غلق باب التصويت في اليوم الثاني لانتخابات مجلس النواب بالخارج في نيوزيلندا وأستراليا.. وبدء الفرز    أخر تحديث لأسعار الذهب الآن: مفاجأة في سعر عيار 21    عاجل- رئيس الوزراء يتسلم "ميدالية أغريكولا" نيابة عن الرئيس السيسي تقديرًا لجهوده في دعم الأمن الغذائي ومكافحة الجوع    الكرملين: بوتين لا يريد استعادة الاتحاد السوفيتي أو مهاجمة الناتو    رئيس الوزراء الفلسطيني يؤكد ضرورة الانتقال للمرحلة الثانية من خطة وقف الحرب في غزة    شاهد بالبث المباشر.. مباراة الإمارات والكويت اليوم في كأس العرب 2025.. القنوات الناقلة والمعلقون وموعد صافرة البداية    مسار يكتسح البنك الأهلي بثمانية أهداف نظيفة في دوري الكرة النسائية    قبل صدام محتمل مع بيراميدز.. فليبي لويس: هدفنا لقب الإنتركونتيننتال    إحالة المتهم بخطف وهتك عرض 4 تلاميذ بروضة مدرسة خاصة في الإسكندرية للمفتي    استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم لليوم الرابع في العصامة الجديدة    رئيس الشركة المصرية الأفريقية: المركز الطبي المصري في جامبيا أول منشأة من نوعها بغرب إفريقيا ونستعد لتوسعات أكبر    قوات الدفاع الشعبي تنظم زيارة لطلبة جامعة القاهرة والمدارس العسكرية لمستشفى أبو الريش للأطفال    شباب الشيوخ توسع نطاق اختصاصات نقابة المهن الرياضية    اليابان: تقييم حجم الأضرار الناجمة عن زلزال بقوة 5ر7 أدى لإصابة 34 شخصا    شتيجن يعود لقائمة برشلونة ضد فرانكفورت في دوري أبطال أوروبا    الاتحاد الأوروبى يطالب بتهدئة فورية بين كمبوديا وتايلاند والعودة للمفاوضات    القاهرة الإخبارية: قافلة زاد العزة ال90 تحمل أكثر من 8000 طن مساعدات لغزة    بدء تفعيل رحلات الأتوبيس الطائر بتعليم قنا    "الابتزاز الإلكتروني وتأثيره على المرأة والمجتمع" في ندوة بدار العلوم بالفيوم| صور    محافظ أسوان يفتتح الندوة التوعوية لمكافحة الفساد    وزارة الرياضة توضح تفاصيل إصابة لاعب أثناء مباراة الدرجة الرابعة بمغاغة    الأعلى للإعلام يستدعى المسئول عن حساب الناقد خالد طلعت بعد شكوى الزمالك    كامل الوزير: توطين صناعة السيارات محور رئيسي في خطة النهوض الاقتصادي    ضبط قائد سيارة أجرة امتنع عن تحميل الركاب بالبحيرة    لليوم الخامس.. فرق البحث تنهى تمشيط مصرف الزوامل للبحث عن التمساح    لا كرامة لأحد فى زمن الانقلاب.. الاعتداءات على المعلمين تفضح انهيار المنظومة التعليمية    وفاة شخص صدمته سيارة بصحراوي سمالوط في المنيا    والد ضحية منشار الإسماعيلية يطالب بالقصاص: "ابني اتقطع 6 أجزاء والمتهم لازم ياخد عقابه"    عائلة كوكب الشرق تشيد ب«الست»: فيلم راق رغم الانتقادات    نيللي كريم: مبقتش أعمل بطولات وخلاص عشان أثبت إني ممثلة كبيرة    غدًا.. فصل الكهرباء عن قريتي كوم الحجنة وحلمي حسين وتوابعهما ببيلا في كفر الشيخ    متحدث «الأوقاف»: مصر قرأت القرآن بميزة «التمصير