دكتور / عبد العزيز أبو مندور لقد تأسفت جدا لما آلت إليه الأمور بعد حوار الطرشان بين الدكتور عبد الله النجار ، والأستاذ الشيخ وكيل وزارة الأوقاف وبين المعمم المكوكل محمد عبد الله نصر 00 فلم أكن أنصور أن يزج به فى تهمة من التهم أيا كانت 00 لا ازدراء أديان 00 ولا غيرها 00 فقد أعطاه الأستاذان الفرصة التى كان يطلبها منذ فترة 00 ولم ينتبها إلى ذلك من كلامه 00 فقد هددهم بأن دمه فى أعناقهما 00 وأنهم يريدان أن يفعلا به كما فعل الأزهريون من قبل بفرج فوده 00 إنه يريد أن يكون ضحية 00 فبدلا من أن يقدم الرجلان الحجة والأدلة على كذب ادعاءاته وتفنيد شبهاته لاذا بالقضاء 00 ومن قبل - كما قلت فى مقالى السابق - استغاثا برئيس الجمهورية الجديد عبد الفتاح السيسي 00 حتى قد يقال أنهما لاذا بذلك دفاعا عن أنفسهما من التهم التى رماهم بها وخوفهم بها 00 ! أما المعمم المكوكل محمد عبد الله نصر فلا أعرفه منذ سمعته ورأيته يتنقل على شاشات الفضائيات طلبا لحاجة فى نفسه إلا سفطائي يتظاهر بالهدوء وهو مثله مثل الثعلب يتماوت ويخرج منه ما يخرج حتى يوقع خصمه فى المصيدة لا لشيء إلا ليتغلب على خصمه كما هو منهج السفسطائيين والمجادلين بغير علم ولا سلطان أتاهم ، فلا يهمه إلا التغلب على خصمه ، فهو قليلا ما يسيء إلى خصمه بالألفاظ بطريقة مباشرة ؛ وإن كانت حركاته تشي بذلك ، بل هو يذكرنا بالمثل المصري الشائع ( خذوهم بالصوت ليغلبوكم ) ، فهو يتحرك فى كرسيه فى مشهد كوميدي مثير 000 فهو يعمل على إثارة خصمه حتى يخطئ بلفظ أو كلمة فيلتقطها ويمسك به بأسنانه ، ثم يوجهها توا سهما إلى خصمه ، فيتهمه مثلا أنه يشتمه ، أو يتهمه بأنه ينفى العصمة عن الرسول ، فهو يستخدم كل حيل الإثارة حتى يوقع خصمه فى الخطأ ليكون ذريعة له فى الدفاع عن نفسه من جهة ، ومن جهة أخرى سلاحا يغمده فى ظهره 00 ! أما موضوعاته فإنها تنحصر فى : 1- ترديد الإسرائيليات. 2- والتفتيش عن شواذ الحكايات والشبهات من التراث 00 وأقول بأنه فى النهاية لم يأت بجديد 00 أو مفيد 00 فعلى العكس 00 فكل ما يروجه ويشوش بع على عقول الناس 00 كلها 00 وفى مجملها 00 شبهات وريب 00 قديمة 00 حديثة 00 يخرجها من جراب الحواة - من هنا وهناك - أولئك المتنطعون والمشككون فى كل شيء يمت للإسلام بصلة ، فيكثر ذلك خصوصا فى أوقات الاضطراب 00 والقلاقل 00 والثورات 00 والانقلابات 00 والأزمات ، فتلك أوقات ضعف الأمة 00 فيثيرونها لتشكيك المسلمين فى علمائهم 00 تمهيدا للطعن فى رسولهم 00 ودينهم ، ثم تأتى الفرصة للطعن فى القرآن الكريم 00 ولا شيء إلا لمناصرة أهل الشرك والإلحاد بجميع أنواعه ، فالقلب هو مرمى المشككين فى مختلف العصور والأمصار 00 ! ولقد بحثت عن الحديث المزعوم فى ثلاثة عشر كتابا من كتب الحديث المعتبرة 00 فلم أجده 00 لا فى موطأ مالك 00 ولا فى صحيح البخارى 00 ولا صحيح مسلم 00 ولا غيره من باقى الكتب الستة 00 أو التسعة ، يعنى لم يذكره النسائي 00 ولا أبو داود 00 ولا ابن ماجة00 ولا الترمذي 00ولا أحمد ، بحثت فى ثلاثة عشر كتابا فلم أجد فيه ذكرا لمثل هذا الحديث إلا فى كتب التخريج مثل ( مسند البزار ) المعروف باسم ( البحر الزخار ) رواية، وروايتين فى ( المعجم الكبير ) للطبراني وقد تبين لى أن تلك الروايات جميعها متضاربة نصا وموضوعا ، بل مخالفة لحقيقة العصمة ومعارضة للعصمة النبوية التى ضمنها الله تعالى لنبيه ورسوله فى القرآن الكريم " وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى " ( النجم : 3-4 ) وعموما ، فالحديث أقل ما يقول فيه أنه ضعيف 00 بل أكاد أن أجزم بأنه منكر 00 وهو ما سنقدم الدليل عليه إن شاء الله تعالى بالتفصيل فى مقال آخر 00 ! لقد سبق ليّ بحمد الله تعالى أن ناقشت عدة شبهات موجهة للنيل – حاشا وكلا - من الرسول المعصوم صلى الله عليه وسلم ، وقدمت ردا علميا قاطعا بالدليل على كذب تلك الشبهات ومنها شبهة ( قصة الغرانيق ) وما أثير حولها 00 ناقشت ذلك فى كتاب ليّ بعنوان ( الاصطفاء والاجتباء وأنوار الأنبياء ) صدر عام 1999م 00 جاء فيه : و نأتى لموضوع خطير افترى به الفاسق المرتد " سلمان رشدى " فى كتابه الساقط ( آيات شيطانية ) ، افترى كذبا وزورا على رسول الله صلى الله عليه و سلم - وهو افتراء قديم وجديد - ألا وهو الافتراء السافر فى ( قصة