كم أنا سعيد بنزول السلفيين إلى معترك الحياة السياسية والانخراط فى واقع كثيرا ما كانوا بعيدين عنه ولعل هذا الصدام الصحى بالواقع العملى فى شؤون السياسة والإقتصاد والإجتماع والفن ؛ سوف يفرز جيلا أكثر إستنارة وربطا عمليا بين الدين والدنيا فى إطار مصلحة المصريين سواء أكانوا مسلمين أم مسيحيين ودون المساس بثوابت العقائد من تحليل لحرام أو تحريم لحلال . لقد خرج السلفيون إلى الحياة وإنصهروا فى المجتمع السياسى ليواجهوا فكرا ليبراليا وفكرا وسطيا ومستجدات التطور التى لا تهدأ ولا تستقر وسيحدث العصف الذى يخرجهم من إطار المسجد إلى أطر الحياة وهذا هو الجهاد الحقيقى فالآن سيقفون فى المنطقة الوسطى ما بين المسجد والحياة وستحدث الوحدة الإندماجية البعيدة عن التنظير وبلاغة الخطباء , والقريبة من خلط الدين بالحياة وهنا يحدث الصراع وهنا تكون القيمة الحقيقية للسلفى الذى يوازن بين دينه ودنياه وبين ما يقتضيه دينه وما تقتضيه دنياه من قديم قد تطور ومستحدث قد حدث ؛ لأن التطور سنة كونية والتطور حقيقة واقعية وتاريخية وأن الجمود الذى لا يواكب حتمية التغيير والتطوير مصيره الفشل والفناء , لأن للواقع وللمجتمع قوته فى إدارة شؤون الحياة كما أن للشعوب قوتها وسطوتها فى التغيير وأن أى عوائق تقف فى مصلحة الشعوب سوف تنهار وتكون إلى زوال ومن هنا فينبغى على الفكر السلفى أن يستعيد نضجه وعنفوانه الذى كان عليه فى القرنين الثالث والرابع الهجرى فى التطور والارتقاء والأخذ بأساليب الحضارة والمدنية التى لا إفراط فيها ولا تفريط ليحقق آمال الشعب الذى وثق فيه وإختاره ليكون هو سفينة النجاة والأمل الذى يتشبث به البسطاء الكادحون الذين يرون الدين هو طوق النجاة فى الدنيا والآخرة وتلك أمانة فى أعناق الإخوان السلفيين .