هل ثمة ما يجمع الروائي الإنجليزي جوروج أورويل وحزب النور؟ بالطبع لا. فجورج أورويل مات قبل عقود من ثورة 25 يناير المصرية ومن إنشاء حزب النور كأحد نتائج هذه الثورة. وجورج أورويل من أشد دعاة الفكر الليبرالي والنظام الديمقراطي ومن أشد أعداء الشمولية والاستبداد. وقد كرس أعماله الأدبية، ومن أشهرها رواية "مزرعة الحيوانات" ورواية "1984" لفضح ممارسات النظم الشمولية. ومن هذه الأخيرة تنبع العلاقة بين هذين النقيضين: جوروج أورويل وحزب النور. فمسمى حزب "النور" ومن قبله مسمى حزب "الحرية والعدالة" يذكرني بممارسات القوى الشمولية، كما صورها جورج أورويل في رواياته. فعلى غرار "وزارة الحقيقة" التي لا عمل لها إلا الكذب والتضليل وتزييف وعي الجماهير، ووزارة الأمن التي لا عمل إلا تخويف المواطنين والتجسس عليهم والتنكيل بهم، جاء مسمى "حزب النور" ليخفي كونه بؤرة للظلام والظلاميين ومنصة لأعداء النور والتنوير والتحديث. وهم في ذلك ورثة "الحزب الوطني الديمقراطي" الذي كان على طرف النقيض من الوطنية والديمقراطية، وجهاز "أمن الدولة" الذي كان في حقيقته "خرابا للدولة". إن لعبة التسمية مهمة وخطيرة في رسم صورة التنظيمات الجماهيرية ومفهومها لدى الناس. ولذلك تحرص هذه التنظيمات على اتخاذ تسميات رنانة وذات جاذبية للجماهير، دون أن تلتزم بالضرورة بدلالات هذه التسميات. لذلك لا نستغرب أن يتخذ "النور" اسما لحزب وجماعة من الظلاميين، وأن نجد أنصار هذا الحزب من أصحاب الرؤى الماضوية التي تحط من قدر العقل والعلم ومكانة المرأة. وهكذا يصير "النور" في مسمى الحزب نقيضا لنور العقل والعلم والحق. لكن كما اكتشف المصريون حقيقة "الحزب اللاوطني اللاديمقراطي"، كما كانوا يطلقون عليه، سرعان ما سيعرفون حزب الظلام على حقيقته. وهذا هو الأمل لنجاح الثورة في بناء دولتنا المدنية الديمقراطية.