نشر ثقافة التذوق الجمالى، والارتقاء بوعى طلاب المدارس بالقيم الجمالية المعمارية هذا الكلام تم الاتفاق عليه بين وزارتى التربية والتعليم والثقافة و ذلك لأن النواحى الجمالية الفنية تدعم تنمية شخصية الطالب، ووسيلة لمواجهة العنف بين التلاميذ حسب كلام الدكتور أحمد زكى بدر وزير التربية والتعليم، بالطبع كلام جميل فى ظاهره، لكن من حق الجميع أن يقف للحظة، ويسأل، بأمارة إيه؟!
الطبيعى أن الاهتمام بمثل هذه الأمور يعد نوعا من الرفاهية أو يأتى فى مرحلة لاحقة، بعد أن تكون العملية التعليمية خرجت على أكمل وجه، وحصلنا بالفعل على منتج تعليمى متميز، لكن على ما يبدو أن وزارة التربية والتعليم تناست مشاكل أهم، استعصت على الحل، أهمها أن مدارسنا الإعدادية والثانوية يوجد بها عدد كبير من الطلاب لا يجيدون القراءة والكتابة، علاوة على مشاكل تسرب الطلاب وكثافة الفصول، وتدنى مستوى المعلمين، وأخطاء المناهج ، وأزمة الدروس الخصوصية، والعنف المدرسى الذى وصل ل37 حالة فى 3 شهور والمعلن عنه لا يمثل سوى 10% من الحالات، وغيرها الكثير. وإذا كنا نتحدث عن ثقافة التذوق الجمالى، لابد أن نتساءل: أى جمال يقصدون؟، هل يتحدثون عن مدارسنا التى لا تأخذ شكلا معماريا سوى المكعبات المثيرة للملل؟، فمعظم مدارسنا لا تصلح لتقديم خدمة تعليمية ناجحة، فهى غير مشيدة لأغراض تعليمية، وذلك حسب التقرير الصادر عن المجلس القومى للتعليم والبحث العلمى، التابع للمجالس القومية المتخصصة، وحتى ان تغاضينا عن ذلك، فمبانى المدارس مليئة بالهموم، فلدينا مدارس آيلة للسقوط، وأخرى مستأجرة (عددها حوالى 1572 مدرسة)، علاوة على عدم وجود مرافق صرف صحى وعدم وصول مياه صحية لبعض المدارس، وغياب النظافة والتهوية والإضاء السليمة داخل الفصول، وانتشار مقالب القمامة بجوار المدارس، كما أن 25% من المدارس لا يوجد بها أماكن للأنشطة حسب كلام الدكتور رضا أبوسريع وكيل أول وزارة التربية والتعليم. هذه هى مدارسنا التى سيحاولون نشر ثقافة التذوق الجمالى بها، قد يقول البعض أن العلم أهم من كل هذه المظاهر، لكن البيئة المحيطة لها دور كبير فى مدى تقبل الطالب للتعليم، ضربة بسيطة على مؤشر جوجل كانت كفيلة بأن تظهر لنا آلاف الصور للمدارس والفصول فى عدد من دول العالم، أقل ما توصف به بأنها أكثر من رائعة، وهنا لا يمكن إلا أن نقول أن التعليم متعة حقيقية، وشكل المدارس والفصول يدفعك لأن تنتظر اليوم الدراسى بفارغ الصبر، بدلا من الهروب من على أسوار المدارس. الدكتورة زينب حسن حسن أستاذ أصول التربية بكلية البنات جامعة عين شمس أكدت أن فكرة الإهتمام بالتذوق الجمالى لدى التلاميذ أمر مهم، لأنه يقوم بترقية ذوق التلاميذ ويهذب نفوسهم، لكن بالتأكيد هناك أولويات، من بنية أساسية خاصة بالعملية التعليمية، فهذا يمكن تمثيله بإنشاء حديقة جميلة وسط منطقة عشوائية، بالتأكيد سيتم تخريبها، على العكس إذا تم زراعتها فى منتجع سياحى، أو منطقة راقية، الخلاصة أن نبدأ من قاعدة الهرم وليس من قمته، فطلابنا لن يستفيدوا شيئا فى الوضع الحالى للتعليم من تطبيق فكرة التذوق الجمالى .. فهم أصلاً لا يتعلمون وبالتالي طبيعي أنهم لا يتذوقون لا الجمال ولا غيره !!