الغرانيق ) ، فقد بحث الفاسق الزنديق عن مطعن فى عصمة النبي صلى الله عليه و سلم أو فى القرآن الكريم ، فلما لم يجد ما يوافق نزعته الشيطانية لجأ إلى تلك القصة القديمة المختلقة ، فدسها على النبي صلى الله عليه وسلم فى روايته الشيطانية كذبا وافتراء منه على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . و خلاصة القصة المكذوبة والمختلقة أن النبي صلى الله عليه و سلم حين رأى موقف قريش المتعصب ضده و إيذائهم لأصحابه قال " ليته لا ينزل على شئ ينفرهم منى ، وجلس فى أحد الأندية حول الكعبة وقرأ عليهم سورة النجم حتى بلغ قوله تعالى " أفرأيتم اللات والعزى و مناة الثالثة الآخرى " يقول الزنديق معتمداً على روايات باطلة أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ بعد ذلك ( تلك الغرانيق العلا وأن شفاعتهن لترتجى ) ، ولما فرغ من قراءة السورة سجد و سجد المسلمون وسجد الكفار جميعاً لم يتخلف منهم أحد . وهنا قالت قريش أنه ذكر ألهتنا بخير. و لكن– كما تقول القصة المكذوبة والمختلقة - جاء جبريل عليه السلام إلى الرسول و طلب إليه أن يقرأ سورة النجم ، فقرأها ، فنبهه جبريل عليه السلام إلى أن كلمات ( تلك الغرانيق العلا وأن شفاعتهن لترتجى) ليست من القرآن ، وأنها من الشيطان00 ! هذه فرية الفاسق المرتد . وهى تعنى الطعن فى عصمة الرسول صلى الله عليه و سلم ، بل و الطعن فى القرآن نفسه ، وأنه ليس كله من وحى السماء إنما فيه كلمات شيطانية . و على هذا فإن الإسلام كله – حاشا وكلا - لا أساس له ! و لقد وجد الضالون بغيتهم فى آية من آيات القرآن الكريم استندوا عليها فى بيان صحة مفترياتهم ، فسروها بأهوائهم ليمرروها ويدلسوا بها على الناس تحقيقا لأغراضهم الدنيئة ، فقد زعموا أن الشيطان يلقى للأنبياء كما يلقى لغيرهم . يقول عز من قائل " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " ( الحج : 52) و لنا فى قول الإمام القشيرى فى ( لطائف الإشارات ) ما أثلج صدورنا ، قال : الشياطين يتعرضون للأنبياء عليهم السلام ، و لكن لا سلطان ، و لا تأثير فى أحوالهم منهم ، و نبينا صلى الله عليه وسلم أفضل الجماعة ، و إنما يكون من الشيطان تخييل و تسويل ، وكان لنبينا صلى الله عليه و سلم سكنات فى خلال قراءة القرآن عند انقضاء الآيات ، فيتلفظ الشيطان ببعض الألفاظ ، فمن لم يكن له تحصين توهم أنه كان من ألفاظ الرسول عليه الصلاة و السلام ؛ وصار فتنة لقوم . أما الذين أيدهم الله بقوة العصمة وأدركتهم العناية فقد صبروا و لم يضرهم ذلك . يقول عز من قائل " لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ " (الحج : 53) إذن ليس العيب فى الوحى ، ولا فى قارئ القرآن المبلغ ما أنزل إليه من ربه صلى الله عليه و سلم وإنما النقص فى السامعين ممن أزاغ الله قلوبهم ، ففتنوا بما ألقى الشيطان فى قلوبهم . هذا من ناحية ، و من ناحية ثانية ، إن الآية الكريمة قد حددت زمن القضية وهو زمن الرسلالذين بعثا لأقومهم قبل النبي الخاتم صلى الله عليه و سلم فقال الله تعالى " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ " الآية . ( الحج : 52) وهذا يعنى أن ما حدث إنما كان للرسل السابقين و ليس من الضروري أن يحدث للنبي صلى الله عليه و سلم ما حدث لهم ، فقد كان الجن والشياطين يسترقون السمع واختراق مجالات السموات قبل الرسالة المحمدية ، فلما أرسل محمد صلى الله عليه وسلم منع الجن من الاستماع و استراق السمع . يقول عز من قائل حكاية عن الجن " وأنا لمسنا السماء فوجدناها مُلئت حرساً شديداً و شهبا * وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رصدا " ( الجن : 8-9) وكما يبدو لم تشر الآيات من قريب أو بعيد لتدخل الشيطان فيما يوحى به لأنبيانه ورسله ، ولكنها - صرحت بتدخل الشيطان فى الأمنية ، فهى كما سبق إلى فهمنا عبارة عن إلقاء الشيطان فى قلوب المشركين والقاسية قلوبهم ، فضلوا و أضلوا . وأنا فى سبيل إعداد كتاب جديد واضح بالأدلة الجلية على عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم من كل ما نسب إليه من أولئك الكذابون المحاربون لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم 00 وهناك عدة مقالات معدة للنشر - إن شاء الله تعالى. ) وعلى الله قصد السبيل ) Dr.abomandour!gmail.com