والحب» لهذا صارت دولة التلاوة    الصين تواصل إغراق العالم بمنتجاتها.. والفائض التجاري للبلاد يتجاوز تريليون دولار    افتتاح عيادات الرمد التخصصية للأطفال المبتسرين وتشخيص أورام العين بمستشفى رمد طنطا    المشاط تتسلم جائزة «القيادة الدولية» من معهد شوازيل    ليوناردو دي كابريو يهاجم تقنيات الذكاء الاصطناعي: تفتقد للإنسانية وكثيرون سيخسرون وظائفهم    الدفاع الروسية تعلن السيطرة على بلدة "أوستابيفسكي" في منطقة دنيبروبتروفسك الأوكرانية    جامعة قناة السويس تقدّم خدمات علاجية وتوعوية ل711 مواطنًا خلال قافلة طبية بحي الأربعين    عروض كرنفالية فى النيل وأطفال بالزى الفرعونى باحتفالات الأقصر.. صور    حزب الاتحاد: لقاء الرئيس السيسي مع حفتر يؤكد حرص مصر على استقرار ليبيا    رنا سماحة تُحذر: «الجواز مش عبودية وإذلال.. والأهل لهم دور في حماية بناتهم»    مراسلة قطاع الأخبار بالرياض: الأعداد تتزايد على لجان الانتخاب في السعودية    تطورات جديدة في الحالة الصحية للفنان تامر حسني.. اعرف التفاصيل    صلاح وسلوت.. مدرب ليفربول: أنا مش ضعيف وقلتله أنت مش هتسافر معانا.. فيديو    رياضة النواب تهنئ وزير الشباب بفوزه برئاسة لجنة التربية البدنية باليونسكو    قرار عاجل لمواجهة أزمة الكلاب الضالة في القاهرة    مدبولي يتفقد مشروع رفع كفاءة مركز تكنولوجيا دباغة الجلود بمدينة الروبيكي    رئيس جامعة العاصمة: الدراسة بالفرع الجديد ستبدأ في 2027، و80% من طلاب حلوان يتعلمون مجانا    فحص 7.4 مليون تلميذ ضمن مبادرة الكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم»    طريقة عمل بلح البحر بتتبيلة مميزة ولا تقاوم    غدا.. بدء عرض فيلم الست بسينما الشعب في 9 محافظات بأسعار مخفضة    رئيس اللجنة القضائية: تسجيل عمومية الزمالك يتم بتنظيم كامل    وزير الثقافة يلتقي نظيره الأذربيجاني لبحث التعاون بين البلدين    ضبط 1.5 طن سكر ناقص الوزن وغير مصحوب بفواتير بمركز ديروط فى أسيوط    السكك الحديدية: تطبيق إجراءات السلامة الخاصة بسوء الأحوال الجوية على بعض الخطوط    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا تعمل ?!    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية من أموال الصدقات أوالزكاة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المناضل ناصر ابو خضير ذلك الرجل في الزمن الرديء
نشر في شباب مصر يوم 16 - 08 - 2011

الرفيق المناضل ناصر ابوخضير من قرية شعفاط في القدس،والقابع في سجون الاحتلال الآن،والذي ترافقت أنا وإياه والمرحوم الدكتور احمد المسلماني في أكثر من "رحلة" اعتقالية عشناها بحلوها ومرها،يعود قسراً اليوم إلى سجنه بدوننا فالرفيق احمد اختطفه الموت مبكراً،وكان رحيله المبكر هذا خسارة كبيرة وثقيلة علي شخصياً وعلى مؤسسة لجان العمل الصحي التي بغيابه غابت فيها وعنها العديد من القيم والمبادئ التي غرسها وناضل من