تمكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الصمود امام الضغوط الدبلوماسية التي مارسها الغرب عليه لاجبار روسيا على اتخاذ موقف اكثر تشددا ازاء الحكومة السورية، حيث طالب باتاحة المزيد من الوقت لخطة السلام التي طرحها مبعوث الاممالمتحدة وجامعة الدول العربية كوفي عنان. فقد قال الرئيس الروسي الجمعة إنه "ليس من المفيد" الاعلان عن فشل خطة عنان للسلام في سوريا، كما اكد تمسك بلاده بموقفها المعارض لفرض عقوبات على دمشق. وكانت موسكو قد عارضت في وقت سابق قرارا طرحه مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة حول الوضع في سوريا. ففي جلسة استثنائية عقدها المجلس يوم الجمعة، ادان النظام السوري لدوره في مجزرة الحولة ودعا الى اجراء تحقيق في الحادثة. ولكن روسيا صوتت ضد القرار قائلة إنه "غير متوازن." وقال بوتين في مؤتمر صحفي مشترك عقده في باريس مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند "إن السيد عنان انسان محترم وذو خبرة، وعلينا ان نفعل كل ما في وسعنا لانجاح مهمته. اعتقد انه من غير المفيد الاعلان عن فشل مهمته مقدما." ومضى الرئيس الروسي، الذي وصل الى العاصمة قادما من برلين في وقت سابق الجمعة، للقول "فيما يخص العقوبات، فهذا موضوع من اختصاص مجلس الامن التابع للامم المتحدة. على اي حال، العقوبات ليست ناجحة في كل الاحوال، والشيء الذي ينبغي ان نركز عليه هو منع الموقف (في سوريا) من الجنوح الى اسوأ سيناريو محتمل وهو الحرب الاهلية." وقال بوتين إن مقاتلي المعارضة في سوريا قتلوا من المدنيين عددا موازيا للعدد الذي قتل في الحولة مؤخرا. من جانبه، قال الرئيس الفرنسي إن "لا حل ممكنا في سوريا دون رحيل بشار الاسد." واضاف هولاند "يجب فرض عقوبات" على النظام السوري، مؤكدا انه متيقن "لمخاطر الفوضى والحرب الاهلية" التي قد تعصف بسوريا. ولكن بوتين عارض الدعوات بتنحية الرئيس السوري، وتساءل "لماذا نعتقد ان الاطاحة بالقيادة (السورية) الحالية ستؤدي بالضرورة الى تحسن الاوضاع غدا؟ ما الذي يجري في ليبيا؟ مالذي يحدث في العراق؟ هل اصبح هذا البلدان اكثر امانا؟ نقترح التصرف بطريقة اكثر اتزانا في سوريا على اقل تقدير." وقال الرئيس الروسي إن الموضوع الاهم هو منع انحدار سوريا الى حرب اهلية. وكان بوتين قد جدد في برلين معارضته الشديدة لأي تدخل عسكري في سوريا، قائلا إنه "لا يمكن فعل أي شيء بالقوة" لإيقاف نزيف الدم في تلك البلاد. فبعد إجرائه محادثات في برلين مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، قال بوتين إن روسيا لا تدعم أيا من طرفي النزاع في سوريا. وأضاف بوتين في مؤتمر صحفي مشترك مع ميركل: "نحن لدينا علاقات طيبة مع سوريا منذ زمن طويل، لكننا لا ندعم أي طرف قد يتسبب باندلاع حرب أهلية في البلاد." "واجب مشترك" وأردف قائلا: "أنا أتفق مع المستشارة ميركل على أنه علينا واجب مشترك هو أن نمنع الوضع من أن يتطور وفقا لهذا السيناريو غير المرغوب به، والخطير للغاية." لكن بوتين قال إن بلاده ستشارك في المداولات الجارية في مجلس الأمن الدولي حول الأوضاع في سوريا، لكنها ستظل في الوقت نفسه على اتصال بالرئيس الأسد وبالقيادة السورية وقادة الدول العربية الأخرى. "أتفق مع المستشارة ميركل على أنه علينا واجب مشترك هو أن نمنع الوضع من أن يتطور وفقا لهذا السيناريو غير المرغوب به، والخطير للغاية" وتعهد بوتين أن تفعل روسيا ما بوسعها لإيجاد حل للصراع الدائر في سوريا. كما نفى الرئيس الروسي قيام بلاده بتصدير أسلحة إلى سوريا يمكن أن تُستخدم في أي حرب أهلية قد تندلع في البلاد التي تشهد انتفاضة شعبية ضد نظام الأسد منذ 15 مارس من عام 2011. وقال: "إن روسيا لا تزود أسلحة قد تُُستخدم في صراع أهلي." وقال بوتين إنه يتعين على المجتمع الدولي مواصلة دعم خطة السلام التي يقودها المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا كوفي عنان. حل سلمي الى ذلك، قالت ميركل إن ألمانياوروسيا تفضلان حلا سياسيا للنزاع في سوريا بدل التدخل العسكري. وقالت ميركل إن "المجزرة" التي وقعت في منطقة الحولة بريف حمص يوم الجمعة الماضي وذهب ضحيتها 108، حوالي نصفهم من الأطفال، "أظهرت مرة أخرى الوضع الإنساني المزري ووضع حقوق الإنسان في سوريا". "أعتقد أنني ربما أكون أكثر إحباطا من معظمكم، لأنني أعيش معمعة الأحداث وأخبرها عن قرب" كوفي عنان المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا وأضافت: "لقد أوضحنا بجلاء رغبتنا في التوصل لحل سياسي، وأن خطة عنان يمكن أن تكون نقطة البداية. لكننا يجب أن نبذل قصارى جهدنا، وخاصة في مجلس الأمن الدولي، لتطبيق تلك الخطة واتخاذ أي إجراءات سياسية أخرى، إذا دعت الضرورة". "إحباط" عنان بدوره، قال عنان في مؤتمر صحفي عقده الجمعة في العاصمة اللبنانية بيروت إنه يشعر "بالإحباط ونفاد الصبر" حيال تواصل أعمال العنف والقتل في سوريا. وقال الوسيط الدولي، الذي كان يتحدث للصحفيين بُعيد لقائه رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، إنه يود أن يشهد تقدما أسرع في الجهود الرامية لإيجاد حل للأزمة السورية. وخاطب عنان الصحفيين قائلا: "أعتقد أنني ربما أكون أكثر إحباطا من معظمكم، لأنني أعيش معمعة الأحداث وأخبرها عن قرب." قلق أمريكي ورداً على ذلك، اتهمت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون في اوسلوروسيا بمواصلة تزويد نظام الرئيس السوري بشار الاسد بالاسلحة، مؤكدة ان هذا الامر يثير "قلقا جديا" لدى الولاياتالمتحدة. وقالت كلينتون خلال مؤتمر صحفي في العاصمة النروجية: "نعلم ان عمليات بيع اسلحة حصلت بوتيرة منتظمة، حتى خلال العام الماضي، من روسيا الى سوريا. نعتقد ايضا ان تزويد الاسلحة بشكل متواصل من قبل روسيا عزز نظام الاسد".