لكل منهم دوره المادي وارادته الاجرامية فهي حالة تعدد الجناه الذين يقومون بأدوار رئيسية في ارتكاب الجريمة نفسها – ويهمنا المساهمة الاصلية في جريمتنا هذه قتل المبحوح ( عضو حماس ) فهنا أمام تعدد الفاعلين الذين ارتكبوا جريمة واحدة وتفترض المساهمة الاصلية قيام كل واحد من الجناة في ارتكاب الجريمة بدور رئيسي يختلف تحديده باختلاف الخطة التي ياخذ بها كل تشريع – والمساهمة الاصلية – هي القيام بدور رئيسي في تنفيذ الجريمة ويطلق على المساهم الاصلي في الجريمة تعبير ( الفاعل ) – وقد قضت محكمة التمييز الكويتية بان الاشتراك بالاتفاق انما يتحقق في اتحاد نية اطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية امر داخلي لا يقع تحت الحواث ولا يظهر بعلامات خارجية وإذا كان القاضي الجزائي حرا في ان يستمد عقيدته من أي مصدر شاء ، فان له – اذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من شهادة الشهود او غيره – ان يستدل بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقدم لديه مادام هذا الاستدلال سائغا وله من ظروف الدعوى ما يبرره ، كما ان له ان يستنج حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به – وهذا يعني اذا طبقنا ذلك على دولة البحرين والتي حدثت عملية التصفية الجسدية لاحد اعضاء حماس بها وهي مقتل ( المبحوح ) فلها ملاحقة الجناة باعتبارهم مساهمين وشركاة في جريمة القتل اذا كانوا داخل ( دبي ) فضلا عن ملاحقتهم خارج تلك الدولة طالما ان الجريمة وقعت على اقليمها وداخل حدودها وذلك وفقا للمعاهدات الدولية المبرمة في هذا الصدد فضلا عن انه لا يمكن ان تتخذ اراضيها للقيام بمثل تلك الاعمال الارهابية التي تفزع وتخيف الاناس الامنين بها وتظراً لما تتمتع به دولة البحرين من انفتاح بجعل مثل تلك الجريمة تحد من هذا الانفتاح بمعنى انها لها ملاحقه تلك الجناة سواء على ارضيها او خارجها عملا بالقانون الدولي الذي يفرض حق الدولة وتتبعهم في أي دولة طالما ارتكبت الجريمة على ارضيها وداخل اقليمها - ناتي لنقطة جوهرية اخرى – انه لعل اهم ما يثار في هذا الشأن هو فكرة الفاعل المعنوى في الجريمة ومساهمته فيها وبيان ذلك سوف نرصد بالدراسة والتحليل خلال الجزء الرابع والأخير من هذا المقال التحليلي آملين أن نكون قد وفينا بكل جوانبه وحيثياته