أجلها وكذلك غيابه كان خسارة للقدس التي بكته وودعته بالآلاف يوم رحيله،أما أنا فقد طحنتني الحياة والتفت إلى هموم ومشاكل مجتمعية وجماهيرية،وبقي الناصر حاملاً للراية في هذا الزمن الرديء رافعاً شعار هذا زمن المغارم لا زمن المغانم،زمن فيه القابض على المبدأ كالقابض على الجمر،ومن المفارقات العجيبة هنا أننا عندما اعتقلنا معاً في حزيران/ 2005 وعزلنا الاحتلال عن قصد وعمد في معتقل المسكوبية مع الأسرى الجنائيين كنوع من العقاب وزيادة في إذلالنا وامتهان كرامتنا،كان الأسرى الجنائيين متعجبين ومستغربين أن يكون هناك أسرى أمنيين وفي هذا العمر،على اعتبار أن أعمارنا جاوزت العقد الخامس،وكنا نسمعهم يقولون " في حدا في هالزمن بيجي على السجن أمني"،وكلامهم معناه أن مرحلة الانهيار هذه وما حمله أوسلو لشعبنا من دمار وانهيار قيمي وأخلاقي وتفكك وتحلل تنظيمي وسياسي واجتماعي،عكس نفسه سلباً على كل أبناء شعبنا الفلسطيني،بحيث أضحى الانتماء الوطني ومقاومة الاحتلال مسبة وشتيمة،واذكر أنا شخصياً عندما اعتقلت أن هناك من محيطنا الاجتماعي من كان يقول للأهل والعائلة "بستاهل اي هوه شو ضايع لوه،واللي بنسجن في هالزمن بتروح عليه" وأن أتفهم ان تصدر مثل هذه الأقاويل عن معتقلين جنائيين وأناس بسطاء ،ولكن في اعتقال ناصر الأخير هو وغيره تعالت الكثير من الأصوات المنددة والشاجبة حتى في الدوائر القريبة،والمنتقدة لناصر والساخطة عليه،وكأن ناصر ارتكب جريمة او حمل عاراً،وتلك الانتقادات لم تصدر عن معتقلين جنائيين وأناس بسطاء،بل من قيادات وكادرات وطنية ومجتمعية،وهذا يدلل على مدى حالة الانهيار التي وصلتها الحالة الفلسطينية،وهنا اشدد أن السبب الرئيس والمباشر هنا هو أوسلو الذي قال عنه بيرس ثعلب السياسة الإسرائيلية أنه الانتصار الثاني لدولة إسرائيل،وثانياً حالة الانقسام الفلسطينية،وثالثاُ ما مثلته السلطة القائمة من نموذج يفتقر الى المصداقية والطموح وعدم قدرتها على حماية أمن الوطن والمواطن،ناهيك عن تنامي حالة التجييش القبلي والجهوي والعشائري في المجتمع الفلسطيني،في ظل سلطة احتضنت وخدمة تلك المليشيات،ناهيك عن تنامي واتساع ظاهرة الفساد والذي وصل حد المأسسة والتنظيم والهيكلة.
ناصر قضى أكثر من ثلاثين عاماً في مقاومة ومقارعة الاحتلال،لم يكن ولن يستكين،وهو بالمناسبة ينتمي الى عائلة وأسرة مناضلة،حيث الكثير من أبناء العائلة عرفوا طريقهم الى سجون الاحتلال،كما هو الحال عندنا في العائلة،وكذلك أسرته فزوجته المناضلة عبير،اعتقلت أكثر من مرة وتحملت الكثير الكثير،وذاقت مرارة التعذيب والقيد والتحقيق والسجن،ومثلت حالة صمود وتحدي قل نظيرها في المجتمع الفلسطيني،وشهادة حق فهي امرأة بعشرة رجال،امرأة تمتلك الجرأة والشجاعة ولا تخشى من قول الحقيقة،وأحياناً يكون ظلم ذوي القربى لتلك المرأة أشد أثراً عليها من ظلم الاحتلال،وهي تنكر ذاتها في سبيل مصلحة المجموع،وكذلك هن بنات ناصر وشقيقاته وأسرته.
