قالت شركة عالمية متخصصة في الدراسات التحليلية الاقتصادية؛ إنه من المحتمل أن تلجأ دول الخليج العربي إلى الاستثمار في قطاع المياه بتكلفة قد تصل إلى أكثر من 100 مليار دولار، مشيرة إلى أن استهلاك الفرد للمياه في هذه الدول يتخطى نسبة 90 %من معدل الاستهلاك العالمي. وأوضحت شركة "بوز أند كومباني"، التي تتخذ من دبي مقرا إقليميا لها، في دراسة تحليلية حول مستقبل المياه في منطقة الخليج، أن هناك احتمالا بأن تستثمر دول الخليج أكثر من 100 مليار دولار في قطاعات المياه بين عامي 2011 و2016 حيث سيخصص جزء من هذه الاستثمارات لتحسين تقنيات تحلية المياه المالحة مما قد يتطلب اللجوء إلى الطاقة الشمسية أو إلى طرق جديدة لتصفية الملح أو جعله يتبخر.
وقالت إن الحكومات الخليجية تبحث حاليا عن وسائل لزيادة إمدادات المياه العذبة ودفع الأسر ومؤسسات الأعمال إلى استخدام المياه بتحفظ أكبر في ظل تزايد الاستهلاك بمعدلات مرتفعة جدا.
وأظهرت الدراسة التحليلية أن استهلاك المياه للفرد في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة يتخطى بنسبة 91 في المائة و83 في المائة على التوالي معدل الاستهلاك العالمي بما يعادل ست مرات معدل الاستهلاك في المملكة المتحدة.
وذكرت أنه مع تجاوز النمو السكاني في دول الخليج نسبة اثنين في المائة سنويا وفي ظل التوسع السريع لاقتصاديات المنطقة فإن هناك إقرارا متزايدا داخل العديد من الحكومات الخليجية بعدم إمكان تحمل المعدلات الحالية لاستهلاك المياه .
ولفتت الدراسة إلى أن حكومات الخليج تقر بالمشكلة وقد بدأت باتخاذ تدابير للمعالجة فعلى سبيل المثال ستتوقف المملكة العربية السعودية عن شراء القمح من المزارعين المحليين بحلول عام 2016 وذلك لثني المزارعين عن زراعة القمح وتقليص العبء الذي تفرضه الزراعة على الموارد المائية للمملكة لكن هناك حاجة إلى مزيد من الخطوات.
ونبهت إلى أن الزراعة في دول الخليج تستخدم 80 في المائة من المياه المستهلكة علما بأن مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة قليلة وهو أمر غير ملائم تماما وواحد من الأمور التي يتعين على البلدان تغييره.
وقالت الدراسة انه ليس من الضروري أن تغطي حكومات دول الخليج جميع تكاليف توفير المياه واستهلاكها في بلدانها بل إن الإفراط في استهلاك المياه في المنطقة يظهر التبعات غير المقصودة لكرم الحكومات في هذا القبيل.
وأضافت انه يتعين على الحكومات الخليجية إعادة تصميم هياكل تعريفة المياه حتى يكون التسعير على أساس الاستهلاك حيث يدفع المستهلكون بكميات كبيرة التعريفة الأعلى وهذا من شأنه أن يقلص هدر المياه.
ونوهت الدراسة بأن تحلية المياه المالحة تؤمن نسبة الثلثين أو أكثر من كميات مياه الشرب المستهلكة في دولة الإمارات والكويت وقطر والبحرين وسوف تستمر في تأدية دور محوري في جهود تطوير قطاع المياه في مجلس التعاون الخليجي غير أن التحلية ترتب تكاليف اقتصادية وبيئية باهظة فإن تكلفة دولار واحد لتحلية متر مكعب من المياه المالحة لا تزال عالية نسبيا لإنتاج مياه الشرب.
وبينت أن تحلية مياه البحر عملية مستنفدة للطاقة إذ تستهلك الطاقة ثماني مرات أكثر من مشاريع المياه السطحية وتستحوذ على نسبة تتراوح بين 10 إلى 25 في المائة من استهلاك الطاقة في مجلس التعاون الخليجي ويضاف هذا إلى مشاكل استهلاك الطاقة التي تعاني المنطقة منها أصلا كما أن عملية التحلية تحتم إعادة الملح إلى الخليج العربي والمصادر المحيطية الأخرى مما يضر بالثروة البحرية ويخلف مخاطر بيئية جديدة..