ناصر دائماً في حالة ثورة وغضب،ثورة على الواقع على الاحتلال على الحركة الوطنية على الحزب،وهو عصبي حاد المزاج يثور بسرعة ويخرج في بعض الأحيان عن طوره،ولكنه سرعان ما يهدأ ويعود كالحمل الوديع،وبحكم ما ربطتني به من صداقة وعلاقة اجتماعية ،فأنا أعترف بأننا كنا أنا والمرحوم الدكتور المسلماني وفي إطار قتل الوقت في معتقل المسكوبية نستفز ناصر الى أقصى حد حتى يخرج عن طوره،وأيضاً في جلسات السمر كنا نقول له تعال يا ابو عنان نستعرض الأيام الخوالي،ويبدأ ابو العنان بسرد القصص والمغامرات وما أن ينهي حتى يقول جاء دوركم الآن فنقوم بتغير الموضوع،وهنا يعصب ويقول بستاهل ما أنا مسحوب من لساني،ومن الطرائف التي حصلت معنا في المعتقل،فقد كنا في المسكوبية بعد جلسة محكمة نستعد للصعود الى سيارة"البوسطة" والتي قبل صعودها نتعرض إلى جولة تفتيش جسدي والذي كان يقوم بالتفتيش جندي من الفلاشا،ومن ضمن ما كان يسألني "وين ساكن" وبما أنه لا يجيد اللفظ بشكل سليم وكرر السؤال أكثر من مرة" وأنا أكثر من مرة قلت له ليس لدي سكين،وأثار غضبي فقلت له حل عن "بي.." ليس لدي سكين ،فتدخل أبو العنان وقال لي أنه يسألك وين ساكن،وأبو عنان قال فرصة ولاحت يا ابوشادي،فما أن عدنا الى معتقل عسقلان،وخرجنا الى "فورة السجن" ساحة التنزه ،وإذا أبو عنان يجمع الأسرى القدماء من حوله فخري ونائل البرغوثي والقرعوش وابو الناجي وفيصل ابو الرب وغيرهم ويروي لهم ما حصل معي في التفتيش في المسكوبية،وفي حادثة أخرى وأثناء مكوثنا في غرفة 10 في المسكوبية تمهيداً للسفر الى سجن عسقلان بعد المحكمة،كنت قد قمت بتهريب زجاجة دواء سائل للسكري،وكنت محتاراً في كيفية إخفاءها وإدخالها،وتطوع الرفيق ناصر وقال أنا لدي دواء لقطرة الأذن وأجيد العبرية فسأخفيها وأنقلها لك،وعندما وصلنا الى سجن عسقلان ووضعونا في القفص تمهيداً لإدخالنا الى السجن،وكان المسؤول عن القفص واحد من الجنود الهنود الذي كان بينه وبين ناصر مشكلة،حيث تعمد تأخير إدخال ناصر رغم محاولته الدخول،وبقي آخر معتقل ناصر وفي أثناء التفتيش عثروا على قنينة دواء السكري،وأخذوها للفحص،وهم كانوا يحضرون لقمعة لناصر،فما أن دخل الغرفة حتى عادوا وأخرجوه منها،وأبلغوه بأنه قام بتهريب مادة أستون لعمل مادة متفجرة،ورغم الحديث عن أن هذه دواء للسكري إلا أنه عوقب لمدة ثلاثة أيام في الزنزانة على هذه الخلفية،وتعرض لمحاولة للاعتداء عليه من قبل السجانين.
وناصر يبقى مناضلاً صلباً وعنيداً،غيوراً على شعبه وبلده وقدسه،قدسه التي كان يتألم كثيراً،عندما أصبح يرى أن الحثالات تصول وتجول فيها،وأن الجراذين في زمن الردة أصبحت تطل برؤوسها علناً من جحورها وتنتظم في مليشيات وعصابات تمارس البلطجة والزعرنة على المواطنين تعتدي على ممتلكاتهم وأرضهم،تزور وتعربد وتستولي على أراض الناس البسطاء والغلابا،بدعم الاحتلال ومساندته،وجهات نافذة عشائريا وسلطوياً،وناصر لقاء مواقفه ووقوفه ضد تلك العصابات والمليشيات يدفع الثمن سجناً وسنوات من عمره،ولكن رغم كل ذلك يبقى ابو العنان مشعلاَ من مشاعل الحرية،ليس بحاجة لشهادة من أحد،ومن يريد المزايدة على أبو العنان فها هو الميدان رحب وواسع،فطريق النضال طويل وشاق ومحفوف بالمخاطر والأخطاء.
القدس- فلسطين
16/8/2011
0524533879
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.